أسئلة في الرأس والقلب

الدار البيضاء اليوم  -

أسئلة في الرأس والقلب

بقلم - لمرابط مبارك

… وانتهت دورة أخرى من دورات المعرض الدولي للكتاب. وعادت السكينة إلى تلك البناية الضخمة بهندستها الفريدة، التي كانت تسمى “القصر الصغير” في الماضي. كانت تبدو، كذلك، صغيرة وسط الفضاء الشاسع المحيط بها أيام “المعرض الدولي”، ذلك الموعد الذي كنا ننتظره بشوق كبير، وكان الوالد رحمه الله يأخذنا إليه لنشاهد كل تلك الآلات والحيوانات القادمة من بلدان كانت لأسمائها رنة غريبة في الأذن، وكانت صعبة التداول على اللسان مثل “تشيكوسلوفكيا”..
عادت السكينة لتلك البناية الضخمة التي أسندت إليها وظائف متعددة منها وظيفة “المعتقل”. إذ كانت السلطات تكدس فيها البيضاويين في ظروف غير إنسانية كلما شنت واحدة من حملاتها الأمنية.
عادت السكينة إلى تلك البناية، وعاد معها صخب الأسئلة المؤلمة إلى الرأس والقلب:
هل مازال هناك معنى لهذه التظاهرة التي فقدت الكثير من حماسها وتحولت إلى حدث روتيني؟ منذ سنوات صرت ألتقي العارضين أنفسهم والزوار أنفسهم تقريبا. لم يتغير فيهم شيء سوى أثر بعض السنين الإضافية. فنبادر إلى تحية بعضنا كمعارف قدامى فرقت بينهم سبل الحياة، وتعود بهم مرة في السنة إلى هذه البناية بسقفها العالي جدا ونوافذها الدائرية.
هل مازالت لتلك الأنشطة الموازية، من ندوات ولقاءات، من معنى؟ وهل هذه هي الطريقة الأفضل لتنظيمها (قاعات في أقصى المعرض وأخرى وسط بعض الأروقة)؟ فالجمهور لا يأبه بها كثيرا، وتحضرها كلها تقريبا نفس الوجوه المعدودة. إذ من أصل الـ500 ألف زائر لدورة هذه السنة لم ينجذب لكل تلك الندوات واللقاءات التي نظمت طيلة أيام الدورة التي أسدل عليها الستار الأحد الماضي، سوى نسبة قليلة وقليلة جدا.
ثم هناك السؤال الأصعب والأكثر تعقيدا: هل من علاج ممكن للعزوف الكبير عن القراءة الذي مافتئ يستفحل؟ وهل له علاقة فقط بالوضع الاجتماعي والثقافي والتربوي للكائن المغربي والتحولات الكبيرة التي يعرفها محيطه القريب (من غلبة الصورة والطغيان المتزايد للتكنولوجيات الحديثة التي يعرف، ربما، كيف يتعامل معها، ولكنه لا يتقن بتاتا استعمالها)؟
هل حقا ما يقدم من إنتاجات يلائم هذا “القارئ المفترض”؟ ألسنا أمام قارئ جديد باهتمامات جديدة وبوسائط جديدة، وبالتالي يتعين تقديم ما يلائمه من حيث الإنتاجات، ومن حيث الوسائط المعتمدة؟
هذه بعض من تلك الأسئلة الكثيرة التي تثقل الرأس والقلب في آن، ولا أجد لها إجابات شافية. ما أعرفه فقط، هو أن القراءة – سواء أكانت على الورق أو على وسائط أخرى- ينطبق عليها ما قاله الكاتب الأرجنتيني ألبرتو مانغول، هذا القارئ الأسطوري، عن القصص. فهي يمكن أن تقدم لنا “العزاء بشأن المعاناة، وتمنحنا الكلمات كي نسمي تجربتنا”، وقد تسهم “في منحنا طرقا كي نبقى على قيد الحياة على هذه الأرض المنتهكة”.
ولعل هذا هو العزاء الوحيد الذي يجعلني أنتظر دوما موعد المعرض الدولي للكتاب – رغم استفحال روتينيته التي تتعارض مع حيوية الكتب- وأواظب على زيارته كمن يمارس طقسا مقدسا ويخشى أن تصيبه لعنته الغامضة إن هو أخلف الموعد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسئلة في الرأس والقلب أسئلة في الرأس والقلب



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 08:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 19:28 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 18:18 2022 الجمعة ,14 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب المنتخب المغربي يحسم اللائحة الأولية لمونديال قطر

GMT 07:55 2018 الخميس ,24 أيار / مايو

سمر مبروك تطلق مجموعة جديدة من أزياء رمضان

GMT 05:20 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فيصل فجر يؤكد أن كرسي الاحتياط لا يزعجه في خيتافي

GMT 16:10 2017 الجمعة ,22 أيلول / سبتمبر

وسائل إعلام إسبانية تكشف انفصال شاكيرا وبيكي

GMT 05:47 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نفوق حيوان بحري من نوع الحوت الأحدب في شاطئ القحمة

GMT 00:16 2017 السبت ,02 أيلول / سبتمبر

صور صدام حسين تلهب مواقع التواصل الاجتماعي

GMT 14:36 2014 الأربعاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الأسرة الملكيّة تحتفل بذكرى ميلاد الأميرة للا حسناء الأربعاء

GMT 20:30 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وقفة احتجاجية لذوي الاحتياجات الخاصة فى مراكش

GMT 16:35 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

باوتيستا تتأهل إلى ثاني أدوار بطولة بازل للتنس

GMT 03:59 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

عناصر مهمة لديكورات حمامات فخمة تخطف الأنظار

GMT 19:58 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو سلامة يشكر إذاعة "إينرجي" بعد تتويج مسلسل "طايع"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca