تَوقَّعَها قبل 50 عاماً

الدار البيضاء اليوم  -

تَوقَّعَها قبل 50 عاماً

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

كان الكاتب المنشق الأكثر شهرة، الكسندر سولجنتسين، أبرز نموذج على صراع الهوية الواحدة بين الروس والأوكرانيين. فقد كان من أب روسي وأم أوكرانية. ومنذ العام 1968 توقع الانفجار الذي نشهده الآن بين الفريقين يوم قال «يؤلمني أن أكتب هذا في حين أن أوكرانيا وروسيا ممتزجتان في دمي وقلبي وفكري. لكن حواراتي الكثيرة مع الأوكرانيين في معسكرات الاعتقال أكدت لي مدى الحقد الذي يحملونه (ضد الروس)، ولذا، فإن جيلنا لن ينجو مع الأسف من أن ندفع ثمن أخطاء آبائنا».
وقال سولجنتسين إن الروح القومية إلى تصاعد، وإن من الأفضل لروسيا أن تترك الأمر في نهاية المطاف للشعوب التي تريد الاستقلال بأراضيها. وتوقع أن يكون انفصال أوكرانيا الأشد ألماً «ولذا يجب على الروس تفهم المرارة التي يشعر بها الأوكرانيون».
وأعرب عن حزنه لأنه كان من المستحيل عبر القرون، حل الخلافات بين الروس والأوكرانيين. «ومن أجل إظهار التعقّل يجب علينا أن نمنح حق تقرير المصير سواء للانفصاليين منهم، أو للمؤمنين بالفكرة الاتحادية، وليربح صاحب الأكثرية منهم. وإذا لم نفعل سوف يكون ذلك جنوناً وتوحشاً. وكلما أظهرنا مرونة وصبراً الآن كان الأمل بالوحدة قوياً في المستقبل. لا بد من إجراء استفتاء يُظهر أين تريد أن تكون أكثرية الناس في المناطق المختلطة».
وانتقد قرار نيكيتا خروشوف بإعطاء منطقة القرم لأوكرانيا. وقال إن الأوكرانيين يضطهدون الروس في المناطق التي يشكلون فيها أقلية. في كتابه «إعادة بناء روسيا» الذي صدر عام 1990، ركز على الخطر الكامن في ثنائية الهوية الأوكرانية: «إن فصل أوكرانيا اليوم سوف يعني القطع بين ملايين العائلات والشعوب. فلننظر فقط إلى أعداد الشعوب المزدوجة الهوية والزيجات المختلطة».
كتب سولجنتسين هذا الكلام قبل أكثر من نصف قرن، وقبل سقوط الاتحاد السوفياتي الذي تنبأ به أيضاً. لكن متى كان رجال السياسة يصغون إلى حكماء التاريخ وذوي الرؤية؟ وربما يكون مقدّراً للكتّاب العرب أيضاً أن يعودوا إلى تاريخ أوكرانيا وروسيا كذلك قبل تدبيج العظات وتحبير الأحكام الحاسمة. فنحن نتحدث عن قضية شهدت مقتل الملايين. أي ملايين الأوكرانيين. ولا ينفع أن نشجع على قتل المزيد، ولا الدفاع عن ذلك. المسألة، عند أهلها، أعمق من ذلك بكثير. ولا تحل بالقصف الجوي ولا البري ولا أيضاً بتشجيع فريق على آخر. وبما أننا نجهل إلى حد بعيد عناصر الصراع الكامن منذ مئات السنين، فالأفضل أن نتمهل قليلاً قبل أن نحسم مواقفنا إلى جانب والد سولجنتسين أو أمه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تَوقَّعَها قبل 50 عاماً تَوقَّعَها قبل 50 عاماً



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني

GMT 00:42 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

تعرف على أبرز صفات "أهل النار"

GMT 15:58 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

"القرفة" لشعر صحي بلا مشاكل ولعلاج الصلع

GMT 11:49 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

توقيف صاحب ملهى ليلي معروف لإهانته رجل أمن

GMT 11:52 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

"زيت الخردل" لشعر صحي ناعم بلا مشاكل
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca