مدن الإسلام: احتلال القرن الذهبي

الدار البيضاء اليوم  -

مدن الإسلام احتلال القرن الذهبي

سمير عطاالله
بقلم : سمير عطا الله

وفي فجر الثاني والعشرين من أبريل (نيسان)، وبعد أن تصارع لأكثر من يومٍ مع معضلة احتلال هذه المدينة المحصنة، وزار جيوشه المتمركزة في شمال غلاطيا، وقدر قوات أسطوله الموجود في منطقة العمودين المزدوجين، وبعد أن استنتج أن إطالة النضال قد تؤدي إلى تشويه جيشه، اتخذ السلطان محمد قراراً عبقرياً كونه استراتيجياً عسكرياً وقائداً.
انتبه السلطان إلى أنه إن استطاع أن يحتل القرن الذهبي، فسيتمكن من مهاجمة المدينة من زاوية أخرى، ما سيجبر قسطنطين على استنزاف موارده، ونقل المزيد من رجاله من الدفاع عن الجدار إلى حماية المنطقة الشمالية، إلا أن السلطان فشل في اختراق الدفاع واحتلال القرن الذهبي، فلجأ إلى حلٍ بديلٍ خلاق غير متوقع إطلاقاً: تحت غطاء سد من نيران المدفعية المتجهة نحو سفن قسطنطين، تم تحميل الأسطول العثماني على هياكل حمالة مزودة بدواليب، كل سفينة بدورها يدوياً، ومن ثم تم نقلها عبر سككٍ خشبية بنيت بسرعة ومسحت بدهن الحيوانات لتسهيل جرها طيلة مسارٍ يصعد ميلاً ونصف الميل على هضبة تقع خلف أسوار غلطة وترتفع سبعين متراً عن سطح المياه. فيما راح البحارة، تلبية لأوامر السلطان، يجدفون في الهواء ممازحين ومطلقين صيحات الفرح على وقع أصوات الأبواق، وكانت عملية الإنزال عن الهضبة والدخول في المياه حذرة، وحطت السفن خلف الجبهة الدفاعية، في وادي الينابيع.
من خلال هذه الحيلة العبقرية وسريعة التنفيذ، تمكن العثمانيون من السيطرة على القرن الذهبي من دون أي معركة. والبنادقة الذين كانوا قد تسلموا العمليات البحرية، أبطلوا عملهم، وما زاد من تأزم الوضع في البحر هو فشل العملية التي كان من المفترض أن تكون مفاجئة ومضادة للأسطول العثماني في الثامن والعشرين من أبريل، بعد أن طالب الجنوييون البنادقة بتأجيلها، قبل أن يُكشف أمرها قبل تنفيذها. وتضاعفت خسائر البنادقة بعد مواجهة أخرى، وحتى الناجون منها الذين استطاعوا أن يلجأوا سباحة إلى الشاطئ، تم اعتقالهم وطعنهم بالخازوق في العلن أمام جدران المدينة. وقابل قسطنطين هذا العنف بعرضٍ من القتل بالدم البارد من جهته، فأمر بذبح السجناء العثمانيين الـ260، الواحد تلوَ الآخر، وتعليق جثثهم على جدران السور، على مرأى من جيش السلطان محمد.
إلى اللقاء...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن الإسلام احتلال القرن الذهبي مدن الإسلام احتلال القرن الذهبي



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:00 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 08:31 2018 الخميس ,20 أيلول / سبتمبر

سعر الدرهم المغربى مقابل اليورو الخميس

GMT 13:15 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روماو يحدد قائمة لاعبي "الجيش" لمواجهة "المغرب الفاسي"

GMT 03:32 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة توضح دور الخوف في عملية انقراض الحيوانات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca