جورنالجيات وفيسبوكيات

الدار البيضاء اليوم  -

جورنالجيات وفيسبوكيات

بقلم : حسن البطل

زميلي جعفر صدقة، المحرر الاقتصادي في «الأيام» ثم «وفا» بحث في ثلاثة أحياء نابلسية، عن دكانة تبيع صحفاً.. فلم يجد، هو يتمنطق كغيره بهاتف نقال ذكي، ولعله في تجواله العاثر صادف ثلاثة محلات لبيع هذه الهواتف! على صفحته في هذا «الفيسبوك» لام الصحف وليس القارئ العازف عن تداولها. أُفول عصر الصحافة الورقية، واحتجاب أمهاتها، أو تحولها من ورقية إلى الكترونية له أسبابه ومبرّراته. طويت من قبل حقبة راديو «الترانزستور»، ومع اختراع «التلكس» قلّ تداول رسائل المكاتيب، والآن صارت مكاتب البريد تنقل الطرود وليس المكاتيب أو بطاقات سياحة للسوّاح. زميلي عامر بدران، طبيب الأسنان والشاعر، نشر صورةً وخبراً حول دفاع كريمته عن رسالتها الجامعية، فحصل على 450 تعقيباً على غرار: «ألف .. ألف مبروك»، فقد وصف كريمته بأنها «ديوانه الشعري الأول». زميلي عماد الأصفر تناول، أمس، على صفحته الفيسبوكية جوانب من تطور وسائل الاتصال، ورأى أن جيله في ستينيات القرن المنصرم حظي بما لم يحظَ من سبقه، وحتى من سيلحقه، بما دعاه العصر الجميل. ذكّرني الزميل الأصفر بما يدعى «العصر الجميل» في الحضارة الصناعية، أي القرن التاسع عشر، وفيه ادعى لورد إنكليزي كان يترأس الجمعية الملكية البريطانية للعلوم، أنه تمّ اختراع كل ما يلزم (الآلة البخارية. السكك الحديدية. اللاسلكي. الكهرباء). لاحقاً كتب واحد عن «نهاية التاريخ»! تعرفون أن جرماً نطح الأرض، وتسبّب في إبادة الديناصورات و90% من الكائنات الحيّة. ربما لا يعرف البعض أن الديناصورات كانت إمّا جسيمة وعاشبة، أو صغيرة نسبياً ولاحمة وان هذه الأخيرة كانت تنهش اللاحمة، ذات الجملة العصبية البليدة، فلا تحسّ بنهشة الهجوم إلاّ بعد ثوان! الشاعر عامر قال لي شيئاً غريباً: من حُسن حظ محمود درويش أنه رحل عن دنيانا، قبل أن تمتلئ «السوشيال ميديا» بفيض من الشعر الرديء، ثم غمز من قناتي: .. وكان عليك أن تتحوّل من عمودك الورقي إلى الكتابة الفيسبوكية. قبل سنوات غير بعيدة، كنتُ أُخصّص في عمودي اليومي، واحداً في الأسبوع لردود القراء، وحتى عمود آخر لقلم قارئ حول مسألة ما. حالياً، لا يحظى عمود من أعمدتي، بما حظي به من مشاركات وتعقيبات ما كتبه الشاعر والطبيب عامر عن دفاع كريمته عن رسالتها الجامعية. الزميل زياد عبد الفتاح، مدير وكالة «وفا» سابقاً والأديب، اختار أن ينشر على حلقات فيسبوكية جوانب لطيفة ودافئة عن علاقته بمحمود درويش، منذ حصار بيروت 1982 إلى مرضه الأوّل. ومن نجاته بعد خيار البقاء في بيروت، إلى محاولة حافظ الأسد تدليعه إلى قصيدة درويش في المجلس الوطني الذي أعلن بيان استقلال دولة فلسطين. القرّاء متشوّقون إلى بقية حلقات زياد.. التي قد تصل: لماذا كتب درويش: «أنت، منذ الآن، غيرك» بعد انقلاب «حماس». في زهوة عصر الصحافة الورقية، كانت زهوة حركات التحرر في العالم، وكانت فصائل (م.ت.ف) تنشقّ أو تتّحد على «القلم» الصحافي ـ الأدبي، وكانت القمم العربية تبدأ المصالحات وتنقية الخلافات، بالاتفاق على «وقف الحملات الصحافية»، وفق قانون حصانة «الملوك والرؤساء العرب». الآن، انتقلت الحروب العربية من الصحف الورقية إلى القنوات والمحطات الفضائية. من «العصر الجميل ـ لا بل إيبوك» في القرن التاسع عشر، والادعاءات أن حقبة الاختراعات الصناعية أُقفلت، إلى عصر التكنولوجيا الرقمية؛ ومن تحطم قياس سرعة الصوت، إلى حلم تجاوز نظرية آينشتاين عن النسبية واجتياز سرعة الضوء! قبل عصر البريد كان هناك من يكتب رسالته في زجاجة يُلقيها في البحر. الآن تنقر كلماتك على التلفون الذكي إلى صديق في قارة أخرى، فتصله في اللحظة ذاتها، ويسبق الخبر العاجل في الفضائيات شريط الأخبار فيها، وتدردش مع أولادك وأحفادك، صوتاً وصورة، عبر السكايب، وتصلك صور الأجرام الشاردة، خارج المجموعة الشمسية خلال دقائق، وهي على بعد مئات السنوات الضوئية. من «صحف إبراهيم وموسى» إلى الصحف الورقية، ومنها إلى الصحف الألكترونية.. ومن الأرض مركز الكون إلى الأرض مركز الحياة في الكون. الذي تحدّث عن سقف الاختراعات الصناعية في «العصر الجميل» كان أبله، والذي كتب عن «نهاية التاريخ» كان أحمق. كان «الانترناشيونال» نشيداً للثوار الأمميين وصار نشيداً للتكنولوجيا الرقمية. كاسترو لديَّ قصاصة صحافية مؤرخة في 5/7/2008 وفحواها أن فيديل كاسترو، من قادة العصر الثوري الجميل، كان يحلم بدراسة الصحافة والعمل فيها. تنازل فيديل عام 2006 لشقيقه راؤول، لكنه واظب على الكتابة الصحافية في «غرانما» بعد أن كان يلقي خطابات تستغرق ساعات خلال رئاسته.    

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جورنالجيات وفيسبوكيات جورنالجيات وفيسبوكيات



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca