مدن الإسلام: بناء القُبّة الحجرية

الدار البيضاء اليوم  -

مدن الإسلام بناء القُبّة الحجرية

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

حافظت القيروان تاريخياً بجزئها المركزي وضواحيها على نسيجها الحضري بتشكيلاتها ومكوناتها المعمارية وتصميماتها الهندسية، ولم يؤثر التكيف مع أنماط الحياة الجديدة والمتطلبات الاجتماعية والاقتصادية، وكذلك أعمال الترميم التي تم تنفيذها مع مرور الوقت، على الأصالة والهيكلية الجوهرية.

لم تكن شمال أفريقيا في القرن السابع بالمكان السهل لتأسيس مدينة جديدة، حيث تطلب الأمر محاربة البيزنطيين وإقناع البربر، السكان الأصليين لشمال أفريقيا، بقبول حكم إسلامي مركزي، علاوة على إقناع تجار الشرق الأوسط بالانتقال إلى شمال أفريقيا. لذا، وفي عام 670 م، بنى القائد سيدي عقبة مسجد الجمعة بالقيروان في تونس الحديثة، كما كانت تعرف آنذاك. كان المسجد إضافة مهمة وإشارة، في ذلك المكان والزمان، إلى أن القيروان ستصبح عاصمة عالمية تحت سيطرة إسلامية قوية. الجامع الكبير كان مثالاً مبكراً لمسجد بُني وفق طراز مخطط الأعمدة، الذي يعكس أيضاً كيفية دمج الفن والزخارف لما قبل الإسلام في العمارة الدينية لشمال أفريقيا الإسلامية. خلال القرن الثامن، أُعيد بناء مسجد سيدي عقبة مرتين على الأقل مع ازدهار القيروان. ومع ذلك، فإن المسجد الذي نراه اليوم يعود في شكله الحالي إلى القرن التاسع. كان الأغالبة (800 - 909 م) حُكّاماً شبه مستقلين لجزء كبير من شمال أفريقيا. في عام 836 قام الأمير زيادة الله الأول بهدم معظم الهياكل القديمة المبنية بالطوب اللبن، وأعاد بناءها بحجر وطوب وخشب أكثر ثباتاً. قاعة الصلاة أو الحرم، شُيّد مدعوماً بصفوف من الأعمدة وفناء مفتوح، هذه كانت سمة من سمات مخطط الأعمدة. في أواخر القرن التاسع تم تحديث مدخل الفناء إلى مصلّى وأُضيفت قبة على الأقواس المركزية والبوابة، تؤكد موضع محراب الصلاة. تسمح النوافذ الصغيرة الموجودة في أسطوانة القبة فوق مساحة المحراب بدخول الضوء الطبيعي إليه. وترتكز الأسطوانة على حنيات ركنية، وهي عبارة عن أقواس صغيرة مزينة بصدف على زخارف وردية تمثل الفن الإسلامي الروماني والبيزنطي، وكذلك العصر الأموي. تم بناء القبة الحجرية من أربعة وعشرين ضلعاً يحتوي كل منها على حافة صغيرة في قاعدتها، لذلك تبدو القبة مثل شمام مقطّع، وفقاً للمؤرخ المعماري كي إيه سي كريسويل K A C Creswell.

استمر تعديل المسجد حتى ما بعد الأغالبة مما يدل على أنه ظل مهمّاً دينياً واجتماعياً حتى مع تدهور القيروان. المعز بن باديس (1016 - 62 م) الزيري، أمر بإضافة مقصورة خشبية، وهي مساحة مغلقة داخل المسجد كانت مخصصة للحاكم ورفاقه. يتم تجميع المقصورة من حواجز خشبية مقطوعة، تعلوها شرائط من الزخارف النباتية المجردة المنحوتة والمثبتة في إطارات هندسية، ونقوش بالخط الكوفي وثلمات تبدو مثل الشقوق أعلى جدار القلعة. يقال إن المقصورات كانت تشير إلى عدم الاستقرار السياسي في المجتمع، يعزلون فيها الحاكم عن بقية المصلين. لذا كانت العلبة مع نقوشها للحماية من الشر وتأكيد مكانة الأشخاص المسموح لهم بدخولها.

إلى اللقاء...

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن الإسلام بناء القُبّة الحجرية مدن الإسلام بناء القُبّة الحجرية



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني

GMT 00:42 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

تعرف على أبرز صفات "أهل النار"

GMT 15:58 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

"القرفة" لشعر صحي بلا مشاكل ولعلاج الصلع

GMT 11:49 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

توقيف صاحب ملهى ليلي معروف لإهانته رجل أمن

GMT 11:52 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

"زيت الخردل" لشعر صحي ناعم بلا مشاكل
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca