الطائفية والمواطنة فى سوريا

الدار البيضاء اليوم  -

الطائفية والمواطنة فى سوريا

بقلم - مكرم محمد أحمد

فتحت الإمارات المتحدة سفارتها فى دمشق يوم الخميس الماضي، وأعادت رفع علم الإمارات فوق مبنى السفارة فى العاصمة السورية، وبعدها بيوم واحد فتحت البحرين سفارتها بما يُشير إلى أن بقية العواصم العربية سوف تأتي، أما سفارة مصر فى دمشق فقد ظلت تعمل دون توقف، يرعى شئونها قائم بالأعمال لم يُغادر مكانه، يمكن استبداله بسفير فى وقت قريب، وكذلك لم ينقطع خط الطيران المباشر بين القاهرة ودمشق، وللمرة الثالثة يأتى اللواء على مملوك مدير المخابرات السورية فى زيارة مُعلنة إلى العاصمة المصرية التى صفت منذ البداية إلى جوار وحدة الدولة والتراب السورى انطلاقاً من رؤية إستراتيجية تاريخية، تعتقد أن الدفاع عن مصر يتطلب بالضرورة تأمين الدفاع عن سوريا وعن وحدة أراضيها ودولتها، ويسطر سجل العرب التاريخى أن شرارة حرب أكتوبر انطلقت على الجبهتين المصرية والسورية فى نفس التوقيت فى معركة عربية مشتركة جسدت وحدة المصير العربى المشترك. والواضح أن الحرب الأهلية السورية التى بدأت عام 2011 وكانت سبباً فى أن أغلقت معظم الدول سفاراتها فى العاصمة السورية قد انتهت بالفعل بعد 7 سنوات من الخراب والتدمير والتدخل الخارجى الذى أسهمت فيه دول كثيرة، لكن سوريا استطاعت بمساعدة حاسمة من الروس أن تستعيد معظم أراضيها وأن تبسط سيطرتها على كل البقاع باستثناء بعض الجيوب الصغيرة لتنظيم داعش، الذى تلقى ضربات موجعة ألزمته التخلى عن مساحات شاسعة من الأراضى التى كان يمتلكها فى العراق وسوريا. والواضح أيضاً أن جميع الأطراف الدولية والإقليمية تتوافق الآن على سرعة إنهاء التسوية السياسية للأزمة السورية من خلال كتابة دستور جديد للبلاد وانتخابات نيابية ورئاسية يُشارك فيها بشار الأسد الذى نجح جيشه فى استعادة معظم الأرض السورية، ولا يزال الجيش السورى مُصمماً على استعادة كل بوصة من الأرض السورية، ويتوقع المراقبون أن تتسارع الدول العربية فى فتح سفاراتها فى دمشق بما يمكن سوريا من استعادة عضويتها فى الجامعة العربية خلال قمة مارس التى تعقد فى تونس، وثمة توقعات بأن تنضم السعودية قريباً وتُعيد فتح سفارتها فى دمشق، بما يؤكد أن الخطوة التى بدأها الرئيس السودانى عمر البشير بزيارته المفاجئة لدمشق الشهر الماضى كانت جزءاً من رؤية عربية شاملة، ويعنى احتضان الدول العربية لدمشق وإعادة فتح سفاراتها فى العاصمة السورية أن على سوريا أن توازن علاقاتها العربية التى هى جزء أصيل من هويتها بما يُقلل من هيمنة إيران على أقدار سوريا، ويضمن صحة المسار السوري، ويُعيد تأهيل سوريا لأن تكون جزءاً من العمل العربى المشترك، والأمر الذى لاشك فيه أن تصحيح العلاقات العربية السورية يعنى تقوية الجبهة السورية فى الداخل، وتوحيدها بما يحقق للسنة اندماجها الكامل تعزيزاً لصمود الجبهة الداخلية وضماناً لوحدتها، ولا يعنى ذلك تهميش حقوق الطوائف أو إثارة الفتن بين السُنة والشيعة، لأن سوريا الجديدة التى تحتاج إلى كل العرب من أجل إعادة إعمارها ينبغى أن تكون عربية الوجه والتوجه كى تكون جزءاً من محيطها العربي، وألا تكون الطائفية جزءاً من خيارات هويتها، لأن الطائفية تناقض الوحدة الوطنية وتناقض تكافؤ الفرص بين جميع مكونات الشعب السوري، وأظن أنه آن الأوان كى يصبح حق المواطنة الكاملة جزءاً أصيلاً من حقوق الإنسان العربي، لأن حق المواطنة يعنى أن يصبح الجميع أمام القانون سواسية كأسنان المشط، كما يعنى أن تنهى الدولة كل صور التمييز بين المواطنين فى العرق أو الجنس أو اللون، وسوف تُحقق الجامعة العربية إنجازاً مهماً فى حقوق الإنسان العربى لو أنها اعتبرت حق المواطنة جزءاً أصيلاً من حقوق المواطن العربي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطائفية والمواطنة فى سوريا الطائفية والمواطنة فى سوريا



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca