ما هو حصاد زوار الرياض؟

الدار البيضاء اليوم  -

ما هو حصاد زوار الرياض

بقلم : جورج شاهين


 تتّجه الأنظار منذ أمس الى نتائج زيارة رؤساء الحكومات السابقين الثلاثة للرياض لاستكشاف آفاق المرحلة المقبلة على أكثر من مستوى. فبعض الملفات التي حملها هؤلاء معروفة بعناوينها العريضة، ولكنّ السؤال ينحصر في ما سيكون عليه ردُّ فعل الرياض، وهل لدى كبار مسؤوليها وقت لصرفه على لبنان؟ وما هي القدرات المتوافرة؟ وما هو المتوقع؟
لم يخرج كل ما نشر عن نتائج لقاءات رؤساء الحكومات السابقين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام في الممكلة عن أدبياتها حيال لبنان في الحرب والسلم. فهي حريصة على الأمن والاستقرار في لبنان بقدر الإهتمام بأمن دول الخليج واستقرارها. وإن حامت بعض الغيوم السود في سماء العلاقة بين البلدين لم يتخلَّ السعوديون عن اهتمامهم.

ففي المرحلة التي تلت تجميد العمل بالهبة السعودية للجيش اللبناني والقوى الأمنية والعسكرية الأخرى بأربعة مليارات دولار من الأسلحة الفرنسية المتطورة، ومن أعتدة عسكرية من دول عربية وغربية أخرى، لم يتغيّر الخطابُ السياسي للمملكة تجاه لبنان بعناوينه الكبرى. وبعدما تجاوز البلدان الظروفَ التي رافقت أزمة فرض إعلان الإستقالة على الرئيس سعد الحريري من الرياض قبل عامين، فقد استعادت العلاقات بعض رونقها الطبيعي من خلال رفع حظر سفر السعوديين الى لبنان وعودة المصطافين الى ربوعه.

كان من الضروري التقديم للزيارة بهذا العرض السريع عن محطات من التاريخ الحديث بين لبنان والمملكة، لإنارة النقاش عمّا يمكن أن تحققه في مرحلةٍ هي الأدق والأخطر بعد تسوية ما كان عالقاً بين البلدين. وإن كان من الصعب تقدير ردّ فعل السعودية على مطالب الرؤساء الثلاثة، فيمكن الإشارة الى العناوين التي حملوها اليها، خصوصاً تلك المرتبطة بما آل اليه إتفاق الطائف وبعض الملفات الداخلية التي شكلت بجزء من تطوراتها انعكاساً مباشراً لما يجري في المنطقة من ازمات تمتد من سوريا والعراق الى اليمن ودول الخليج العربي وصولاً الى بحر عمان، والتي تندرج تحت عنوان الصراع السعودي - الإيراني.
سبق للرؤساء الثلاثة أن عبّروا من خلال اللقاءات الدورية التي عقدوها في ما بينهم ومع الرئيس سعد الحريري عن الكثير ممّا يمكن البحث فيه مع القادة السعوديين. فهم على اقتناع بأنّ اتفاق الطائف دخل غرفة العناية الفائقة منذ بداية العهد الحالي على أكثر من مستوى وليس أدلّ على ذلك من «منع» رئيس الحكومة من ممارسة صلاحياته أو الحدّ منها، وهو ما أشارت اليه البيانات الثلاثة التي أعلنوا عنها منذ ثلاثة أشهر بكامل بنودها وبما حملته من رسائل بين السطور في أكثر من اتّجاه.

وقد كان الرئيس السنيورة أكثرَ وضوحاً عندما تحدث من طرابلس قبل ايام عن ضرورة الإحتكام الى الدستور في الممارسة اليومية في مختلف المواقع والسلطات، فهو يشير الى تجاوز حدّ الصلاحيات في أكثر من موقع، مشيراً بطريقة صريحة الى إعاقة رئيس الحكومة في إدارة أعمال حكومته بعد ايام على تعطيل الجلسة الأخيرة للحكومة في 2 تموز الجاري بعد يومين على أحداث قبرشمون.

وجاء دفاع الرئيس تمام سلام قبل اسابيع قليلة عن دور الرؤساء الثلاثة على اكثر من مستوى. فهو اعتبر حراكهم خارج التصنيف المذهبي الذي يميّزهم وأعطاه بعدَه الوطني. وعندما يدخل في التفاصيل فلديه الكثير ممّا سيقال في الرياض. فهو مَن أحصى الخروقات لصلاحيات رئيس الحكومة منذ انتخاب الرئيس ميشال عون رئيساً للجمهورية. وهو عندما يجري الجردة لا ينسى أن يبدأها بالخطأ الأول الذي ارتُكب عند توجيه الدعوة الى أول جلسة لمجلس الوزراء في قصر بعبدا بعد تشكيل الرئيس الحريري حكومة العهد الأولى بايام، قبل أن يجري تصحيحها وسحبها في ساعات قليلة.

أما الرئيس نجيب ميقاتي فكان أوّل مَن وجه الإتّهام الى الرئيس سعد الحريري بعد التسوية السياسية التي أعادته الى السراي بالتنازل عن حقوق رئيس الحكومة ودوره وصلاحياته. وهي مطالب لم يتراجع عنها إلّا بعد الحلف الإنتخابي الذي عقده معه في انتخابات طرابلس في 6 ايار 2018، فبات مطلبُه «حماية» صلاحيات رئيس الحكومة والتمسّك بها من ضمن اللقاء الثلاثي الذي جمعه مع السنيورة وسلام.

على هذه الخلفيات وضعت الزيارة للرياض وجدول اعمالها. وإن فاض شيء في البحث من خارجها فهو يصبّ في الوعاء السياسي عينه. فمن الواضح كما تسرّب قبل الزيارة أنّ الزوار الثلاثة سيكونون اكثر وضوحاً من قبل، يالإشارة الى ضرورة تصحيح الخلل المتمادي في لبنان فهو لم يتأتَ من أداء رئيس الجمهورية وفريقه فحسب، فللسياسات التي يعتمدها «حزب الله» حصة في المناقشات، فهم مقتنعون بأنّ تصرفات الحزب في سوريا واليمن والبحرين والإمارات هي التي عطّلت أو أساءت الى العلاقات المميّزة مع السعودية ودول الخليج العربي التي تدور في فلكها، وإنّ أيَّ تسوية على خط بيروت - الرياض ستكون بوابة لتسوية العلاقات مع باقي دول مجلس التعاون الخليجي.

والسؤال هو عمّا يمكن أن تقوم به الرياض في الأيام المقبلة. فاللقاء في ديوانية الملك سلمان بن عبد العزيز كانت شاملة في حضور كامل الطاقم المهتم اليوم وفي السابق بالعلاقات بين البلدين على كل المستويات، ولا بدّ من أن تأتي الزيارة بشيءٍ ما رغم الاعتقاد أنه سيبقى رهناً بقدرة الرياض على التغيير في واقع الأمور.

لكنّ الرهان ليس على دور الرياض فحسب، فهي البوابة المؤدّية الى تحرّكٍ دوليّ باتت بوادرُه ظاهرة في التنبيه والتحذير الموجّهين الى اللبنانيين بضرورة العودة الى سياسة النإي بالنفس، ومعالجة الأوضاع الإقتصادية والإدارية التي تسمح بملاقاة مطالب المجتمع الدولي قبل الوصول الى نقطة اللاعودة، حيث من المحتمل إذا أخفق كل هذا الحراك أن يلقى اللوم على اللبنانيين فيُتركون ليقلّعوا شوكهم بأيديهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما هو حصاد زوار الرياض ما هو حصاد زوار الرياض



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca