ديمقراطية وبالليموناضة

الدار البيضاء اليوم  -

ديمقراطية وبالليموناضة

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

ارتبط اسم جيرترود بيل بالعراق أكثر من أي اسم استعماري آخر. إنها الخاتون (الليدي) التي كانت مهمتها تنفيذ الجزء العراقي من الخريطة التي يرسمها البريطانيون للشرق. وقد نشأت حول دورها الأساطير. وكانت في تلك المرحلة أول امرأة تتعاطى السياسة على هذا المستوى. أحبت الخاتون العراق حتى قالت يوماً إنها تتمنى ألا يفصلها عنه شيء. وبالفعل ماتت في بغداد عزباء في السابعة والخمسين من العمر. وقيل في بعض الروايات إن موتها لم يكن طبيعياً.

كلما اشتدت الأحداث على بلد ما، عاد إلى التاريخ، ولو بطريقة عشوائية، عله يلقى شبهاً، أو سبباً، في الجذور الماضية: لماذا لم تقم الدولة اللبنانية، لماذا لم يستقر العراق، لماذا جرفت الانقلابات العسكرية سوريا؟ لماذا هذا المشهد في العراق وحده: جماعة الصدر تضمن البرلمان وترمي الانتخابات من النوافذ؟ لماذا هذا التنكيل بالرمز البرلماني وسيادة وخيار الشعب العراقي؟ ولماذا التنافس بهذه الطريقة بين عنفين لا يليقان ولا يجوزان؟
كتبت جيرترود بيل إلى والدها قبل مائة عام من اليوم رسالة من مؤتمر السلام في باريس (1919) تقول فيها: «إن تعقيدات هذه المنطقة لا حدود لها». وبعد انتهاء المؤتمر كتبت إليه رسالة أخرى تقول فيها: إن قيام الدولة العربية أمر مستحيل!
المشهد في برلمان العراق يطرح السؤال: هل نستحق البرلمان؟ أو هل من ضرورة له؟ النائبة اللبنانية سينتيا زرازير، طلبت من قائد الجيش مسدساً لحماية نفسها في البرلمان. ويشترك لبنان والعراق في العجز عن تشكيل حكومة في حين كان وزراء صدام حسين يبقون إلى الأبد إلا إذا كانوا آباء أحفاده، فعندها يقتلون قبل الأبد بقليل.
البرلمانات والحكومات إضاعة وقت، وإن كانت تصلح أحياناً كرفع عتب وخطوة تجميلية. وقد سجل المقتدون فائدة عاجلة ومباشرة عندما راحوا يوزعون على المناصرين، الشاي والليموناضة وشعارات الصمود والتصدي.
يستخدم العراقيون الآن المصطلحات التي يستخدمها اللبنانيون كلما أرادوا التعبير عن صفو خواطرهم، وأبسطها «الحرب الأهلية». كأنما هذا كل ما ينقص لاستكمال حالة البناء والازدهار والطمأنينة التي يعيشون فيها. ويصر على «الحرب الأهلية» السياسيون والمسؤولون الذين يتوقع الناس منهم أن يعدوهم بالأمن والسلم والحياة. في الماضي كنا نتهم الخاتون جيرترود بذر التفرقة ونرمي كل شيء على «الإنجليز»، ثم تحولنا إلى الصهيونية والأميركيين. والآن نبحث في هذا المشهد الخليط من الليموناضة والجماهير الاقتحامية لكي نعرف من هو المسؤول الحالي عن خراب البصرة، وسائر الأقاليم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ديمقراطية وبالليموناضة ديمقراطية وبالليموناضة



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca