رابح من دون خسارة

الدار البيضاء اليوم  -

رابح من دون خسارة

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

كيفما تلفّت، هناك رابح واحد لا يخسر أبداً. في هذا الجانب من الحرب وفي تلك. في الجو والبر والبحر. الجبال والسهول. الربيع والخريف وجميع الفصول. جميع البلدان وجميع اللغات. يخسر الجميع ويربح هو. يجوع الناس ويشبع. يموت الناس ويحيا. يخجلون ويزداد رقاعة. لا رحمة ولا شفقة. قتل أو إصابة أو رعب. وظيفته واحدة، معك ومع عدوك. لا أصدقاء له ولا شيء إلا الأعداء والضحايا. وحش من حديد وبطولة واحدة: الجريمة. وعيناه من حجر ولا تجف ولا تدمع. كل استثمار خسارة وهو ربح. مثله مثل تجارة الرق والمخدر والإباحية والضمير.
أول شيء سعى الإنسان إليه في لحظة الخوف وفي ساعة الانتقام وفي ليل المؤامرة. لأن الإنسان أول ما فكر، فكر في موت أخيه وليس في حياته هو. وبنى الإنسان طريقاً ثم فكّر كيف «يقطعها» في وجه العابرين. وتعلم كيف يبني جسراً في سنوات، ثم تشوَّق إلى وسيلة يفجره بها في لحظات، وابتهج عندما اكتشف أن الثانية أكثر ربحاً وسهولة من الأولى.
أقوى من كل قوى الأرض: يميت ويشرّد ولا يهزمه إلا ندّه. صوته وحده كافٍ لتشريد آلاف البشر وتفريغ البيوت وإرسال من يعارضه إلى المقابر والمستشفيات والملاجئ. لم يبدع الإنسان في شيء كما أبدع في صنعه. شرّ مطلق لا خير فيه والجميع معه لاتقاء شره.
يخافه الإنسان ويطلبه. يخاف منه ويخاف عليه ويخاف من حمايته ومن أن يتفلت فيه أو يرتد عليه. يخاف من حامله إذا كان جباناً وإذا كان شجاعاً وإذا كان ماهراً وإذا كان مرتبكاً. آلة الإنسان في تدمير نفسه وقتل أخيه وترهيب جاره.
إنه السلاح الذي يزدهر صنّاعه وتجّاره وقتلته كلما انتعشت الحرب في أي مكان. راقب طوابير الأمهات والأطفال والرجال في عراء الثلوج وإرهاق المسافات. راقب الذي لا مكان يرتاحون فيه، أو يأكلون، أو يقضون حاجات الجسد في الستر. راقب الملايين الذين بلا مستراح، أبسط حقوق وحاجات البشر. السلاح يرغمهم على التقضية مثل الكائنات غير البشرية. مثل المخلوقات التي لم تتكوّن لأكثر من حياة الغابة والفلاة.
كل يوم يقدم السلاح لهذا العالم عرض عضلات يزرع في عروقه الخوف والحزن واليأس. القوة كما يتخيلها الرباعون وحملة الأثقال. وأصوات دوي هائل. وهذا ليس بعيداً في جبال تورا بورا وأدغال فيتنام، هذا هنا في أوروبا، كما ذكّرنا بوريس جونسون. عودة الغاب إلى أوروبا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رابح من دون خسارة رابح من دون خسارة



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني

GMT 00:42 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

تعرف على أبرز صفات "أهل النار"

GMT 15:58 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

"القرفة" لشعر صحي بلا مشاكل ولعلاج الصلع

GMT 11:49 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

توقيف صاحب ملهى ليلي معروف لإهانته رجل أمن

GMT 11:52 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

"زيت الخردل" لشعر صحي ناعم بلا مشاكل
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca