مظاهر تديّن لا دين…سلوك أقرب الى الداعشية

الدار البيضاء اليوم  -

مظاهر تديّن لا دين…سلوك أقرب الى الداعشية

بقلم : أسامة الرنتيسي

سلوك أقرب الى الداعشية، ما وقع في مطعم ناعور وتصوير من كان بداخله متلبسين بجرم الافطار، لا يقل داعشية عن محاسبة فتاتين مسيحيتين كانتا تمضغان حبات الشيبس خلسة في باص سياحي وهما في طريق السفر 400 كلم الى العقبة، الموقفان من مظاهر التديّن وليس لهما علاقة بالدين ابدا.

تدخل احد المولات الكبيرة التي انتشرت فروعها في مدن المملكة، صباحا او مساء، فلا تسمع سوى القرآن الكريم، او الاناشيد الدينية، وفي عجقة الزبائن الذين يرتادون هذا المول بحثا عن اسعار مخفضة ضمن العروض الكثيرة، تسمع اصواتا مثل طنين النحل، فيضيع كلام الله وسط هذا الزحام، وتضيع الموعظة الدينية «وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون «الآية 204 الأعراف».

تمر في شوارع عديدة، خاصة يوم الجمعة، فتجد المصلين قد اغلقوا الشوارع بسياراتهم غير منتظمة الاصطفاف، فتقول: (لا حول ولا قوة إلا بالله..) من يغلق الشارع بسيارة او كيفما شاء فليس انسانا مؤمنا، ولا يعرف معنى اماطة الاذى عن الطريق.

تشارك في مناسبات رسمية واجتماعية، فتفاجئك سيدة بعدم المصافحة باليد، فتحرج انت، وتمتنع عن مصافحة النساء الاخريات الموجودات، وتحرج اكثر عندما تبادلك اخرى بمد يدها مصافحة، فتسائل نفسك لماذا لم تبادر انت.

في العالم العربي، ومنذ ثورة الخميني، طغت مظاهر التَديُّن على مظاهر الدِين، وأصبحت هذه المظاهر هي عناوين تقسيم المسلمين، فالذي يرتدي لباس الافغان، اصبح عنوانا للمسلم المتطرف «القاعدي»، ومن يرتد دشداشة قصيرة، ويحلق شاربيه، ويطلق لحيته، هو المسلم السلفي، بعناوينه المختلفة، سلفي جهادي، ام سلفي دعوي، واذا كان بلحية خفيفة، وربطة عنق، فهو اسلامي اخواني، واذا كان بلحية خفيفة ومن دون ربطة عنق، فهو اسلامي ايراني قريب من الجهاد، ومحسوب على الملالي…

هذه المظاهر، تطغى على حياتنا اليومية، وتحتل نقاشات العامة، وحتى النقاشات الاسرية، فطغت مظاهر التديّن على الدين، وحولت المجتمعات إلى مجتمعات قلقة متوترة، مشككة في بعضها بعضا،  حتى التكفير بينها، هذا عدا عن الاحتراب والاقتتال تحت لافتات متعددة.

لنَحْذر كثيرا من «طوائف المتأسلمين» الذين يتكسبون من خلال تدينهم المظهري، وهؤلاء أصبحوا معروفين للناس لأنهم يسعون دائما للاستخفاف بعقول العامة وتضليلهم، من خلال خطابات عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعلى اليوتيوب، وهؤلاء يتكسبون بالدين ويزعمون امتلاك الحقيقة، وأن من يعارضهم على ضلال، ومن يسير معهم يكون مع المهتدين.

نغضب كثيرا عندما تتوسع التقارير الدولية في اتهام منطقتنا بانها أخصب بيئة للعنف والتطرف، ولطالما اعتمدنا نظرية المؤامرة الخارجية على انها وراء تشويهنا وتشويه الدين، فلن نصل الى مرحلة العيش الآمن من جديد، وسوف نبقى متوترين، ونحتفل بمزيد من الدماء والقتل والذبح بين التيارات الجديدة، وكلها باسم الدين.

عند وقوع حادث ارهابي في بلد اوروبي نضع ايدينا على قلوبنا خوفا من أن يكون الفاعل ذا سحنة عربية، لكن للأسف في معظم الحالات نكتشف أن المجرم عربي مسلم داعشي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مظاهر تديّن لا دين…سلوك أقرب الى الداعشية مظاهر تديّن لا دين…سلوك أقرب الى الداعشية



GMT 08:33 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

إشاعة 100 دينار والإفراج عن عوض الله!

GMT 07:17 2021 الجمعة ,24 كانون الأول / ديسمبر

ليسوا طوائف..ولا “التعايش المشترك”!

GMT 06:18 2021 الجمعة ,17 كانون الأول / ديسمبر

حالة البلد.. خربطيطة !

GMT 06:22 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

إضاءة شجرة الميلاد في الفحيص تطرد رائحة الموت

GMT 06:21 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

نعم لثقافة المقاطعة.. لنقاطع القهوة!

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca