ربنا أخرجنا من النفق وخلصنا من النفاق

الدار البيضاء اليوم  -

ربنا أخرجنا من النفق وخلصنا من النفاق

بقلم : عبده حقي

 لاتختلف آراء جل المواطنين المغاربة والرأي العام السياسي والجمعوي قاطبة في كون التجربة الحكومية لحزب العدالة والتنمية في تدبير شؤوننا السياسية اليومية والعامة

كانت بكل اليقين التام تجربة لجلد أصوات الناخبين المغلوبين على أمرهم الذين إرتموا في سقطة إنتحارية عمياء وبكل ثقتهم الفطرية في حزب المصباح الإسلامي وخطابه السياسي الدعوي المدجج ببرنامج كمين إسلاموي ووعود مضمخة ب(ماء الزهر) ومشوبة بأبخرة عود الند والمسك وأبواق الأدعية والتضرعات والإبتهالات الواعدة بنعيم الدنيا قبل الآخرة ...

هكذا إنساقت الفئات الشعبية المحرومة وراء سحر المصباح الخاطف وتشبثت بتلابيب نوره في ظلمة نفق (الربيع العربي) المشؤوم ، لكن سرعان ما إنكشفت حقيقة النور الذي إنقلب إلى نار تلهب الجيوب والأسعار ونار أيضا تلتهم أجساد الكثير من الباعة البسطاء الذين بات إنتحار بعضهم بإضرامها في أجسادهم بردا وسلاما وأهون من العيش تحت جبة النفاق السياسي / الديني والإخلال بالميثاق الذي يربطهم بحزب العدالة والتنمية الإسلامي .

لقد كانت أولى هدايا حكومة بنكيران لانتظارات الشعب المغربي صبيحة تقلدها مسؤولية الولاية الحالية هي رفع الدعم عن صندوق المقاصة الخاص بدعم أثمنة بعض المواد الإستهلاكية اليومية الأساسية كالسكر والزيت والدقيق والبنزين وهكذا فإن حكومة بنكيران بدل أن تدشن برنامجها السياسي بالتفكير في المعجزة المالية القمينة بالرفع من القدرة الشرائية للمواطنين المستضعفين فقد تنكرت لوعودها الإنتخابوية وتركتهم لرحمة العراء في صقيع الفقر وجها لوجه مع مضاربات السوق الداخلية والدولية وضرباتها الموجعة من إرتفاع في الأسعار إلى إرتفاع أمر وأقسى منه ، لم يجد معها المواطنون من حيل وحلول للتغلب عليها سوى بالتحايل اليومي عليها والتعايش معها مثل مرض مزمن أوتدبيرها عن طريق الإرتماء بين فكي شركات القروض والسلفات الصغرى لتغطية مصاريف القوت اليومية البسيطة عكس ما كان عليه الأمر في عهد الحكومات السابقة حيث كانت تصرف القروض الإستهلاكية الصغرى لاقتناء وتنويع الكماليات الشخصية والأجهزة المنزلية الضرورية والترفيهية التي تساعد الطبقات الدنيا والمتوسطة على تحقيق بعض من الإكتمال الإجتماعي والإحساس المادي بالكرامة والرفاه وأخيرا الشعور بنشوة المواطنة في وجهها الآخر المادي الحميمي .

كان إذن إقفال نافذة الإغاثة لصندوق المقاصة إعلانا واضحا منذ البداية على دخول المغرب مع رئيس الحكومة عبدالإله بنكيران إلى متاهة التقهقر الإجتماعي حيث تضررت بشكل مباشر الطبقتان الفقيرة والمتوسطة وتراجعت القدرة الشرائية لديهما معا مما كان سببا في بروز مؤشرات كساد إقتصادي كان ومازال يستدرج البلاد إلى إفلاس واضح في دينامية الإستثمارات التي تسهم بشكل مباشر وغير مباشر في تنشيط فرص التشغيل واحتواء مد العطالة التي تفاقمت أيضا بسبب تراجع الحكومة الإسلامية عن مسؤولياتها في التوظيف المباشر خصوصا في القطاعات الإجتماعية الأساسية كالصحة والتعليم اللذين باتا يعانيان من خصاص مهول إن لم نقل كارثي خصوصا في السنة الحالية إذ عمدت وزارة الوظيفة العمومية إلى إعتماد قانون فصل التكوين عن التوظيف المباشر في قطاع التعليم هذا بالإضافة إلى موجة فرار جماعي للآلاف من رجال ونساء التعليم العمومي من ورطة الرفع من سن التقاعد من 60 إلى 63 سنة مما تسبب في أزمة إكتظاظ داخل الفصول الدراسية وصلت إلى ما يفوق ستين تلميذا في القسم الواحد .

وقد كانت التقاريرالقاتمة التي تنشرها المنظمات والمراصد الدولية المختصة من حين لآخر حول الترتيب العالمي للمغرب في قطاع التعليم قد دقت أجراس التحذير منذ سنوات حيث صنف تقرير حديث للمنتدى الاقتصادي العالمي المغرب في المرتبة 101 من بين 140 دولة شملها مؤشر جودة التعليم، بمعدل 3.6 نقطة من أصل 7 ، لينضاف هذا التقرير حول التنافسية العالمية برسم 2015/2016 إلى تقارير أخرى جعلت المغرب في آخر ترتيب جودة التعليم.

أما في قطاع الصحة فقد احتل المغرب رتبة متأخرة في ما يخص، عدد المرضى لكل طبيب واحد وفق إحصائيات جديدة. وقال موقع “بيغ ثينك” العِلمي المتخصص في مؤشرات الصحة العالمية، أن المغرب جاء في الرتبة 78، من أصل 115 دولة عبر العالم شملها التصنيف.

ووفق نفس الإحصائيات، فإن عدد المواطنين لكل طبيب بالمغرب بلغ 2000 شخص، وهو رقم بوأ المملكة مرتبة متأخرة، مقارنة مع دول افريقية وعربية، أبرزها الجزائر والبحرين وقطر والأردن والعراق.

ومن دون شك أن هذين المؤشران لأوضح دليل على أن حكومة بنكيران ومنذ خمس سنوات قد دفعت ببلادنا إلى وضع التشفي من طرف جيراننا وخصوم وحدتنا الترابية المتربصين باستقرار المملكة إلى وضع أضاع علينا الكثير من المكاسب التنموية والإقتصادية ومن دون شك أنه في حال ما إذا خذلت صناديق الإقتراع في السابع من أكتوبر القادم تطلعات وانتظارات الشعب المغربي وحبكت في الكواليس من جديد حكومة (بيجيدية) إسلامية في نسخة ثانية وعادت إلى اللعب بنفس تشكيلتها في الشوط الثاني لمباراة السد الديموقراطية هاته فإنه ومن دون تردد سيكون المغرب قد أقحم عنوة وبسياسة ماكرة ومبيتة في دائرة الفوضى والسكتة القلبية الحقيقية لاقدر الله حيث لن يجدي معها لا تناوب إشتراكي بطعمه التسعيني ولا أحلام فيدرالية اليسار السبعينية بخيارها الثالث ولا تيار سلفي إخواني مفروض من دول عربية شرق أوسطية معروفة بولائها للولايات المتحدة الأمريكية ولا أحد ينكر أدوارها في تدمير سوريا واليمن والعراق ومصر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ربنا أخرجنا من النفق وخلصنا من النفاق ربنا أخرجنا من النفق وخلصنا من النفاق



GMT 08:45 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا غير الويب في مهنة المتاعب ؟

GMT 04:55 2017 الأحد ,11 حزيران / يونيو

بداية الحكاية

GMT 05:13 2017 الخميس ,08 حزيران / يونيو

عودة الروح لابن عربي

GMT 05:10 2017 الإثنين ,08 أيار / مايو

أزمة الإعلام الثقافي الرقمي في المغرب

GMT 11:50 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 08:12 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

أويلرز يفوز على مونتريال في دوري هوكي الجليد

GMT 05:03 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

شخص ملثم أضرم النار داخل مسجد فجر الاربعاء

GMT 17:08 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"المغرب اليوم" يكشف عن أجر "جون سينا" في" التجربة المكسيكية"

GMT 06:44 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

"كالابريا" أحد كنوز إيطاليا الخفية عن أعين السائحين

GMT 01:14 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

مرتجي يؤكد استعداد الأهلي إلى "حدث تاريخي"

GMT 06:21 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

أحلام تهتف باسم الملك وتُغني للراية الحمراء

GMT 20:38 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

"شعبي نايت لايف" حفلة ضخمة للطرب في عيد الفطر
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca