حول الشفافية والثقة

الدار البيضاء اليوم  -

حول الشفافية والثقة

غسان زقطان
بقلم : غسان زقطان

لا وقت للبلاغة في مواجهة "الكورونا"، البلاغة التي تبدأ من تصريح من نوع "الجاهزية الكاملة"، بكل ما يعنيه مثل هذا التصريح من افتقار شديد للدقة، إلا أن الخطورة تكمن في "الاستغناء" المضمر، غير المقصود غالبا، عن دور الناس وشراكتهم.لسنا بحاجة لمساهماتكم جاهزيتنا كاملة.رغم أن الأمر، كما يعرف الجميع، ليس صحيحا، المؤسسة الصحية الرسمية الفلسطينية ليست مهيأة لمواجهة الوباء، ولن تستطيع التعامل معه وحدها، هي بحاجة قبل كل شيء لشراكة الناس وجهدهم وجاهزيتهم، والأهم نحن جميعا بحاجة لتفهم هذه الحقيقة.

قرار إعلان حالة الطوارئ جاء ليؤكد ذلك، والتعامل معه على نحو أنه مهمة الأجهزة الرسمية؛ الصحية والأمنية، يحوله الى مجرد قرار فوقي متعثر ومنقطع عن الشارع، وسيسمح بتسلل الخوف ويعزز من أزمة الثقة التي ظهرت بقوة في الساعات الـ 72 الأولى، والتعثر الرسمي والتأتأة في الإعلان عن "الحالات" المصابة وعددها ومصدرها والمناطق التي ظهرت فيها، أو تلك المشتبه بحملها للفيروس، ومواقع الحجر.من التأتأة والارتباك تسللت الأخبار الكاذبة، ومن هشاشة البيان الرسمي وشروخه نبتت الشائعات، وفاضت مواقع التواصل الاجتماعي بمعلومات غامضة المصدر نشرت موجة الذعر الأولى.

الثقة بالناس وقابليتهم للتفهم والتعامل بجدية مع الظرف الاستثنائي، تنبع أولا من الوضوح والشفافية، وتقديم المعلومة الصحيحة، هذا بالضبط، ما يحتاجه الشارع وما يمنح الإجراء الرسمي ثقتهم ويحول البيان الرسمي المنتظم الى الجهة الأكثر أمنا والمصدر الوحيد للمعلومة الموثوقة.وهو ما يمكن أن يوفره قرار إعلان حالة الطوارئ في حالة توظيفه السليم، عبر اعتباره دعوة للشراكة في مواجهة "الوباء"، وتنظيم هذه المواجهة مع النقابات ومؤسسات المجتمع المدني والمحلي. بما يعنيه ذلك من الشراكة في وضع الأفكار وصياغة الإرشادات وبناء الاحتمالات، والاستفادة من إمكانيات التطوع المتوفرة، طلاب الجامعات على وجه الخصوص، وتجهيز الفضاءات في حالة تفاقم الوضع.

الشراكة مع المجتمع المدني بمؤسساته وأطره تعزز الثقة، هذا بالضبط ما نحتاجه الآن، وتغلق المنافذ على الشائعات والأخبار المختلقة وعوامل الذعر، وتوزع المسؤوليات وتستفيد من أوسع طيف من الكفاءات والخبرة وهذا، دون شك، يحقق نتائج أفضل.
يمكن أن نضيف هنا، وهذا بالغ الأهمية، استثمار خبرة المجتمع الفلسطيني في مواجهة حالات الطوارئ، والحصار، ومنع التجول سواء خلال "الانتفاضة الكبرى" أو أثناء "حرب الخليج" وغيرها.
ليس المقصود هنا تزجية النصائح والإرشادات بقدر ما هو "تحرير" لأفكار متداولة.
في النهاية هذا درس في "المقاومة".

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حول الشفافية والثقة حول الشفافية والثقة



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 11:50 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 08:12 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

أويلرز يفوز على مونتريال في دوري هوكي الجليد

GMT 05:03 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

شخص ملثم أضرم النار داخل مسجد فجر الاربعاء

GMT 17:08 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"المغرب اليوم" يكشف عن أجر "جون سينا" في" التجربة المكسيكية"

GMT 06:44 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

"كالابريا" أحد كنوز إيطاليا الخفية عن أعين السائحين

GMT 01:14 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

مرتجي يؤكد استعداد الأهلي إلى "حدث تاريخي"

GMT 06:21 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

أحلام تهتف باسم الملك وتُغني للراية الحمراء

GMT 20:38 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

"شعبي نايت لايف" حفلة ضخمة للطرب في عيد الفطر
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca