يوم المرأة العالمي: المرأة الفلسطينية وتحديات متواصلة

الدار البيضاء اليوم  -

يوم المرأة العالمي المرأة الفلسطينية وتحديات متواصلة

فيحاء عبد الهادي
بقلم : فيحاء عبد الهادي

يطلّ الثامن من آذار على نساء العالم هذا العام، في ظل أزمات خانقة متلاحقة؛ اقتصادية وصحية وسياسية واجتماعية وثقافية،
يطلّ الثامن من آذار ليذكِّر ويعلِّم ويُلهِم.
يذكِّر بداية بالطابع الكفاحي لهذا اليوم، عبر التاريخ، ويعلّم الدأب، والمثابرة، وعدم المساومة لنيل الحقوق.
أما ما هو ملهم فهو تنوع أساليب النضال النسوي، من أجل الحق والعدل والحرية؛ نضالات نسوية حقوقية ونضالات اجتماعية، وسياسية، ونضال عسكري.
هذه النضالات المتواصلة هي التي انتزعت الاعتراف بأدوار المرأة، وأهمية مشاركتها السياسية، حتى أن يوماً قد خُصِّص لها، في كل عام، يتم الاحتفال فيه بنضالها من أجل حقوقها. 
*****
يحلّ يوم المرأة العالمي هذا العام؛ ليضع النساء الفلسطينيات أمام تحديات سياسية واجتماعية عديدة، منها ما هو قديم يتجدد بأشكال مختلفة، ومنها تحديات جديدة، أفرزها الواقع العالمي والعربي؛ بعد الإعلان عن الصفقة التصفوية الإسرائيلية الأميركية، التي تنضح عنصرية وكراهية، وتدعى: صفقة القرن.
كلما مضت دولة الاحتلال العنصري الاستيطاني في تنفيذ بعض من بنود الصفقة، وتصاعد القمع الإسرائيلي للشعب الفلسطيني، بواسطة الجيش وقطيع المستوطنين، والقوانين العنصرية الجديدة؛ تعاظمت معاناة الشعب الفلسطيني، وتعاظمت الحاجة إلى تصعيد وتجديد أساليب النضال ضد المشروع الصهيوني الاستعماري العنصري، واشتدت الحاجة إلى إعادة صياغة المشروع التحرري الفلسطيني، الذي يجمع طاقات الشعب الفلسطيني بأكملها؛ في مواجهة التحديات الكبيرة أمامه.
على الصعيد العالمي؛ جددت المرأة الفلسطينية مطالبتها المجتمع الدولي، بتوفير الحماية الدولية لأسرى الحرية؛ نساء ورجالاً، وفقاً لاتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بالأسرى، وضمان متابعة تطبيق قرار مجلس الأمن 1325؛ الذي يقضي بحماية حقوق المرأة الفلسطينية تحت الاحتلال، خاصة بعد أن تبنت الأمم المتحدة، عام 2019، وبأغلبية ساحقة، قراراً حول وضع المرأة الفلسطينية، "تعتبر فيه الاحتلال الإسرائيلي عقبة أساسية في وجه المرأة في فلسطين المحتلة، ولا يعيق تقدمها فحسب؛ بل يحرمها من أبسط حقوقها الإنسانية، التي تكفلها لها القوانين الدولية".
بالإضافة إلى أهمية متابعة تطبيق قرار 1889؛ الذي يؤكد "مسؤولية كل الدول في إنهاء سياسة الإفلات من العقاب ومعاقبة المسؤولين عن كل أشكال العنف بما في ذلك الاغتصاب والعنف الجنسي"؟!
وعلى الصعيد الفلسطيني السياسي؛ جدّدت النساء الدعوة للمضي قدماً في إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، التي لا يمكن بدونها مقاومة تطبيق الصفقة التصفوية الإسرائيلية الأميركية.
وجدَّدت الدعوة لتطبيق قرارات المجلس الوطني- منذ عام 2018، والمجالس المركزية، منذ عام 2015- التي لم تنفذ حتى الآن، وفي القلب منها تمثيل المرأة بنسبة لا تقل عن 30% في مؤسسات المنظمة كافة.
هذه القرارات التي يساهم تنفيذها في الاستفادة من قدرات النساء النضالية العالية، على الصعيد السياسي، والاقتصادي، والثقافي، والاجتماعي، ويعيد الثقة باحترام قرارات منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، ويعيد للمنظمة طابعها الأساس؛ كحركة تحرر وطني للشعب الفلسطيني، في الوطن وفي الشتات. 
*****
أما على الصعيد الفلسطيني الاجتماعي؛ فالحاجة تشتد إلى مضاعفة الجهد، شعبياً ورسمياً، لمحاربة خطاب الكراهية والتمييز، الذي تجلى في موقف الاعتداء على الفتاتين اليابانيتين في رام الله، وتسميتهما باسم "كورونا"، كما تجلى في اغتصاب خمسة شباب فلسطينيين سائحة بولندية في بيت لحم، والاعتداء على المرشد السياحي الفلسطيني المرافق لها بالضرب المبرح، في منطقة المخرور، غرب بيت لحم.
ورغم أنه تم الاعتذار للسيدتين اليابانيتين؛ ساكيكو وأوبا - عبر استضافة محافظ رام الله والبيرة لهما، والتأكيد على العلاقة الوطيدة التي تربط بين الشعبين الفلسطيني والياباني والشعوب الآسيوية كافة، وإلقاء الشرطة الفلسطينية القبض على السيدة التي اعتدت عليهما -، وتم أيضاً اعتقال الشبان المعتدين الخمسة، من الشرطة الفلسطينية بالتعاون مع جهاز الأمن الوقائي؛ إلاّ أن القضيتين تدقان ناقوس الخطر في المجتمع الفلسطيني، وتنذران بتصاعد خطاب الكراهية والتمييز العنصري، الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعنف، ما يستدعي التحرك الرسمي والمجتمعي للوقوف لدى جذور هذه التصرفات البشعة؛ قبل فوات الأوان، ويستدعي إعلاء سلطة القانون.
*****
في الوقت الذي تناضل المرأة الفلسطينية فيه ضد العنف السياسي؛ تناضل ضد العنف المجتمعي، كما أنها في الوقت الذي تناضل فيه لإنهاء التمييز في المجتمع بشكل عام؛ تناضل من أجل إنهاء التمييز ضدها.
وفي الوقت الذي تحارب المرأة الفلسطينية فيه العنف ضدها؛ تحارب في الوقت نفسه العنف السياسي، في المجتمع كله.
وحين تطالب بإزالة ومناهضة أنواع التمييز كافة ضد النساء؛ تناضل من أجل محاربة خطاب الكراهية والتمييز من أي نوع في المجتمع؛ على أساس الجنس أو اللون أو العرق أو الدين.
*****
لن نملّ من تكرار مطالبة السلطة الفلسطينية بإقرار قانون حماية العائلة من العنف، وإقرار قانون العقوبات، ووضعهما موضوع التنفيذ، والمطالبة بوضع المبادئ الدستورية التي تنظم إدماج الاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة"، في النظام التشريعي الفلسطيني، ونشرها في الجريدة الرسمية.
كما لن نملّ من التذكير بأهمية المراجعة النقدية للمناهج التعليمية، التي يتعارض بعض ما جاء فيها مع مبادئ الحريات الأساسية ومبادئ الديمقراطية، - تلك المبادئ التي تدعو لاحترام الاختلاف، والتنوع، وتكرِّس مبدأ المساواة، وتحارب التمييز، وقمع الحريات، وتدعو إلى حرية التعبير - حيث أن هذا التعارض يتسبب بشكل مباشر حيناً وبشكل غير مباشر أحياناً كثيرة؛ في انتشار خطاب الكراهية والتمييز في المجتمع.
*****
وبعد،
لا يولِّد خطاب الكراهية سوى الكراهية.
ولا يولِّد التمييز سوى تمييز أكبر وأعظم.
ولا يولِّد العنف سوى عنف أشدّ وأخطر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوم المرأة العالمي المرأة الفلسطينية وتحديات متواصلة يوم المرأة العالمي المرأة الفلسطينية وتحديات متواصلة



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 13:23 2017 الخميس ,28 أيلول / سبتمبر

شاب يفاجئ بأخته ضمن وفد من المومسات في الناظور

GMT 14:42 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

فتح تحقيق مُعمَّق في افتراس حيوان مُتوحِّش لشخص في زاكورة

GMT 08:02 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

فوائد لا تحصى عند امتصاص حبة قرنفل صباحًا

GMT 05:42 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

سائق لوري يعثر على خاتم ذهبيّ مثير من العصور الوسطى

GMT 08:48 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

دواء جديد يعالج سرطاني الثدي والمعدة

GMT 05:28 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقترحات مبتكرة لشراء هدايا عيد الميلاد عبر الإنترنت

GMT 05:11 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

"مارشيزا" تستعد لتقديم مجموعة خريف 2018 في نيويورك

GMT 13:24 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

اعتقال مغربي في إيطاليا تسبّب في كسر جمجمة طفله

GMT 05:39 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا محسن تحتفل بزوجها في التجمع الخامس الإثنين

GMT 19:57 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

عطاف الروضان تبرز أهمية مواقع التواصل في دعم قضية المرأة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca