سياسيونا لا يخطئون.. وفي المذكرات ملائكة

الدار البيضاء اليوم  -

سياسيونا لا يخطئون وفي المذكرات ملائكة

بقلم ـ أسامة الرنتيسي

أجمل ما في فيلم عادل إمام الشهير “طيور الظلام”، الذي ينتقد فيه الحركات الإسلاموية، المشهد الذي كان يجلس فيه في بيت عزاء والده وإلى جواره رياض الخولي صديقه في الجامعة القائد في الحركة الإسلامية، (…يقول عنه عادل إمام إنه كان شيوعيا متخفيا بين الإسلاميين)، والصديق الآخر أحمد راتب (اليساري أبو الشعارات الذي لم تبدله الأيام)، وذلك عندما غنّى الثلاثي في بيت العزاء، “يا واش يا واش يا مرجيحة. متصدهاشي يا مرجيحة. هيلا هيلا هبا هيلا هيلا هبا..”.

وعلى ذمة المهندس سامح فرج، فإن “يا واش يا واش” معناها “مهلا مهلا” أو “رويدا رويدا”. وهو أحد التعبيرات الشعبية المصرية، وهذا التعبير ورد شرحه بالتفصيل، وكذلك كتابته بالحروف التركية في كتاب “معجم فرج للعامية المصرية والتعبيرات الشعبية”، الصادر من الهيئة المصرية للكتاب عام 2006.

تذكرت “طيور الظلام” و”يا واش يا واش” وانا أعيد قراءة حلقات نشرتها صحيفة “الغد” في سلسلة “سياسي يتذكر” مع أكثر من رئيس حكومة أردني  بينهم مضر بدران وعلي ابو الراغب وآخرون، حيث قدم أبو الراغب وجبة معلومات مهمة لمرحلة حساسة في تاريخ الأردن الحديث، عندما قاد دفة الحكومة لأطول فترة من عمر الحكومات الأردنية في المملكة الرابعة، لم ينافسه في مثلها سوى الدكتور عبدالله النسور.

كتابة مذكرات السياسيين مطلوبة، وهي ليست ملكا خاصا بهم، فهي جزء من التاريخ يترك الحكم عليها للأجيال المقبلة، والمذكرات أو حلقات سياسي يتذكر أو شاهد على العصر وغيرها من البرامج التي يتحدث فيها السياسيون عن تجارب حياتهم، تتصدر الأكثر قراءة أو مشاهدة أو متابعة في وسائل الإعلام المختلفة، وهناك قراء مدمنون (وأنا أحدهم) على قراءة كتب المذكرات، لكن المحبط دائما في قراءة هذا النوع من الكتب، أو الحلقات، عدم اعتراف السياسي في كل مراحل عمله أنه أخطأ في مرحلة ما، أو حتى جانبه الصواب في التقدير، مع أن الاعتراف بالخطأ فضيلة.

أبو الراغب، دافع بشراسة عن قيام حكومته، بإقرار أكثر من 200 قانون مؤقت في غياب البرلمان، وهو يعرف جيدا أن لا حكومة قبله أو بعده، منذ قيام الدولة الأردنية أقدمت على هذا الفعل الذي قد يكون دستوريا مثلما يؤكد أبو الراغب، لكنه لا يتطابق مع الأعراف الديمقراطية. لن تقوم القيامة لو اعترف أبو الراغب أن حكومته، لظروف تحكمها الضرورة، توسعت في القوانين المؤقتة، هذا إذا كان لا يريد أن يقول أخطأنا.

عدم الاعتراف بالخطأ ثقافة يمارسها الجميع ( الأفراد والجماعات، والأحزاب والمنظمات، والوزارات والمؤسسات) ، لا بل يتجاوز بعضهم إلى التعالي على الأخطاء حتى يصل الأمر أن يقنع المخطئ المعاند الآخرين بأنه دوما على صواب.. وأنهم هم المخطئون دوما.. إلى محاولة تبريره، وإلى تطويع المنطق ليصبح الصواب خطأ والخطأ صوابا.

تذكرت مذكرات أبي الراغب وأنا أتابع الاحتفال المهيب بتوقيع كتاب “يوميات عدنان أبو عودة 1970 – 1988″، متمنيا أن يكون هذا الكتاب مختلفا عن كتب المذكرات الأخرى للسياسيين الملائكة. 

السياسيون بشر، وليسوا ملائكة، قد ينتحرون وقد يخطئون، وهم عاكسة حقيقية لمجتمعاتهم. مجتمعاتنا.. أليس كذلك؟

الدايم الله…..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سياسيونا لا يخطئون وفي المذكرات ملائكة سياسيونا لا يخطئون وفي المذكرات ملائكة



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 18:00 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 08:31 2018 الخميس ,20 أيلول / سبتمبر

سعر الدرهم المغربى مقابل اليورو الخميس

GMT 13:15 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روماو يحدد قائمة لاعبي "الجيش" لمواجهة "المغرب الفاسي"

GMT 03:32 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة توضح دور الخوف في عملية انقراض الحيوانات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca