رواندا نموذج للتقدم الإفريقى

الدار البيضاء اليوم  -

رواندا نموذج للتقدم الإفريقى

بقلم - مكرم محمد أحمد

تشهد إفريقيا فى تطورها الجديد نماذج جديدة لدول إفريقية استطاعت أن تكشف طريقها للتقدم، وتتحول فى غضون سنوات محدودة من دول أنهكتها الحروب والمذابح الأهلية إلى قصة نجاح مُبهرة تقرب من أن تكون معجزة إنسانية، لعل أهمها رواندا التى غرقت لعدة سنوات فى مستنقع الحرب الأهلية التى وصلت إلى حرب إبادة بين الأغلبية من عرق الهوتو التى تشكل أكثر من 80% من السكان، وقبائل التوتسى التى تشكل النسبة الباقية، وزاد عدد ضحاياها على مليون نسمة من جملة 11 مليوناً هم سكان البلاد، ودفعت أكثر من مليونين من قبائل الهوتو إلى الهرب إلى دولة الكونغو الديمقراطية المجاورة من عمليات الانتقام العرقى التى اجتاحت البلاد 5 سنوات مريرة، انتهت عام 2000 مع تولى بول كاجامى السلطة ليأخذ رواندا إلى مرحلة جديدة، هدفها الأول إزالة آثار الحرب الأهلية وتوحيد الشعب وتحقيق المصالحة الوطنية وإنجاز دستور جديد للبلاد، حظر استخدام مسميات الهوتو والتوتسى، وحرم استخدام أى خطاب عرقى، وألغى كل الفوارق بين التوتسى والهوتو، ونظم محاكم محلية أزالت المظالم وأعادت الحقوق إلى أصحابها كانوا من الهوتو أو التوتسى، ونجحت خطط بول كاجامى فى تحقيق الأمن والاستقرار فى كل ربوع رواندا، وجعل التنمية والتقدم الهدف الرئيسى الذى يلتف حوله الجميع، ووصلت معدلات النمو الاقتصادى إلى8٫9٪، وجاءت رواندا عام 2018 فى المرتبة 29 عالمياً فى تقرير للبنك الدولى يؤكد سهولة ممارسة الأعمال، احتلت فيه رواندا المرتبة الثانية إفريقياً، ومع التقدم فى قضايا المصالحة وإنهاء آثار الحرب الأهلية واقتلاع جذور التعصب العرقى، اعتمدت رواندا رؤية شاملة تشمل 44 هدفاً يركز جميعها على التنمية العادلة والمتكافئة التى رفعت مستوى دخول الأفراد عام 2015 إلى 30 ضعفاً عما كانت عليه قبل 20 عاماً، ومع ذلك لا يرى الخبير الاقتصادى الرواندى كليت نيكزا أن بلاده حققت معجزة خاصة، لأن وصفة النجاح كما قال، يمكن أن تتحقق فى أى بلد إذا التزم قواعد النجاح التى تتمثل فى: أن تجعل البلاد خالية من الفساد والرشوة، وأن تنشر فى كل ربوعها خدمة الإنترنت السريعة، وأن تجعل إجراءات الاستثمار سهلة وبسيطة، وأن تُعلم الشباب كل الشباب كيف يتحدثون الإنجليزية..، بهذه القواعد الحاكمة البسيطة أصبحت رواندا أكثر الدول الإفريقية فاعلية وجذبا للاستثمارات، وبات اقتصادها هو الأسرع نموا فى القارة السمراء خلال السنوات الأخيرة، وحقق اقتصادها نمواً مستداما وصل إلى حدود 9% سنويا، وأصبحت واحدة من أهم وجهات المستثمرين بعد أن نجح نظام الشباك الواحد فى اختصار العديد من الإجراءات، وتراجع الفقر من 60% إلى 39%، وهبطت نسبة الأمية إلى 25% بعد أن كانت النسبة الغالبة، وارتفعت قيمة الناتج المحلى إلى 9 مليارات دولار، وكان فى حدود 5ر2 مليار دولار عام 2016، وأطلقت رواندا أول قمر صناعى خاص بها للاتصالات بتكلفة 2 مليار دولار، هدفه الأول تمكين مدارس رواندا من خدمة الإنترنت، ويُصر الرئيس بول كاجامى على معالجة مشكلات الاتصال عبر الإنترنت، حيث يهدف إلى تحويل البلاد من اقتصاد قائم على الزراعة إلى اقتصاد قائم على المعرفة تحتل فيه السياحة مكانا مرموقا، خاصة أن رواندا تقع فى منطقة البحيرات العظمى وسط القارة، أجمل مناطق إفريقيا، وتعتبر العاصمة كيجالى من أكثر المدن أمنا ونظافة على مستوى القارة، وتحتل مكانة متميزة بوصفها واحدة من أجمل المدن الإفريقية، كما أصبحت رواندا واحدة من أفضل الوجهات السياحية فى القارة السمراء رغم أنها دولة داخلية لا تتمتع بواجهة بحرية، تحدها من الشرق تنزانيا، ومن الشمال أوغندا، ومن الجنوب بوروندى، ومن الغرب جمهورية الكونغو الديمقراطية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رواندا نموذج للتقدم الإفريقى رواندا نموذج للتقدم الإفريقى



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca