الرجل صاحب المتحف

الدار البيضاء اليوم  -

الرجل صاحب المتحف

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

لم يبقَ منه سوى هذا الضريح. وقد فجّره كارهوه. ثم أعيد بناؤه من جديد. وإلى جانب الضريح متحف يضم بعض أشيائه. وكل ذلك في قريته الصغيرة، كومروفيتش، حيث ولد. وفي هذا المتحف سوف تتعرف على حياة رجل من أهم الأساطير في تاريخ هذا العالم: الميكانيكي جوزب بروز تيتو، الذي أصبح مارشالاً، والذي أصبح يوغوسلافياً، والذي أصبح أحد أهم زعماء الشيوعية، والذي أصبح الأوروبي الوحيد بين زعماء عدم الانحياز.
انتصر المارشال في الحرب على النازية، وفي السلم وقف في وجه ستالين، وفي الصراع بين السوفيات والصين استطاع البقاء على الحياد.
بنى العامل الميكانيكي السابق يوغوسلافيا، ثم بنى لنفسه يختاً هائلاً من سفينة حربية قديمة كان يدعو إليه أجمل نجمات الجارة الإيطالية على بحر الأدرياتيك. وعاش الرفيق المارشال حياة اليخوت محافظاً على لقب الأمين العام للحزب الشيوعي وخطاب الطبقات الكادحة.
العام 1980 مات المارشال وتوفيت يوغوسلافيا. حل في الأمانة العامة دب يدعى سلوبودان ميلوشيفتش، وانفطرت الجمهوريات اليوغوسلافية، ثم قامت بينها الحروب القديمة، وظهرت أمراض البلقان من جديد، ولم تهدأ الحرب إلا بعد سلسلة من المجازر الرهيبة، وعادت كل جمهورية إلى عرقها وطائفتها، ولم يعد في الأسرة الدولية دولة تدعى يوغوسلافيا تُعقد في عاصمتها بلغراد، قمم عدم الانحياز.
رجل يبني ورجل يدمر. بطل عاقل وجبان مجنون. كل يوم يأتي زوار إلى متحف تيتو ويدوِّنون في دفاتره شيئاً من مشاعرهم. غالباً باللغات التي كانت تتألف منها الجمهوريات السابقة: صربيا، سلوفينيا، كرواتيا، ومونتي نغرو. منهم من يكتب «تيتو، إننا نحتاجك الآن»، ومنهم «تيتو نحبك»، ومنهم من يكتفي بإضافة شيء من الورود، إلى الأكاليل اليومية التي تضعها هيئة المتحف. لا يزالون يأتون كل يوم لإلقاء التحية على الرجل الذي غاب منذ أربعين عاماً.
وكل فترة تضاف أسطورة جديدة إلى أحجيته لأن الناس لا يمكن أن تصدق بساطة الحقائق. منهم من يقول إنه كان عميلاً سوفياتياً متخفياً. ومنهم من يدّعي أنه على اتفاق سري مع ستالين. ومنهم أنه كان أميركياً. والبعض قال إن الحركة الماسونية كانت تدعمه.
سواء صح شيء من هذه الأقاويل أم لم يصح، يبقى صاحب المتحف الصغير في «كوم بتروفنا» أسطورة أكبر من الواقع. خصوصاً بين الزعماء الشيوعيين الذين جاءوا مثله من خلفيات متواضعة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرجل صاحب المتحف الرجل صاحب المتحف



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 17:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 02:52 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

العثور على أهرامات متنوّعة قبالة سواحل جزر البهاما

GMT 05:32 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

"جواغوار" تطرح سيارتها طراز E-1965 للبيع 5 حُزيران

GMT 16:36 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

العجز المالي لمولودية وجدة يبلغ 700 مليون سنتيم

GMT 15:14 2015 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

صعقة كهربائية تودي بحياة عامل بناء ضواحي مراكش

GMT 05:18 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء يحددون مكان بداية مرض الزهايمر المدمر في المخ

GMT 05:42 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

سراييفو تعتبر واحدة من أكثر المدن إثارة في أوروبا

GMT 04:34 2018 السبت ,10 شباط / فبراير

عَرْض سيارة إلتون جون موديل 1997 الوحيدة للبيع

GMT 07:41 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

تجميع أكبر خريطة قديمة بعد أكثر من 400 عام

GMT 04:41 2014 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

مها أمين تطرح مجموعة جذابة من تصميمات "الكروشيه"

GMT 17:30 2016 الخميس ,29 أيلول / سبتمبر

الهولندي أرين روبن يسعى للبقاء مع "بايرن ميونيخ"

GMT 03:09 2014 الجمعة ,19 كانون الأول / ديسمبر

بريطانية تنجب 4 توائم دون تدخل طبي وبعد انتظار 4 سنوات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca