قبل أن يستفحل خطر نيتانياهو!

الدار البيضاء اليوم  -

قبل أن يستفحل خطر نيتانياهو

بقلم - مكرم محمد أحمد

رغم أن تحقيقات الشرطة الإسرائيلية أدانته فى 3 قضايا فساد، ووجهت له اتهامات رسمية فى القضايا الثلاث، ورغم التحدى الخطير الذى واجهه نيتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى فى انتخابات الكنيست الأخيرة، بظهور منافس قوى له هو حزب أزرق أبيض الذى يضم أربعة رؤساء أركان سابقين للجيش الإسرائيلى على رأسهم بينى جانيتس، والذى أكدت كل استطلاعات الرأى العام الإسرائيلى تفوقه على تحالف الليكود الذى يرأسه نيتانياهو، ورغم الرغبة العارمة لدى الجمهور الإسرائيلى فى إزاحته عن مقعد رئيس الوزراء الذى أمضى فيه 4 فترات حكم متتالية (13 عاماً)، وسوف يبدأ الآن فترة حكمه الخامسة ليصبح الأطول مدة فى حكم إسرائيل بين جميع زعمائها السياسيين بمن فيهم بن جوريون مؤسس الدولة الإسرائيلية، ورغم أن وجوده فى الحكم لفترة خامسة كان فى حكم المستحيل، فاز نيتانياهو على منافسه الرئيسى حزب أزرق أبيض، وحصل تحالف الليكود على 36 من مقاعد الكنيست، إضافة إلى زيادة فى عدد أصوات ناخبيه بلغت 1375 صوتاً، وبات واضحاً أنه الأكثر استحقاقاً بتشكيل حكومة إسرائيل القادمة، وأن على حزب جانتس أزرق أبيض أن ينتقل إلى مقعد المعارضة، إلا إذا حدث غير المتوقع ودخل تحالف الليكود فى ائتلاف مع تحالف أزرق أبيض فراراً من ضغوط ومطالب الأحزاب الصغيرة، ورغم براعة نيتانياهو كرجل علاقات عامة, ورغم الإنجازات العديدة التى حققها فى فترات حكمه المتتابعة, لم يكن فى وسع نيتانياهو أن يحقق هذا الإنجاز ويتغلب على جميع المصاعب التى واجهته فى الانتخابات الأخيرة دون المساندة القوية التى قدمها له الرئيس الأمريكى ترامب، والتى يصح معها القول أن الرئيس الأمريكى ترامب بتدخله السافر فى انتخابات الكنيست الأخيرة كان السبب الرئيسى فى نجاح بنيامين نيتانياهو، ليس فقط لأنه وقع فى مكتبه بالبيت الأبيض فى حضور رئيس الوزراء الإسرائيلى نيتانياهو قرار الولايات المتحدة الموافقة على ضم هضبة الجولان السورية إلى إسرائيل، ضارباً عرض الحائط بسياسات أمريكا السابقة التى تعتبر الجولان أرضاً سورية محتلة، موجهاً طعنة نجلاء إلى القرار الشهير 242، الذى أكد مبدأ عدم جواز احتلال أراضى الآخرين بقوة السلاح, غير مُبال بآراء الرؤساء والملوك العرب الذين أجمعوا فى قمة تونس العربية على رفض قرار ضم الجولان واعتبروه لاغياً وغير شرعى, لا يرتب أى التزام يغير من وضع الجولان السورى باعتباره أرضاً سورية محتلة!. ويبدو ان مشاورات الرئيس الإسرائيلى ريفلين الاولي انتهت إلى أن نيتانياهو هو الأحق بمنصب رئيس وزراء إسرائيل رغم تساوى عدد مقاعد البرلمان التى حصل عليها كل من تحالف الليكود وتحالف أزرق أبيض، ورغم شكوك نيتانياهو فى حيدة الرئيس الإسرائيلى، ولأن تبدلاً مهماً طرأ على تحالف الليكود زاد من قوة اليمين الإسرائيلى المتطرف فى الحكم الذى حصل الآن على 16 مقعداً فى الكنيست بسبب قرار نيتانياهو توسيع تحالف الليكود وضم أنصار مائير كاهانا الحاخام الأمريكى المتطرف الذى ارتكب أنصاره مذبحة الحرم الخليلى، وقتلوا عشرات المصلين الفلسطينيين أثناء الصلاة فجراً فى الحرم الخليلى بما جعل الولايات المتحدة تعتبر تنظيم كاهانا تنظيماً إرهابياً, يبدو واضحا ان علاقة الكنيست الجديدة بجهود السلام والتسوية السلمية منقطعة، بل لعل الأرجح أننا إزاء كنيست يحكم قراراته اليمين المتطرف، همه الأول ابتلاع المزيد من أراضي الضفة الغربية، وعلى الأقل 60% من مساحتها وهى المساحة المخصصة لبناء المستوطنات سواء كانت كتلا سكانية كبيرة أو مجرد نقاط استيطان صغيرة غير قانونية فى الأصل والأساس، لكن نيتانياهو يعتبرها جزءاً مهماً من حركة الاستيطان لا يجوز إخلاؤها أو التنازل عنها.

وطوال حملة نيتانياهو الانتخابية الأخيرة سعى إلى إثارة مخاوف الإسرائيليين من هجمة قادمة يقودها اليسار الإسرائيلى، يمكن أن تعيد خطر قيام دولة فلسطينية إلى جوار دولة إسرائيل وتبعث الحياة فى حل الدولتين بعد أن كادت تموت فكرة قيام دولة فلسطينية، متهماً الرئيس الإسرائيلى روفين ريفلين بالتواطؤ مع تحالف أبيض أزرق!.. واعتبر مكتب الرئيس الإسرائيلى أن تصريحات نيتانياهو الدنيئة تهدف إلى المس بثقة الجمهور الإسرائيلى بقرارات الرئيس، ومع ذلك لم تفلح صيحات نيتانياهو، الذئب الذئب.. تخوفا من هجمة اليسار القادمة فى إثارة حماس الناخبين للخروج إلى انتخابات الكنيست، حيث بقى حضور الناخبين فى نطاق 67% على حين وصل حضورهم فى انتخابات الكنيست السابقة إلى 72%، بما يعنى أنه لولا تدخل الرئيس الأمريكى ترامب السافر فى الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة لسقط بنيامين نيتانياهو. وتشير النتائج الرسمية التى أعلنت امس الأول الجمعة، أن تحالف الليكود بقيادة نيتانياهو قد حصل على 36 مقعداً فى الكنيست، على حين حصل تحالف «أزرق أبيض» بقيادة رئيس الأركان السابق بينى جانتس على 35 مقعداً، بينما لم يتمكن الحزب اليمينى المتطرف الذى يقوده كل من نفتالى بينيت وزير التعليم وأيليت شاكيد وزيرة العدل من الحصول على نسبة الأصوات المطلوبة التى تمكنه من الوجود فى الكنيست، بما يعنى أن نيتانياهو سوف يجد مساندة قوية من قوى اليمين المتطرف تدعمه فى رغبته ضم منطقة المستوطنات فى الضفة التى تشكل 60 فى المائة هى مساحة الضفة إلى السيادة الإسرائيلية، وكان نيتانياهو قد أعلن عزمه أخيراً على ضم هذه المنطقة من أرض الضفة إلى إسرائيل بما يحول دون قيام دولة فلسطينية، وأكد نيتانياهو أنه فاتح الرئيس الأمريكى فى الأمر الذى يدخل ضمن برنامج حكومته فى الفترة المقبلة.

وقد اعترف قادة تحالف أزرق أبيض بالهزيمة أمام تحالف الليكود الذى يمثل أكثر تحالفات اليمين عقائدية فى تاريخ إسرائيل، وأعلن بينى جانتس رئيس تحالف «أزرق أبيض» هزيمة حزبه مؤكداً أن الحزب خسر المعركة ولم يخسر الحرب، وأن هذا هو أول يوم من 10 سنوات مقبلة قرر تكريسها لخدمة إسرائيل!، كما أعلن الرئيس الإسرائيلى أنه سوف يبدأ الأسبوع المقبل مشاوراته الرسمية مع قادة الأحزاب الإسرائيلية قبل تسمية الحزب الذى يمكن أن يشكل الحكومة الجديدة أو تكون لديه فرصة لتشكيل التحالف الحاكم، وفى اتصال تليفونى هنأ الرئيس الأمريكى رئيس الوزراء الإسرائيلى مستخدماً اسم نيتانياهو الدلع (بيبى) وقال أعتقد أننا سوف نشهد خطوات مهمة على طريق السلام مع نجاح (بيبي)، بينما أبدى الكثيرون دهشتهم من تصريح الرئيس الأمريكى خاصة أن نيتانياهو لا يكتم رغبته فى ضم مساحات كبيرة من أرض الضفة إلى إسرائيل، يقدرها البعض بـ 60 فى المائة، وهى المناطق المخصصة للاستيطان، وهو أمر غير قانونى يتنافى مع القانون الدولى، ويجمع المراقبون على أنه مع وجود حكومة يمين يشكل المتطرفون طرفاً أساسياً فى تشكيلها «16 مقعداً فى الكنيست» لن تكون هناك تسوية سلمية، ولن تكون هناك سلام مع الفلسطينيين، وقال صائب عريقات كبير المفوضين الفلسطينيين إن نتائج الانتخابات الإسرائيلية تؤكد رغبة إسرائيل فى الإبقاء على الأمر الواقع، لقد قالوا نعم للاحتلال ولا للسلام، بينما أكد مراقبون إسرائيليون أن إسرائيل تذهب إلى المزيد من التطرف، دلالة ذلك أن حزب العمل الذى كان يملك 24 مقعدا فى الكنيست يملك الآن 6 مقاعد، وإن كانت وقائع التاريخ تؤكد أن عملية السلام لقيت المزيد من العقبات فى ظل وجود حزب العمل فى السلطة، لكن النتيجة الوحيدة المؤكدة من كل ما جرى، أن المسافات تزداد اتساعا بين إسرائيل واليهود الأمريكيين، وأن شراهة نيتانياهو فى محاولة استيلائه على اراضي الضفة الغربية تزيد من توتر الشرق الأوسط وتباعد فرص سلامه واستقراره، وأن ضم مساحات كبيرة من الضفة الي اسرائيل ربما يشعل من جديد فرص المواجهة والعنف، وأن الأمن والسلم فى الشرق الأوسط يتهدده خطر بالغ بمحاولات ضم المزيد من الأرض العربية لإسرائيل ضد الشرعية والقانون الدولى، وأن استقواء إسرائيل بالولايات المتحدة التى تمد حمايتها لإسرائيل كى تشمل الحماية الأرض المحتلة تشكل خطراً بالغاً على مشروع السلام الذى يلفظ أنفاسه الأخيرة، وما لم يفطن المجتمع الدولى إلى خطورة تصرفات رئيس وزراء إسرائيل، ويتنبه إلى ضرورة إلزام إسرائيل باحترام قواعد الشرعية الدولية، فإن العنف سوف ينفجر حتماً مهماً بدا أن إسرائيل قادرة ومسيطرة, وأن الإرهاب سوف يجد في استيلاء إسرائيل علي المزيد من الارض العربية الذرائع الكافية التى تبرر جرائمه، وخير للمجتمع الدولى أن ينتبه إلى الخطر القادم, ويلزم نيتانياهو باحترام الشرعية والقانون الدولى الآن بدلاً من أن يدفن رأسه فى الرمال، خاصة أن سياسات الرئيس ترامب لا تلقى مساندة أغلبية دول العالم التى تنتصر للأمن والسلم الأهلى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قبل أن يستفحل خطر نيتانياهو قبل أن يستفحل خطر نيتانياهو



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 11:50 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 08:12 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

أويلرز يفوز على مونتريال في دوري هوكي الجليد

GMT 05:03 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

شخص ملثم أضرم النار داخل مسجد فجر الاربعاء

GMT 17:08 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"المغرب اليوم" يكشف عن أجر "جون سينا" في" التجربة المكسيكية"

GMT 06:44 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

"كالابريا" أحد كنوز إيطاليا الخفية عن أعين السائحين

GMT 01:14 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

مرتجي يؤكد استعداد الأهلي إلى "حدث تاريخي"

GMT 06:21 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

أحلام تهتف باسم الملك وتُغني للراية الحمراء

GMT 20:38 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

"شعبي نايت لايف" حفلة ضخمة للطرب في عيد الفطر
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca