ويتساءلون..لماذا يكرهوننا؟

الدار البيضاء اليوم  -

ويتساءلونلماذا يكرهوننا

اسامة الرنتيسي
اسامة الرنتيسي

في كل انتخابات اميركية يخرج  أحد مرشحي الرئاسة بتصريحات عنصرية همجية استفزازية، ليس للناخب الأميركي فقط بل للعالم، هذا ما فعله مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب قبل أيام عندما طالب بمنع دخول المسلمين إلى أميركا، ما اضطر البيت الأبيض إلى أن يعلن أن هذه التصريحات "لا تؤهله إلى الترشح للرئاسة"، وأن مكانها "مزبلة التاريخ". وهي "مسيئة وتسمم الأجواء".
هذه التصريحات لا تختلف عمّا فعله رفيقه في الحزب في الانتخابات السابقة، هل تذكرون ماذا قال نيوت غنغريتش، الذي كان الأوفر حظا للفوز بترشيح الجمهوريين لانتخابات الرئاسة الأميركية الماضية. يومها، ولأنه تربى على أن مفاتيح بوابات البيت الأبيض مخزنة في تل أبيب، زعم أن الفلسطينيين "مجموعة إرهابيين" وشعب "تم اختراعه".

هرطقات غنغريتش، التي جاءت بسخرية في المقابلة التي أجرتها معه محطة "جويش تشانل" اليهودية، تعيد إلى الذاكرة تصريحات مماثلة لقادة إسرائيليين ينكرون فيها وجود شعب فلسطيني، وبالتالي حقوقه الوطنية في الحرية والاستقلال وفي العودة إلى دياره التي هُجّر منها بالقوة العسكرية الغاشمة.
مثل هذه التصريحات لا تليق بمسؤول أميركي يرشح نفسه لقيادة أقوى دولة في العالم، ويتبارى قادتها للدفاع عن القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، بقدر ما تليق بسياسيين عنصريين يتحدثون لغة تنتمي إلى أيديولوجية نازية بائدة عانت البشرية من ويلاتها وكان اليهود في مقدم ضحاياها، لأنها تعاملت معهم باعتبارهم " فائضا على الحاجة" في منظومة الأسرة الدولية.

مثلما انزعج العالم من تصريحات ترامب، انزعج يومها من تصريحات غنغريتش وحزبه الجمهوري، وكان عليهما أن يقدما اعتذارهما لشعب يعتز بكونه جزءا لا يتجزأ من شعوب أمته العربية، له وطن عاش فيه على امتداد آلاف السنين، وطور فيه حياته وثقافته وحضارته الإنسانية، وقدم فيه للبشرية بأسرها أبجدية أسهمت في حفظ وتطوير الثقافات والحضارات الإنسانية.
القادة السياسيون في الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة مدعوون إلى موقف متوازن من الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وعدم التطرف في الدفاع عن السياسة العدوانية الاستعمارية لدولة إسرائيل في حملات الدعاية الانتخابية للرئاسة الأميركية، على حساب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني؛ وإلى الأخذ بعين الاعتبار مصالح الولايات المتحدة في منطقة تشهد تحولات واسعة يستعيد فيها الرأي العام دوره في الدفاع عن المصالح الوطنية والقومية التي كانت الأنظمة الاستبدادية تضحي بها للحفاظ على علاقاتها مع الولايات المتحدة وسياستها في المنطقة.

إذا كان الشعب الفلسطيني شعب تم اختراعه، كما  ادّعى غنغريتش، فكيف له أن يقنع الناخب الأميركي باختراع فلول  اليهود، وتمكينهم من أن يكونوا شعبا إسرائيليا على أرض فلسطين، وهو ونحن والعالم بأكمله نعرف كيف تآمر العالم على حقوق الشعب الفلسطيني الذي طرد من وطنه وشرد في بقاع العالم، من أجل عيون فلول الصهاينة، ليكونوا شعبا على أرض فلسطين؟
تصريحات ترامب وغنغريتش فواتير مستحقة الدفع لأصحاب المال في "إيباك"، وفي بنوك تل أبيب، وللوبيات الصهيونية في الولايات المتحدة، حتى يؤكدان من الآن أن لا دولة فلسطينية ضمن مشاريع الإدارة الأميركية المقبلة، وأن حل مشكلة "الشعب المخترع" هي مشكلة عربية!

لقد دفعت الولايات المتحدة مئات الملايين من الدولارات، في السنوات الماضية، لتحسين صورتها في العالمين العربي والإسلامي، وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001 طرح الأميركيون سؤالا ربما كان واحدا من أكثر الأسئلة شهرة في التاريخ، وهو: "لِمَ يكرهوننا؟"، والمقصود هنا  المسلمون والعرب، فهل عرفوا الآن لِمَ يكرههم المسلمون والعرب عموما والفلسطينيون خصوصا؟ وللدقة، فإننا نكره الصهاينة منهم، بل الأكثر صهيونية من محتلي بلادنا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ويتساءلونلماذا يكرهوننا ويتساءلونلماذا يكرهوننا



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca