اعتراف القناصين الإسرائيليين: جرائم الحرب الموثقة

الدار البيضاء اليوم  -

اعتراف القناصين الإسرائيليين جرائم الحرب الموثقة

أشرف العجرمي
بقلم : أشرف العجرمي

كشف التقرير الإخباري الذي نشرته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية الأسبوع الماضي (4/3/2020)، تحت عنوان «أرسلتمونا لإطلاق الذخيرة الحية على 8211 متظاهراً. استمعوا لنا الآن «اعترافاً من عدد من القناصين الإسرائيليين بقيامهم بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين الفلسطينيين المشاركين في مسيرات «العودة وكسر الحصار» على الحدود مع قطاع غزة. وقد أوردت الصحيفة شهادات لستة قناصين، وافقوا على الإدلاء باعترافاتهم حول ما ارتكبوه من جرائم، ما أدى إلى استشهاد 215 متظاهراً وإصابة حوالي ثمانية آلاف بالرصاص. وقد روى جندي من لواء المشاة في «جولاني» كيف أنه أصاب 52 فلسطينياً في ركبهم وقتل واحداً كما يقول بالخطأ. وكيف كان يفعل ذلك ويتباهى بأنه حقق رقماً قياسياً في عدد الركب التي فجرها وأنه يحتفظ بمظروفات الرصاصات التي أطلقها للذكرى.

في الواقع، يحمل هذا التقرير وثيقة مهمة تضاف إلى سلسلة الوثائق التي تدين السلطات الإسرائيلية التي أصدرت الأوامر للضباط والجنود المحتلين باستهداف المواطنين العزل لإصابتهم بإعاقة وقتلهم تحت بند صدهم ومنعهم من الوصول إلى السياج الحدودي. وهي يمكن أن تكون إحدى الوثائق التي تقدم إلى المحكمة الجنائية الدولية والتي ينبغي أن تحاكم عليها إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم حرب، ويجرم قادتهم ويطلبون للعدالة الدولية. وللعلم هناك منظمات إسرائيلية عديدة توثق كل عمليات خرق حقوق الإنسان في إسرائيل، وغالبيتها تتعرض أساساً لخرق حقوق الإنسان الفلسطيني الذي يتعرض لجرائم الاحتلال واعتداءاته على الشعب الفلسطيني وعلى أرض وطنه. ومن هذه المنظمات «بيتسلم» و»كاسرو الصمت» و»عدالة» و»غيشا» و»السلام الآن» و»غوش شالوم» و»مساواة» و»أطباء لحقوق الإنسان» و «جمعية حقوق المواطن» وغيرها. ومن المفروض أن يحصل الفلسطينيون على كل شيء ينشر لدى هذه المنظمات ويوثق جرائم الاحتلال، بالإضافة إلى ما ينشر في الصحف الإسرائيلية وغير الإسرائيلية الذي يتعلق بخرق إسرائيل لمبادئ حقوق الفلسطينيين وارتكاب جرائم حرب ضدهم.

الآن، يخاف المسؤولون الإسرائيليون من إقدام المحكمة الجنائية الدولية على فتح التحقيق في احتمال ارتكاب إسرائيل لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ويرون في السابقة التي حصلت مع الولايات المتحدة في يوم الخميس الماضي عندما قررت المحكمة التحقيق في احتمال ارتكاب الولايات المتحدة الأميركية جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في أفغانستان منذ الأول من أيار من العام 2003، مقدمة لقرار مماثل ضد إسرائيل، ولهذا سارعت إسرائيل إلى إعلان تضامنها مع واشنطن وإرسال وفد لتنسيق الجهود ضد المحكمة الجنائية الدولية. ولم ينفع الإدارة الأميركية تهديدها للمحكمة الدولية وفرضها عقوبات على القضاة ومنعهم من الحصول على تأشيرات لدخول الولايات المتحدة، إذ أقرت المحكمة فتح تحقيق في جرائم أميركا، فكيف الحال مع إسرائيل التي تنتهك ميثاق روما الذي يشكل قاعدة لعمل المحكمة. وبالمناسبة ليس فقط عمليات القتل وإطلاق النار والاعتقال والتنكيل بالمواطنين الفلسطينيين تعتبر جرائم حرب بل وما تفعله إسرائيل في الأراضي المحتلة، وهذا يشمل الاستيطان ونقل السكان وتغيير الواقع الجغرافي والديمغرافي في هذه المناطق.

وتهديد المحكمة الجنائية هو بمثابة سيف مصلت على رقاب كل المسؤولين الإسرائيليين الذين شغلوا مناصب قيادية سياسية وأمنية في زمن ارتكاب هذه الجرائم. فهؤلاء جميعاً مهددون بالمثول للمحاكمات الدولية. حتى لو كانت إسرائيل كما الولايات المتحدة ليست عضواً في المحكمة الجنائية، فهذا لن يمنع التحقيق وحتى استدعاء قيادات إسرائيلية للمثول أمام المحكمة، وربما القبض عليهم في الدول التي تحمل عضوية المحكمة والموقعة على ميثاق روما. والخوف الإسرائيلي ليس فقط من الجرائم القديمة بل وأيضاً من الجرائم التي يمكن ارتكابها لاحقاً كالإقدام على ضم مناطق فلسطينية لإسرائيل، تطبيقاً للخطة الأميركية «صفقة القرن».

وبالعودة إلى الجرائم الإسرائيلية ضد المتظاهرين العزل الذين شاركوا في مسيرات «العودة وفك الحصار» على الحدود مع قطاع غزة، هناك سؤال لنا نحن الفلسطينيين وبالتحديد لقادة الفصائل التي دعت لهذه المسيرات: هل أجريتم تقييماً للفائدة والمكاسب التي تحققت مقابل الدماء التي نزفت: دماء الشهداء والجرحى الذين تحول عدد كبير منهم إلى معاقين؟. هل الأموال القطرية هي الانجاز الكبير الذي يبرر تعريض حياة المواطنين لخطر الاحتلال وجرائمه البشعة؟ نحن بحاجة إلى تقييم جدي وحقيقي لاستخدام المواطنين وقوداً في معارك لا تعود بفائدة وطنية تذكر وضررها أكبر من فائدتها على كل المستويات، وهي بعيدة عن تحقيق الشعار الذي كان عنواناً لها. وأيضاً لاستخدام فصائل بعينها لمعاناة المواطنين وسيلة للتربح والحصول على الدعم والأموال، بحيث أصبح همها الأساسي تعداد الشهداء والجرحى للحصول على مقابل لهم في عملية مفضوحة هي أقرب للمتاجرة بدماء الناس. وهل لدى الناس الجرأة لتناول شعارات تستخدم للكسب وليس لتحرير الوطن وتحقيق الاستقلال؟ نحن أحوج ما نكون لمراجعة أدواتنا وطرق عملنا وشعاراتنا وخططنا وبرامجنا إن كان لدينا ما يتعدى الشعارات التي لا علاقة لها بواقعنا ولا بفعلنا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعتراف القناصين الإسرائيليين جرائم الحرب الموثقة اعتراف القناصين الإسرائيليين جرائم الحرب الموثقة



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 11:50 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 08:12 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

أويلرز يفوز على مونتريال في دوري هوكي الجليد

GMT 05:03 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

شخص ملثم أضرم النار داخل مسجد فجر الاربعاء

GMT 17:08 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"المغرب اليوم" يكشف عن أجر "جون سينا" في" التجربة المكسيكية"

GMT 06:44 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

"كالابريا" أحد كنوز إيطاليا الخفية عن أعين السائحين

GMT 01:14 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

مرتجي يؤكد استعداد الأهلي إلى "حدث تاريخي"

GMT 06:21 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

أحلام تهتف باسم الملك وتُغني للراية الحمراء

GMT 20:38 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

"شعبي نايت لايف" حفلة ضخمة للطرب في عيد الفطر
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca