أصوات العرب: «لقاء السحاب»

الدار البيضاء اليوم  -

أصوات العرب «لقاء السحاب»

سمير عطاالله
بقلم: سمير عطا الله

كان ذلك ربما آخر وأعظم لقاء فني في تاريخ الإذاعة وعصر الراديو. بعد مكابرة دامت سنوات طويلة قرر العملاقان «أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب» لقاء «السحاب» أو أعلى. وكان العالم العربي كله ينتظر ويتساءل: مَن سوف يهزم الآخر: صوت «الست» أم لحن الموسيقار؟ وكان سؤالاً غبياً. ففي مثل هذه الذُّرى يصبح المزيج واحداً، ويذوب الصوت في اللحن والشعر في الموسيقى وتنحني القمم بعضها أمام بعض. دعوا فتنة الصوت تغنّي.

كان «لقاء السحاب» كأنه امتحان لطالبين مبتدئين: كيف ستغني «كوكب الشرق» بعيداً عن شعر أحمد رامي وموسيقى رياض السنباطي؟ وكيف يمكن للحن عبد الوهاب أن يجاري، أو يتفوق، على أوتارِ شادِيةِ الأمّة وملكة الأصوات؟
كان يعرف كل تلك الأسئلة. وفي مكره المدهش عثر على الجواب. فعندما سأله الأستاذ فاروق جويدة: من هو الأهم في الأغنية، الشعر أو اللحن أو المطرب؟ قال: اللحن. فهذا إبداعه وحده. وللست أن تغني لأحمد شفيق كامل «انت عمري»، وللهادي أحمد «أغداً ألقاك»، وعبد الوهاب محمد «فكروني»، أما اللحن فماذا لم يفعل الموسيقار كي يثبت لها أنها تأخرت جداً في الوصول إلى عوده؟ أعادها شابَّة تغنّي أمام الغيتار للمرة الأولى، وأطال المقدمة الموسيقية متعمداً التأكيد على سيادة اللحن، وتجاهل مراتب موسيقييها التاريخيين وتجعدات الوجوه التي شاخت خلف الكمان والبزق والعود، وأطلق الغيتار كأنه يعزف حراً في أزقّة غرناطة ومقاهي أشبيلية.
لكن على من تمكر يا أستاذ الموسيقيين وموسيقار الجيل؟ مساء ذلك الخميس الأول من كل شهر وقفت وغنّت وغنّت وأعادت وعزّ على الأمة أن تنام وهي تغنّي في البيوت وفي البوادي وفي الفلوات. وكم حزن الذين لا يملكون مذياعاً يواكب سدرة الطرب.
كان سادة الغناء قد بدأوا يشيخون، والراديو بدأ يسلم مكانه للصوت والصورة معاً. وفي أي حال إلى أي عمر سوف يظل يليق بها أن تُلوّح بمنديلها وتردّد: اللي شفتو قبل ما تشوفك عينيّا - عمري ضايع يحسبوه ازّاي عليّا - انت عمري اللي ابتدى بنورك صباحه...
إلى اللقاء...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أصوات العرب «لقاء السحاب» أصوات العرب «لقاء السحاب»



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca