الكويت تفقد عمدة القوميين

الدار البيضاء اليوم  -

الكويت تفقد عمدة القوميين

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

غاب الدكتور أحمد الخطيب عن 95 عاماً، وعبد الله النيباري عن 85 سنة، في أسبوع واحد، خاتمين نهاية «حركة القوميين العرب» التي كان الخطيب من مؤسّسيها، والنيباري من أبرز وأطيب وجوهها. كان الخطيب أول طبيب في تاريخ الكويت، والنيباري من أوائل الذين تخرّجوا من أكسفورد. وكان كلاهما من أنزه وأعقل الرجال في العالم العربي.
كلاهما مارس السياسة من منطلق أخلاقي، وكلاهما شكّل محطة فارقة في أصول الحياة البرلمانية، بعيداً عن الغوغاء والقبلية والعنجهية الفارغة، التي ضربت مجلس الأمة. ولا شك أن القوميين العرب في الكويت انخرطوا في العمل السياسي حتى القعر، لكنهم تميّزوا عن الرفاق في العالم العربي بلهجة عقلانية وأسلوب واقعي؛ خصوصاً بعد التعب الذي ضرب المؤسّسين، وفي طليعتهم جورج حبش وقسطنطين زريق وهاني الهندي ورفاقهم.
في مرحلة من المراحل كانت الحركة ممثلة في مجلس الأمة بكتلة من 8 أعضاء، جميعهم من الفئة السياسية الأولى، وكانت الكتلة تمثل ثقلاً برلمانياً شامل التقدير، برغم كونها في المعارضة. كما كانت تضم نخبة مميزة من صفوة رجال الدولة الذين يعارضون الحكومات وسياساتها الضعيفة، من دون أن يخلطوا مرة بين الحكومة والدولة، أو بين السلوك البرلماني وسقط الشغب وتفاهة الغوغائيات.
رفع القوميون العرب شعارات، بعضها رومانسي وشاعري، لكنها جميعاً صادقة. وحاولوا مواجهة تدخل الأنظمة، لكنها فتّتتهم، كما فتّتت غيرهم من قبل. وظلت إلى حد بعيد مؤسسة نخبوية عاجزة عن تحقيق أثر عام. واليوم يبدو وكأن صيغة العنف التي أصرّ عليها جورج حبش أضرت الحركة أكثر مما أفادتها.
باستثناء هذا المأخذ السياسي الذي تراجع عنه حبش في السنوات الأخيرة التي أمضاها في دمشق، كما يروي الزميل فؤاد مطر في كتابه عن «الحكيم»، كانت الحركة ناصعة السمعة وفيها كثير من الصوفية، بالمقارنة مع الحركات الفلسطينية الأخرى. وقد التقيت الدكتور الخطيب والنيباري الطيب على مدى سنوات برفقة الفلسطيني الكويتي الملهم عبد المحسن القطان، الذي ظل في محنة الكويت كويتياً في طليعة الأوفياء والحكماء للبلد الذي شرّع أبوابه واسعة لعشرات الآلاف من القادمين بعد النكبة، وللآلاف أيضاً بعد الاجتياح الإسرائيلي لبيروت.
إلى جانب السمعة السياسية والقومية والأخلاقية التي تمتع بها الوجهان الغائبان، تميز كلاهما بسمعة العصامية والجد والاجتهاد. وعندما بلغ النيباري مرتبة أكسفورد، كان قادماً من مسيرة طويلة في المنشأ الصعب والمتواضع. وكان للخطيب خصوم أحياناً، أما النيباري الذي تعرّض مرة لعملية اغتيال من غوغاء إيرانيين، فكانت مودته ترد خصومه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكويت تفقد عمدة القوميين الكويت تفقد عمدة القوميين



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:00 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 08:31 2018 الخميس ,20 أيلول / سبتمبر

سعر الدرهم المغربى مقابل اليورو الخميس

GMT 13:15 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روماو يحدد قائمة لاعبي "الجيش" لمواجهة "المغرب الفاسي"

GMT 03:32 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة توضح دور الخوف في عملية انقراض الحيوانات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca