مدن الإسلام: علامة القدس

الدار البيضاء اليوم  -

مدن الإسلام علامة القدس

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

لم تهرق الدماء حول مكان في الأرض كما أهرقت في «زهرة المدائن». أنشئت العام 3000 قبل الميلاد، ودمرت مرتين على الأقل، وحوصرت 23 مرة، واحتُلت ثم أعيد احتلالها 44 مرة وتعرضت لـ52 حملة، وخسر العرب شرقها في حرب 1967، التي عرفت بالنكسة، ورغم ما تفننا في البحث عن أسماء ذات طابع تبريري، أو بالأحرى، «تبريئي» فاتنا جميعاً الاسم الأكثر دقة وتوصيفاً: حرب الخطأ العام.
قبل سنوات قرأت دراسة في «الموند»، إحدى أكثر الصحف ثقة، أن من بين المراحل التي مرت على القدس، كانت المرحلة اليهودية أقصرها، وهي لم تتجاوز 35 عاماً. ومن دون أي شك، كان دخول عمر بن الخطاب إليها، الأكثر نبلاً ورقياً. ويصور الأخوان رحباني في تحفتهما «زهرة المدائن» علاقة الإسلام والمسيحية بالمدينة قائلين: «لأجلك يا مدينة الصلاة أصلي / لأجلك يا بهية المساكن / يا زهرة المدائن / يا قدس يا مدينة الصلاة أصلي / عيوننا إليك ترحل كل يوم / تدور في أروقة المعابد / تعانق الكنائس القديمة / وتمسح الحزن عن المساجد / يا ليلة الإسراء / يا درب من مروا إلى السماء».
استغل الصليبيون القدس من أجل حشد أوروبا خلف حروبهم الحمقاء. واستغلها اليهود حول العالم نقطة اجتذاب للتجمع في فلسطين. وعندما خسرها الأردن في حرب 67 فقد المسلمون حول العالم الحج إلى أولى القبلتين والمدينة المقدسة الوحيدة خارج الجزيرة العربية وأرض الرسالة.
تحسباً لضم القدس الشرقية ذات يوم، جرى الاقتراع بأن تكون المدينة «كياناً مستقلاً» للأديان الإبراهيمية. وكان رد إسرائيل بأنها نقلت العاصمة من تل أبيب إلى القدس. وكانت الولايات المتحدة تتردد في هذا الاعتراف، لكنها تجاوزته أخيراً.
عبر المسلمون عن فتوحاتهم بنشر الرموز الإسلامية حيثما حلوا. وعندما بنى الخليفة عبد الملك بن مروان قبة الصخرة العام 692 جعلها تعلو وتطغى على كل بناء آخر في المدينة، خصوصاً الديني منها، بحيث لا يعود هناك شك في هويتها. عندما جاء ابن بطوطة إلى المدينة بعد ستة قرون صيف 1326 أذهله منظر القبة العظيمة: «قبة الصخرة بناء فائق الجمال والصلابة والأناقة وفريد في هندسته». وأقر الرحالة المغربي بأنه ليس من كلمات ممكن أن تصف عظمة القبة الذهبية المشعة من الداخل أو الخارج: كتلة من البرق تصيب الناظر بالذهول والخشوع.
تغيرت القرون وتبدلت على مدينة الأقصى. مراحل من التعايش ومراحل من الاحتراب ومراحل من السلم. لكن ما من مدينة أخرى مر بها «ولأجلك يا قدس يا مدينة الصلاة أصلي / لن يقفل باب مدينتنا فأنا ذاهبة لأصلي / سأدق على الأبواب / وسأفتحها الأبواب».
إلى اللقاء...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن الإسلام علامة القدس مدن الإسلام علامة القدس



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:00 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 08:31 2018 الخميس ,20 أيلول / سبتمبر

سعر الدرهم المغربى مقابل اليورو الخميس

GMT 13:15 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روماو يحدد قائمة لاعبي "الجيش" لمواجهة "المغرب الفاسي"

GMT 03:32 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة توضح دور الخوف في عملية انقراض الحيوانات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca