مدن الإسلام: احتلال فاس

الدار البيضاء اليوم  -

مدن الإسلام احتلال فاس

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

بين الكتب التي يصل عددها إلى أربعة آلاف والمخططات القديمة، يمكن إيجاد عددٍ من الكنوز الأدبية، لا سيّما مخطوط عن المدرسة المالكيّة في الفقه الإسلاميّ لابن رشد المعروف في الغرب باسم أفيروكن، وبعض من أقدم ما كُتب عن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، لا سيما كتاب «الحديث» للإمام البخاريّ، والنسخة الأصليّة من كتاب «المقدمة» العائدة إلى القرن الرابع عشر لابن خلدون، مع شروح من الكاتب نفسه، ونسخة لا تُثمّن من القرآن عائدة إلى القرن التاسع، مكتوبة بالخط الكوفيّ الجميل على جلد جمل، ما زالت متماسكة بعد مرور أكثرمن 1.100 عام.
وتحدّر بعض مما تحويه المكتبة من سلالة الأسرة المرينية في القرنين الثالث والرابع عشر، حين كانت تحصد المعارك في شبه الجزيرة الإيبيريّة جوائز أدبية بالإضافة إلى الأراضي. ولطالما كانت حماية المكتبة أولويّة بحسب الجزنائيّ، مؤلف «كتاب زهرات الآس في بناء مدينة فاس»، الذي نشر في عام 1365، يذكر فيه أن الكتب كانت تُحفظ خلف ثلاثة أبواب حديدية، مزودة بثلاثة أقفال مختلفة، يحمل مفاتيحها ثلاثة رجالٍ مختلفين.
إن تاريخ مدينة فاس هو عبارة عن قصّة السلالات المغربيّة التي تصعد وتسقط مثل الكثبان في رمال الصحاري المتبدّلة أبداً. إن المرابطين، وهم سلالة البربر، انبعثوا من الصحاري في أواخر القرن الحادي عشر. وفي عام 1070، أسس قائدهم يوسف ابن تاشفين، مدينة مراكش، وهي إحدى المدن الإمبريالية الأربع في المغرب إلى جانب فاس، مكناس والرباط. وفيما لا نعلم تحديداً في أي سنة سقطت مدينة فاس (يُرجّح أنها سقطت بين عامي 1069 و1075)، إلا أن هذه اللحظة كانت حاسمة في تاريخ المدينة، لأن يوسف هو مَنْ ضمّ ضفتي النهر وجمعهما في مدينة فاس الواحدة للمرة الأولى. ورغم عدم دقّة الأرقام، مثل معظم قصص العصور الوسطى، يقال إن نحو 30,000 شخص قتلوا في أثناء احتلال فاس. وفي كتاباته، يُشعر ليون الأفريقيّ القارئ أن يوسف فرض نفسه على المدينة، وجعل جزأيها يتحّدان بصلابة بعد المعركة الدامية. وهذا ما وضع حداً للعلاقة التنافسية بين الضفتين التي كانت تعيق التطوّر المدنيّ، وافتتحت عصراً جديداً لصعود مدينة فاس وبروزها عاصمةً إسلامية عظيمة. وكان يوسُف متمسكاً بدينه، ويقول ابن أبي زرع: «كلما وجد يوسف حياً يخلو من مكان صلاة، أنب سكّانه وأجبرهم على بناء واحد». وأظهر يوسف التزامه الدينيّ، لا سيما من خلال تلبية الجهاد على نطاق أوسع وأكثر عنفاً حين أرسل أسطولاً من سبعين سفينة إلى فلسطين في أثناء الحرب الصليبية الأولى.
إلى اللقاء...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن الإسلام احتلال فاس مدن الإسلام احتلال فاس



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:00 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 08:31 2018 الخميس ,20 أيلول / سبتمبر

سعر الدرهم المغربى مقابل اليورو الخميس

GMT 13:15 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روماو يحدد قائمة لاعبي "الجيش" لمواجهة "المغرب الفاسي"

GMT 03:32 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة توضح دور الخوف في عملية انقراض الحيوانات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca