مآسي دول الوسط

الدار البيضاء اليوم  -

مآسي دول الوسط

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

حاذر دائماً هذه المعضلة الجغرافية: أن تكون دولة صغيرة وواقعة على تقاطع الأقوياء. سوف تدفع الثمن من هنا وهناك. نحن في لبنان نعرف ذلك بالتجربة المستمرة. فقد وقَّعنا «اتفاق القاهرة» من أجل حماية «الثورة الفلسطينية». ثم كدنا نوقّع «اتفاق 17 أيار» من أجل حماية إسرائيل. ولم يكن من الضروري أن تبلغنا سوريا دخول الآلاف من جيوشها لأننا جزء مقتطع منها.
خلال الأحداث المستمرة منذ 12 سنة مريرة، لجأ إلى لبنان، أو عبر الحدود إليه، ما يزيد على مليون سوري. لبنان نسخة طبق الأصل عن بولندا. لقد عبر إليها أكثر من مليوني لاجئ، لأن الأوكرانيين يرتاحون إليها أكثر من دول الجوار الأخرى ويفضلون الشعب البولندي.
في الحروب وفي السلام دولة واقعة بين الألمان والروس. يعبرها هؤلاء لمقاتلة أولئك ويجتاحها أولئك لمحاربة هؤلاء. ولا رأي لها في المسألة. أفاقت ذات يوم ورأت أن مليون أوكراني قد دخلوا أراضيها. ثم توالوا. والآن تتوقع الأمم المتحدة أن يصل عددهم إلى خمسة ملايين في الأسابيع القادمة. جميعهم يريد البقاء في مكان قريب من موعد العودة. وجميعهم يرتاح إلى وجود جالية من مليون أوكراني من المهاجرين القدماء.
منحت الحكومة البولندية اللاجئين الأوكرانيين كل ما تستطيع من مساعدات بعكس اللاجئين الذين كانوا يتدفقون عبر بيلاروسيا. وأصدر البرلمان تشريعاً يقضي بقانونية المساعدة. وبموجبه، يحصل كل لاجئ على مساعدة مالية صغيرة، وبطاقة تأمين صحية، وإقامة لمدة 18 شهراً، والحق في العمل من دون ترخيص.
غير أن ذلك لا يعوّض شيئاً مما حل باللاجئين الذين فقدوا بيوتهم وتشتت عائلاتهم. ويلقى اللاجئون بصورة عامة معاملة حسنة من العائلات البولندية رغم السيئات التي تقع في مثل هذه الفوضى. وتقدم السلطات نقلاً مجانياً في القطارات والحافلات إلى أي مكان مرغوب فيه.
المعاناة الكبرى هي في صفوف الأمهات وأطفالهن الصغار. ويحمل ألوف المتبرعين كل ما يستطيعون إلى الملاجئ ومحطات القطارات، ويقدم أصحاب المطاعم وجبات مجانية، كما يقدم المتبرعون ساعات طويلة من الخدمة، بالإضافة إلى خدمة عائلاتهم بحيث تزيد ساعات العمل على 16 ساعة في اليوم.
تغيرت خريطة بولندا ما بين الحكم السوفياتي والألماني غير مرة. وتغيرت مساكن الناس وبيوتهم ومدارسهم وهوياتهم. وثمة من يقول الآن إنها على أبواب تغير آخر. وإن أهلها قد يهجَّرون إلى بلدان أخرى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مآسي دول الوسط مآسي دول الوسط



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:00 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 08:31 2018 الخميس ,20 أيلول / سبتمبر

سعر الدرهم المغربى مقابل اليورو الخميس

GMT 13:15 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روماو يحدد قائمة لاعبي "الجيش" لمواجهة "المغرب الفاسي"

GMT 03:32 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة توضح دور الخوف في عملية انقراض الحيوانات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca