(العالم يتخلى عن الأكراد)

الدار البيضاء اليوم  -

العالم يتخلى عن الأكراد

بقلم ـ جهاد الخازن

في أقل من شهر خسرت اثنين من أبرز أصدقائي الأكراد. الموت غيَّب مام جلال طالباني، والاستقالة أبعدت الأخ مسعود بارزاني عن قيادة الأكراد وقضيتهم العادلة... الاستقلال.

الاستفتاء على الاستقلال أيّده ثلاثة ملايين كردي، أو غالبية ساحقة من أكراد شمال العراق، إلا أن الولايات المتحدة خذلت الأكراد، حلفاءها في الحرب ضد الدولة الإسلامية المزعومة، والعالم الخارجي بقي صامتاً، في حين أن تركيا وإيران وقفتا بحدّة وشدّة ضد استقلال أكراد العراق خوفاً من أن يصاب أكراد البلدين بـ «سوسة» الاستقلال.

أقول عن نفسي كمواطن عربي وِحدوي إن من حق الأكراد الاستقلال في دولة تشمل الجماعات الكردية في تركيا وسورية والعراق وإيران. هم اضطهِدوا جيلاً بعد جيل، ولا ننسى صدام حسين ومجزرة حلبجة، خصوصاً أن صداماً نفسه عقد اتفاقات مع مصطفى بارزاني، والد مسعود، ولهما صور في اجتماعات ومسيرات.

مسعود بارزاني شكا في خطاب الاستقالة من أن خصوماً سياسيين تآمروا مع الحكومة في بغداد ضده. وقد سمعت في الأسابيع الأخيرة شيئاً من هذا القبيل، فالقوات العراقية دخلت كركوك واستردّت حقول نفط وبلدات وقرى من دون أي مقاومة، وبتأييد جناح كردي من معارضي رئيس إقليم كردستان. الخطاب يعني أن مسعود بارزاني سيترك قيادة الإقليم غداً الأربعاء، مع أن أول تشرين الثاني (نوفمبر) كان موعداً مضروباً لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في كردستان العراق.

أرجو ألا يكون صديقي مسعود اعتزل الحياة السياسية أو عاد جندياً آخر في صفوف البيشمركة الكردية كما قال في خطابه. هو سياسي مجرّب معتدل وغير مغامر، فآمل بأن يبقى رئيس الحزب الديموقراطي الكردي لأنه خير مَنْ يقود طموحات الشعب الكردي إلى حياة أفضل.

المنطقة الكردية من العراق فيها أنهار وسهول وبترول ما يضمن حياة كريمة للشعب فيها. مقاتلو البيشمركة سيطروا على محافظة كركوك الغنية بالنفط بعد معارك ضارية مع إرهابيي «داعش» ثم انسحبوا من المنطقة من دون قتال مع الجيش العراقي. الاستفتاء على الاستقلال كان في 25 أيلول (سبتمبر) الماضي، ومسعود بارزاني تحدث في خطابه عن حكم ذاتي ثم عن خذلان العالم كله الأكراد. رئيس وزراء العراق حيدر العبادي أعلن فور ظهور نتائج الاستفتاء أن كل المناطق المنتجة للنفط في الشمال ومعابر الحدود والمطارات يجب أن تعود فوراً إلى سلطة الحكومة المركزية، أي حكومته، وتحقق هذا من دون قتال.

كنت زرت مناطق الأكراد بدعوة من الأخ مسعود، وشهدت مع زملاء ودانيال ميتران، زوجة الرئيس الفرنسي في حينه فرانسوا ميتران، افتتاح البرلمان. كما زرت والزملاء الأخ جلال طالباني في مقر له قرب سد دوكان، ولم أرَ من هذين الزعيمين الكرديين سوى حديث هادئ ورغبة في تحقيق طموحات شعبهما من دون اقتتال أو خلاف.

اليوم مصير الاستقلال الكردي أو الحكم الذاتي في مهب الريح، وأرى أن الأكراد قد يصبحون «فلسطينيي» القرن الحادي والعشرين. الفلسطينيون خسروا أرضهم لغزاة أشكناز أيّدهم الغرب، والأكراد سيصبحون مواطنين من الدرجة الثانية في بلادهم التاريخية.

مسعود بارزاني قال في خطابه والألم بادٍ على وجهه إن لا أحد وقف مع الأكراد وهم يواجهون مصيرهم. هذا كلام صحيح، وأدين في شكل محدد إدارة دونالد ترامب، فالأكراد كانوا على علاقة قوية مع الإدارات الأميركية المتعاقبة، وقد شاركتُ الأخ جلال طالباني حضور دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة وجلستُ مع الأخ مسعود بارازني وهو يزور نيويورك أو دافوس. ثم يتخلّى العالم عن الأكراد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العالم يتخلى عن الأكراد العالم يتخلى عن الأكراد



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 20:11 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 09:26 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

إعادة سلحفاة نادرة إلى مياه خليج السويس بعد علاجها

GMT 01:32 2014 الأحد ,27 تموز / يوليو

طريقه عمل مفركة البطاطا

GMT 08:20 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

منزل بريطاني على طريقة حديقة حيوان يثير الإعجاب في لندن

GMT 06:11 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

أسهل طريقة لإعداد مكياج رائع لجذب الزوج

GMT 00:03 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

قرار بخصوص مشروع ملكي مغربي يُربك حسابات إلياس العماري

GMT 13:59 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

هجرة "النجوم" شرًا لا بد منه

GMT 04:24 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

السجن 10 سنوات للجهادي المرتبط بمهاجمة "مانشستر أريينا"

GMT 16:31 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

فنانة صاعدة تهدد مخرج مغربي بـ"فيديو إباحي"

GMT 10:51 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنان أمير كرارة يفاجئ المعجبين بإطلالة مختلفة تمامًا

GMT 22:31 2015 الإثنين ,09 آذار/ مارس

الأزرق والأخضر أبرز ألوان المطابخ في 2015
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca