لا أحد يتذكر

الدار البيضاء اليوم  -

لا أحد يتذكر

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

ربما لأن العالم الغربي كان ملهياً باحتفالات «الكريسماس». ربما لأن المسألة نفسها لا تستحق حقاً التذكر. مهما كان السبب، فالذي نسميه التاريخ هو شيء رهيب حقاً. هذه المرة لم يتذكر أحد أن ثلاثة عقود قد مرت على ذلك المشهد الذي لم يصدقه أحد: إنزال العلم السوفياتي، المنجل والمطرقة، عن قبة الكرملين، إيذاناً بأن الدولة الكبرى، التي غطت ثلاثة أرباع الأرض، قد انتهت. لا اتحاد سوفياتي بعد اليوم. لا عالم شيوعي. لا إلحاد، حتى في روسيا، بلاد لينين.
ذلك يوم لم يكن يتوقعه أحد، حتى الذين عملوا في سبيله. وإذا كان الجيل ثلاثين عاماً، كما يحسب في الغرب، فإن جيلاً كاملاً في العالم، ولد بعد أفول الدولة التي هددت الرأسمالية والغرب والقوة الأميركية، نحو ثلاثة أرباع القرن، في ميدان الفضاء والقوة النووية والآيديولوجيا.
كما تغير الميزان العالمي مع قيام الاتحاد السوفياتي، تغير على نحو أكثر درامية مع سقوطه. تغير شكل الحياة في أوروبا الشرقية، وعادت الكنيسة الروسية إلى مكانتها الأولى في موسكو، ودخلت روسيا الاتحادية العصر الرأسمالي وحياة الثراء وانتهى «حلف فرصوفيا»، وبدت روسيا دولة ضعيفة وخرجت من مدارها أيضاً الجمهوريات الإسلامية.
كل هذه التغيرات لم تستحق نظرة عليها وعلى انعكاساتها بعد ثلاثين عاماً، وثمة جيل قد مضى الآن. والرئيس الروسي يحاول أن يلملم بقايا الصداقات القديمة في سوريا وبيلاروسيا وجورجيا والقرم. والتغير الأهم المصالحة التي قامت بين روسيا والصين بعد أعوام طويلة من العداء، خصوصاً أن الصين أيضاً كانت قد دخلت بعد غياب ماو تسي تونغ، في مرحلة الانفتاح واعتماد النظام الاقتصادي الرأسمالي، غير أن ذلك لم يشمل الحزب الشيوعي كما حدث في موسكو، حيث تحول من الحزب الواحد إلى حزب ثانوي صغير. وسقط نظام الحزب الواحد أيضاً في دول العالم الثالث التي قلدته، ومنها مصر وسوريا والعراق. ومع أفول موسكو السوفياتية غابت تجمعات هائلة عرفها العالم، مثل كتلة عدم الانحياز والحياد الإيجابي، والكتلة الأفريقية الآسيوية، وكلها تسميات معادية في الواقع للولايات المتحدة، تدعمها روسيا والصين.
ثمة جيل الآن في العالم لا يعرف شيئاً عن ذلك الانهيار التاريخي. وحتى في روسيا نفسها لم يعد سوى موضع تعليقات ثانوية. برلين التي كانت رمز الجدار والصراع عادت مدينة للفنانين والهيبيين. ولم يعد ممكناً في هذا العالم الجديد ظهور شيء مثل ستالين وسفاحته وسفاحيه.
وما كان الاتحاد السوفياتي بلا إنجازات في دولة كبرى احتلت موقعها الأول واحتل شعبها المراتب الأولى في العلوم والحرب والأدب والثقافة وفي الفنون والرياضة. والذي أخفق في نهاية الأمر هو النظام الماركسي الذي أخفق في كل مكان آخر، بحيث أزاحته الصين جانباً لكي تصبح أسطورة الاقتصاد العالمي!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا أحد يتذكر لا أحد يتذكر



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 20:11 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 09:26 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

إعادة سلحفاة نادرة إلى مياه خليج السويس بعد علاجها

GMT 01:32 2014 الأحد ,27 تموز / يوليو

طريقه عمل مفركة البطاطا

GMT 08:20 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

منزل بريطاني على طريقة حديقة حيوان يثير الإعجاب في لندن

GMT 06:11 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

أسهل طريقة لإعداد مكياج رائع لجذب الزوج

GMT 00:03 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

قرار بخصوص مشروع ملكي مغربي يُربك حسابات إلياس العماري

GMT 13:59 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

هجرة "النجوم" شرًا لا بد منه

GMT 04:24 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

السجن 10 سنوات للجهادي المرتبط بمهاجمة "مانشستر أريينا"

GMT 16:31 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

فنانة صاعدة تهدد مخرج مغربي بـ"فيديو إباحي"

GMT 10:51 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنان أمير كرارة يفاجئ المعجبين بإطلالة مختلفة تمامًا

GMT 22:31 2015 الإثنين ,09 آذار/ مارس

الأزرق والأخضر أبرز ألوان المطابخ في 2015
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca