المبعوث الثامن

الدار البيضاء اليوم  -

المبعوث الثامن

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

قبل أي شيء، عذراً من جميع أصدقائي في ليبيا. ومن كل ليبي لن تعجبه هذه المقالة، خصوصاً ذوي الغضب السريع، ويشمل ذلك أهل المنطقة الغربية، والشرق سابقاً وفزان، التي منها مفكرنا وأديبنا وزميلنا عبد الرحمن شلقم. المحللون العرب والأجانب يقارنون الوضع في ليبيا بالوضع في لبنان وفي العراق وسائر الخريطة البركانية.
غلط. مع تعيين المبعوث الدولي الثامن، تشبه ليبيا شبهاً غريباً الكونغو غداة الاستقلال... حكومتان ومجلسان وعاصمتان وذهب واحد ومناجم واحدة؛ سائلة أو جامدة. ما يقال عما هُدر من مال منذ نهاية القذافي لا يصدَّق؛ لأنه جنوني. وما قيل عما قبل نهايته أكثر جنوناً. ومثل الكونغو؛ مناطق مناطق، ومدن مدن، وجيوش وميليشيات، وشعب يعيش في الخوف.
مَن يقاتل مَن؟ القبائل أم قوى الأمن أم بقايا الجماهيرية وأموالها؟ لماذا وكيف أطل سيف الإسلام القذافي ثم اختفى؟ ولماذا أخفق سبعة مبعوثين دوليين ويستمرون، ولماذا لم تنشأ بعد كل هذه السنين قوة قادرة على جمع، أو ضبط، أو توحيد كل هذه المجموعات غير القادرة على الحسم؟
مثل الكونغو؛ ثروات بلا حدود. وما يكفي للجميع. مساحة قارية على عدد قليل من السكان. والجميع كان يحلم أنه بعد أربعين عاماً من الفوضى الصامتة سوف يهرع الليبيون إلى الاستقرار والهدوء والحياة العادية. لكن ليبيا لم تهدأ يوماً واحداً. ولم تجرب الحياة الطبيعية يوماً واحداً. وتبدد كل شيء في النزاعات الصغيرة، ثم تطلب من مبعوث دولي محدود الإمكانات أن يحل مشكلاتها.
كانت ليبيا دولة فقيرة بدائية لكن فيها كل أصول الدول والحكم. وكانت على طريق سوي وعادل عند وصول الجرف العسكري الذي حوّل الدولة إلى لعبة صبيانية. وعندما انتهت تلك المرحلة الهزلية، كانت ليبيا في حاجة إلى رجالها وأركانها ومفكريها، وليس إلى مبعوث قرأ عنها في الكتب. المبعوث الثامن في ليبيا يذكّر تماماً بالمبعوثين الدوليين إلى الكونغو. رجل لا يصدق أن هؤلاء السادة مختلفون ولا يعرف على ماذا. والخطر الأكبر أن تطول هذه الحال ويعتاد الليبيون هذا النموذج... شبه دولة، شبه حياة، شبه أمن، شبه مستقبل. وفي النهاية لن يبقى ما تستعاد به الدولة الليبية. الجدل يؤدي إلى مزيد من الجدل، والعبث، وإضاعة الوقت. شعب في حاجة إلى دولة قانون بسيطة؛ لا عظمى ولا حاملة النظرية الثالثة. وحظاً سعيداً للمبعوث الثامن، والتاسع، والتاسع عشر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المبعوث الثامن المبعوث الثامن



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca