مدن الإسلام: مليار إفطار

الدار البيضاء اليوم  -

مدن الإسلام مليار إفطار

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

ثمة من عرفوا هذه المدينة وهي بعد في مؤشر الفقر. أعمالها نادرة، ومالها قليل، ولا رجاء إلا في البحر، فيه وفي غوصه وأعماقه وضيق الأنفاس ولزاجة الملح، يمضي الرجال الأشهر الطويلة لكي يعودوا إلى الديرة ومعهم لؤلؤ المواسم وجواهر الأعماق.
وفي رمضان كان أهل الديرة يبقون فيها يصلّون ويعبدون ويسعون في التقرّب من زارع الأعماق وموزع الأرزاق. وإذا ما حل موعد الإفطار، تداعى الجمع إلى سفرة راشد بن سعيد، المفروشة على الأرض، وتربعوا جميعاً حول ما تيسّر من مشاركة، صفاً واحداً وقلباً واحداً وتكبيراً واحداً.
تطوّرت دبي في دنيا التطور من سماحة الأب إلى ريادة الابن. وأصبحت مواسمها الدائمة في بواسق المباني لا في أعماق البحر، وارتفعت أبراجها وصارت الديرة دورة العمران الفسيح. وكل رمضان يتذكّر محمد بن راشد أولئك الذين لم تكن لهم المقدرة على أن يفطروا إلا في رفقة والده. لكن التطور شمل كل شيء. وإلى مائدة صانع دبي المتألقة بين مدن الإسلام، يفطر 11 ألف معوز حول العالم. ومع نهاية الشهر الفضيل، تكون أفضال الله قد بلغت مليار إفطار في نحو 50 بلداً.
البلدة المنسية ذات يوم بين قحط الصحراء وعذاب البحر، أصبحت، على طريقتها النادرة، إحدى أشهر وأهم وأيسر مدن الإسلام. وعندما تفتح مكتبة محمد بن راشد أبوابها، سوف توفّر لزائريها بعض أعظم الآثار والمخطوطات الإسلامية في التاريخ. وتلك الإمارة التي كانت تشكو ندرة الأعمال وغياب الأشغال، هي الآن إحدى أكبر الورش العمرانية في التاريخ. أبراج ضاربة في السماء، وأساطيل تجارية في البحر، ونحو ستة ملايين نسمة يتشاركون الأمن شبه المطلق، والكفاية شبه الكاملة.
كل شيء يلد شيئاً في دبي. لا شيء يذهب سدى. قبل أسبوعين انتهى «إكسبو 2020» بعدما زاره 15 مليون شخص. وسوف يتحول إلى مدينة دائمة يأتي الناس إلى سكناها لا إلى زيارتها. بعدما بدأت «الإقامة الذهبية» مشروعاً أدبياً كهدية للبارزين في العالم من دولة الإمارات، أصبحت الآن مشروعاً سكانياً اقتصادياً قائماً بذاته.
في كتابه «إمبراطوريات إسلامية» الصادر 2020 يضع المؤرخ البريطاني جاستن ماروزي، دبي، إلى جانب 14مدينة إسلامية أخرى، مثل القدس، وطرابلس الغرب، وغرناطة. ويتساءل المرء، بصورة عفوية، على أي أساس؟ ثم يأتي رمضان وتقول لك الأمم المتحدة، إن مؤسسة محمد بن راشد قدمت مليار إفطار لغير القادرين على نعمة الإفطار بعد فريضة الصوم.
إلى اللقاء...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن الإسلام مليار إفطار مدن الإسلام مليار إفطار



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:00 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 08:31 2018 الخميس ,20 أيلول / سبتمبر

سعر الدرهم المغربى مقابل اليورو الخميس

GMT 13:15 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روماو يحدد قائمة لاعبي "الجيش" لمواجهة "المغرب الفاسي"

GMT 03:32 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة توضح دور الخوف في عملية انقراض الحيوانات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca