دماء على أبواب الجامعة

الدار البيضاء اليوم  -

دماء على أبواب الجامعة

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

دماء (نيرة) في أعناقنا جميعًا. مَن يلوذ بالصمت كأنه يغرس السكين في رقبتها مجددا. من يبرر أن القاتل استمع إلى كلمة جارحة فقرر الانتقام، لم يسأل نفسه: هل من العادى أن يحتفظ الإنسان بسكين في جيبه، أم أنه كان يخطط للجريمة، سواء أكانت هناك كلمة جارحة أم مجرد رغبة منها في إنهاء العلاقة؟.مع الأسف، الإعلام المصرى بتلك النظرة الذكورية يلعب دورًا محفزًا في زيادة معدلات الدماء وتبرير الجريمة وتقليص مساحة الحرية، عندما يطل علينا أكثر من داعية في أعقاب تلك الجريمة ليؤكد شرعية الحجاب، باعتباره أول حائط صد، متحدثًا عن المرأة المتبرجة (كما يطلقون على غير المحجبة) كمشروع للغواية، وأنها مثل قطعة الحلوى، يجب أن تغطى بورق السوليفان الأسود، حتى لا يتكاثر حولها الذباب، مبررًا حق الذباب في التهام الحلوى.

وأيضا في إسالة دمائها لو تمنعت.. وجدوا في جريمة القتل فرصة ذهبية لتبرير خطتهم لفرض الحجاب.. هناك صمت على كل الانتهاكات المماثلة، مثل الاعتداء على غير المحجبات في المواصلات العامة، مناقشة الحجاب واحدة من (التابوهات) الممنوع الاقتراب منها برامجيًا أو دراميًا، وعندما تذكّرهم بمصر الستينيات التي كانت بلا حجاب وأيضا بلا تحرش وبنات وزوجات شيوخ الأزهر كن بلا حجاب، يُشعرونك وكأن مصر لم تعرف الإسلام حقًا إلا قبل 50 عاما، عندما بدأ الحجاب يفرض سيطرته على الشارع.

لا أفصل كل ذلك عن أستاذ الطب عندما يعزى المرض النفسى إلى تراجع الإيمان.لا أحد ينكر قطعا أن الإيمان بالله يهدى النفوس.. لكن السؤال: كم مؤمن عبر التاريخ انتحر؟.

لديكم المعادلة السحرية للجمع بين العلم والإيمان، التي قدمها يحيى حقى في روايته (قنديل أم هاشم) التي صدرت عام 1940 وقُدِّمت كفيلم بعدها بأكثر من ربع قرن، عندما صنع طبيب العيون هذه المزاوجة، عالج عيون سميرة أحمد بالعلم الحديث، ولم يحطم قنديل (أُم هاشم)، إلا أنه لم يستخدم أبدًا قطراته للعلاج.

نحن أسرى الخرافة، وهناك مَن صدّق أنه من الممكن أن يجد علاجا في المصارف الصحية.. وفى إحدى القرى الهندية في عز (كورونا) قبل أكثر من عام، وجد بعضهم العلاج في دهان روث البهائم، الخرافة عابرة للحدود الجغرافية والدينية.

قتل فتاة المنصورة كشف حقيقة المأزق الذي نعيشه جميعا، المتمثل في تلك النظرة الدونية للمرأة، لا أحد يتحمل المسؤولية، وأولهم جامعة المنصورة التي سارعت بإصدار هذا البيان الذي يؤكد براءتها، لأن الحادث تم أمام باب الجامعة وليس داخلها.. ماذا لو انتظر القاتل قليلا حتى تدخل الضحية الجامعة، هل كانت الإدارة وقتها ستشعر بالمسؤولية أم ستجد حجة أخرى؟، هناك فارق بين المسؤولية الجنائية والمسؤولية الاجتماعية، الأخيرة لا يعنيها بالضبط مكان الجريمة، داخل الحرم أم أمام الباب.

سبق أن انتفضت هذه الجامعة لأن أحد الطلاب تقدم لخطبة فتاة في الحرم الجامعى، واعتبرت الشؤون القانونية ذلك جريمة بشعة تنال من هيبة الجامعة، تستحق إنذارًا بالفصل، وجامعة أخرى منعت طالبة من ارتكاب فعل فاضح وهو ارتداء فستان.. وبالفعل، تم تصوير الفتاة بعدها وهى ترتدى البنطلون، وعلى الميمنة والميسرة سيدتان منتقبتان من هيئة التدريس.. ووصلت قطعًا الرسالة بأن النقاب بعد الحجاب هو الهدف الأسمى!!.

ليس أمامنا سوى أن نتحرك سريعًا صوب تحديث الخطاب الدينى، لنعيد تحديث الخطاب الاجتماعى. ألمح طابورًا آخر بعد (نيرة)!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دماء على أبواب الجامعة دماء على أبواب الجامعة



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني

GMT 00:42 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

تعرف على أبرز صفات "أهل النار"

GMT 15:58 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

"القرفة" لشعر صحي بلا مشاكل ولعلاج الصلع

GMT 11:49 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

توقيف صاحب ملهى ليلي معروف لإهانته رجل أمن

GMT 11:52 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

"زيت الخردل" لشعر صحي ناعم بلا مشاكل
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca