متحف العطور

الدار البيضاء اليوم  -

متحف العطور

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

كان قرب منزل أهلي مبنى صناعي قديم يعرفه الجميع باسم مصنع الريحة، وهو اسم غير لطيف للمبنى الذي ينتج في داخله أفضل أنواع العطور الفرنسية، تحت الاسم التجاري (116). لم يخطر في بالي، ولا على الأرجح في أحد، الدخول إلى مصنع العطور الوحيد في البلد. وخلال عملي الصحافي قمت بتغطية معظم أنواع الأحداث والصناعات والأشياء التي تثير فضول الناس والقراء. لم يكن بينها يوماً العطر أو اللبان أو... الريحة!
وقد مررت خلال فصول صيف كثيرة في مدينة غراس عشرات المرات، عارفاً أنها تضم أهم مصانع العطور في فرنسا، وبالتالي في العالم أجمع. وأيضاً لم يخطر لي أن أكتب في ذلك الأمر، مفضلاً عليه الحرب العالمية الثانية، وخيانة المارشال بيتان لبلاده، وهو أسوأ عار لحق بالفرنسيين.
في جدة، من غير كل المدن، تلقيت الدعوة لزيارة (متحف العطور) الذي يقيمه محمد أبو مجد، الإعلامي متعدد الابتكارات والوسائل الإعلامية، وها هو يضم إليها الآن صناعة العطور القائمة على الجمع ما بين ثروات العرب من العود والبخور والأشجار المذهلة في عطائها، وما بين تطور هذه الصناعة في مدينة غراس، حيث تمزج المواد الأولية لكي تعطي أصنافاً لا عدَّ لها من الروائح، ابتداءً (بعطر الخيل) وانتهاءً بعطر الحديد الذي يعبأ في زجاجاتٍ مصنوعة من الفولاذ.
تلقى محمد أبو مجد علومه منذ الثانوية في الجامعة الأميركية بباريس، ثم حصل على البكالوريوس والإجازة في الاقتصاد. وقاده ذلك إلى إقامة مجموعة من الشركات التي يمكن وصفها للاختصار على أنها على هامش الإعلان المباشر. وكانت فكرته الإفادة من الأسماء الكبرى التي تظهر على التلفزيونات بشكل غير مباشر، بحيث يظل العنصر الإعلامي خفياً. من هناك راح يتوسع في حقول موازية، أو لا علاقة لها بالفروع الأساسية، وأقام علاقات عملية مع شركاتٍ عالمية كبرى (فيليب موريس)، وكان ذلك يتطلب دراسة جامعية تصل أحياناً إلى ست سنوات، وتبين له أن العطر صناعةٌ (شديدة) التعقيد، لكنها في الوقت نفسه مفيدة لأرباح خيالية. فقد يزيد أحياناً ثمن الزجاجة الصغيرة على ألفي دولار. ومع ازدهار الاقتصاد في المنطقة زادت إمكانات الشراء والاستهلاك. ولم تكن مصادر الصناعة بعيدة أو مكلفة، فها هي سلطنة عمان المجاورة تعتمد على صادرات اللبان والبخور وأشجار العطور، أكثر من اعتمادها على النفط. بل بالعكس هو نفط يسهل قطافه ويسهل تصنيع مواده الأولية.
استضافت جدة في الآونة الأخيرة عدداً من النشاطات الفنية والرياضية والأدبية، وحتى مؤتمراً للفلسفة. وغلبت الرياضة، طبعاً كالمعتاد، وتحوّلت هي والرياض إلى الراليات الدولية. وستمتلئ دور السينما وتعرض المسرحيات. أقامت الرسامة منى القصبي واحداً من أهم المعارض التشكيلية في الغاليري التي يحمل اسمها. لكن أحداً لم يكن يتوقع معرضاً لفنون الصناعة العطرية. والرهان الآن على الفكرة التالية عن محمد أبو مجد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متحف العطور متحف العطور



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 20:11 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 09:26 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

إعادة سلحفاة نادرة إلى مياه خليج السويس بعد علاجها

GMT 01:32 2014 الأحد ,27 تموز / يوليو

طريقه عمل مفركة البطاطا

GMT 08:20 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

منزل بريطاني على طريقة حديقة حيوان يثير الإعجاب في لندن

GMT 06:11 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

أسهل طريقة لإعداد مكياج رائع لجذب الزوج

GMT 00:03 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

قرار بخصوص مشروع ملكي مغربي يُربك حسابات إلياس العماري

GMT 13:59 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

هجرة "النجوم" شرًا لا بد منه

GMT 04:24 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

السجن 10 سنوات للجهادي المرتبط بمهاجمة "مانشستر أريينا"

GMT 16:31 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

فنانة صاعدة تهدد مخرج مغربي بـ"فيديو إباحي"

GMT 10:51 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنان أمير كرارة يفاجئ المعجبين بإطلالة مختلفة تمامًا

GMT 22:31 2015 الإثنين ,09 آذار/ مارس

الأزرق والأخضر أبرز ألوان المطابخ في 2015
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca