«بلانات شباط» و«بلانات الشينوا» (2/2)

الدار البيضاء اليوم  -

«بلانات شباط» و«بلانات الشينوا» 22

بقلم : رشيد نيني

بنفس الطرق الملتوية، يتم تزوير تصاميم التجزئات السكنية، ولدينا نموذج تجزئة أقيمت فوق أرض كانت مخصصة لمقبرة، ويتعلق الأمر بتجزئة السلام بطريق صفرو ذات الرسم العقاري عدد 94133/07، التي قامت الجماعة بعملية التجهيز والبيع بها، ويوجد فوق هذه التجزئة مقر مقاطعة سايس، والخطير في الأمر أن التصميم الأصلي لهذه التجزئة يحترم كافة المعايير المعمول بها من ناحية المساحات الخضراء ومطابقته لتصميم التهيئة الحضرية، وعلى هذا الأساس اقتنى العديد من المواطنين بقعا أرضية مخصصة للبناء، لكن في الواقع وقعت تعديلات مست الشوارع والطرق والمساحات الخضراء، والخطير في الأمر أنه تم إنجاز محضر التسليم المؤقت سنة 2008، في حين ينص القانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، على عدم تسليم التجزئة إلا بعد الانتهاء نهائيا من أشغال تعبيد الطرق وقنوات الصرف الصحي مع احترام دفتر تحملات التجزئة، ويستعمل المحضر من طرف الوكالة الحضرية إلى جانب التصميم الأصلي للحصول على تقسيم القطع الأرضية واستخراج رسومها العقارية، لكن هذه المسطرة لا يتم احترامها في الواقع، عبر إدخال تعديلات على التصميم الأصلي بفتح طرق إضافية وتقليص عرض بعض الشوارع والمساحات الخضراء لإضافة بنايات ومحلات تجارية، وللحصول على الرسوم العقارية بعد إدخال التعديلات، يتم وضع تصميم مزور، بنسخ نفس معطيات وبيانات التصميم الأصلي ووضعها على التصميم المعدل المطابق للتعديلات والتغييرات التي طرأت على التجزئة في الواقع، ونتوفر على نسخ من هذه التصاميم المزورة، تحمل تاريخا مخالفا لتاريخ التصميم الذي وضعه المهندس، يعني أنه تم الحصول على الترخيص سنة 2005 قبل التصميم الذي يحمل تاريخ 20 فبراير 2008، فيما يحمل التصميم الأصلي تاريخ 26 يوليوز 2007، ومحضر التسليم أنجز في 2007 يحمل توقيع النائب السادس لشباط بوعزة الركبي المكلف بالتعمير، هذا الأستاذ الذي أصبح من أغنياء المدينة، والذي بعدما ضاق به حزب الاستقلال بما رحب، انتقل بتنسيق مع شباط خلال انتخابات 2011 إلى جبهة القوى الديمقراطية لكي يصبح مستشارا برلمانيا عن دائرة قرية با محمد غفساي لكي ينافس الاستقلالي أحمد مفدي الذي سبق لشباط أن أزاحه من عمودية فاس، قبل أن يسقط غصن الزيتون من يده وينتقل برسم الانتخابات الأخيرة إلى حزب الحركة الشعبية.

إذن عملية التزوير التي طالت «بلانات الشينوا» واضحة، وعمدة فاس الحالي، إدريس الأزمي، أقر بذلك، لكن عوض إحالة هذه التصاميم على القضاء من أجل فتح تحقيق بشأنها انسجاما مع شعارات حزبه حول محاربة الفساد، لأن الأمر يتعلق بتزوير والتلاعب في وثائق إدارية رسمية تخص مباني تشكل خطورة على حياة قاطنيها، قام الأزمي ولأسباب سياسية وانتخابية، بنشر إعلان طالب من خلاله أصحاب التصاميم التي اكتشف أنها مزورة، بتقديم طلبات الحصول على تسوية الوضعية القانونية للبنايات المشيدة إلى غاية 31 دجنبر الماضي، والتي طالتها مخالفات للتصاميم المرخصة بغرض تمكين المخالفين من الحصول على الرسوم العقارية لهذه البنايات، وهو ما يعتبر في لغة القانون تسترا على جرائم يعلم بوقوعها، يتحمل الأزمي المسؤولية القانونية عنها إضافة إلى مسؤوليته السياسية والأخلاقية، كما أن قانون التعمير رقم 12.90 لا ينص على التسوية، فضلا عن أن الأزمي استند على القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، واتخذ مقررا جماعيا في دورة مجلس المدينة المنعقدة في شهر فبراير 2016، لإصدار مذكرة تسوية جرائم التعمير، علما أن هذا القانون لا يخول له بأي وجه من الأوجه القيام بهذه العملية، لأن المقررات الجماعية لا تلغي القوانين الصادرة بالجريدة الرسمية بموجب ظهائر، كما أن المادة 42 من مرسوم ضابط البناء العام، تنص على تحرير رخصة السكن وشهادة المطابقة بعد إجراء معاينة للتحقق من أن الأشغال أنجزت وفق ما يجب، وتقتضي هذه المعاينة التأكد من مدى مطابقة الأشغال المنجزة مع التصاميم المعمارية والتقنية وكذا البيانات المتضمنة برخصة البناء.

أما شباط عمدة فاس السابق، ونائباه المفوض لهما بملف التعمير والبناء، بوعزة الركبي، وحميد شهبار، فقد كان يجب إحالتهم على القضاء للتحقيق معهم بخصوص التزوير الذي طال تصاميم البناء والوثائق الإدارية، والتي تشكل 2500 حالة التي ضبطها الأزمي وتستر عليها مجرد عينة، فالتفويض لا يلغي مسؤولية شباط في جرائم التعمير التي وقعت في عهده، والتي كان على علم بها وسارت بذكرها الركبان، فحسب منطوق مذكرة وزير الداخلية بشأن تحديد المسؤولية في مجال التفويض، نجدها تنص صراحة على أن التفويض لا يعفي الرئيس من مسؤوليته باعتباره المسؤول الأول عن حسن سير المرفق العام ومصالح الجماعة، بحيث لا يجب أن يدفع بقرار التفويض الممنوح لأحد نوابه في حالة ارتكاب هذا الأخير لأخطاء جسيمة أضرت بمصالح الجماعة والمواطنين على حد سواء، لكي يتملص من المسؤولية إذا علم بارتكاب النائب للمخالفة ولم يتخذ في حقه الإجراءات التأديبية المنصوص عليها في هذا القانون، وهكذا كان يتعين على الرئيس أن يبادر إلى سحب القرار من نائبه في حالة ملاحظته لأي تجاوز، ويمكن أن يتعرض الرئيس للعقوبات التأديبية إذا ثبت أنه كان على علم بالخروقات المرتكبة من طرف النائب المفوض إليه، فضلا عن إمكانية متابعته بالمشاركة في الجرائم العمرانية التي لا تزال مدينة فاس تعاني من تبعاتها.

والسؤال الذي يطرحه المواطن الفاسي، ومعه بقية المغاربة، هو لماذا ابتلع أعضاء حزب العدالة والتنمية ألسنتهم، و«ضربوا الطم» عن جرائم التعمير التي توجد ملفاتها اليوم تحت أيديهم، بعدما كانوا ينشرون مذكرات حارقة حول ما سموه بـ«السيبة العمرانية» التي أحدثها شباط وزوجته وأتباعه بمناطق بنسودة وزواغة، في وقت وصل الصراع بين الطرفين إلى اعتقال أحد مستشاري حزب العدالة والتنمية بمناسبة خلاف حول السطو على أراضي منطقة المرجة، وهو المستشار الذي اكتسب بفضل اعتقاله تعاطفا شعبيا أوصله إلى منصب رئيس مقاطعة زواغة بنسودة وبرلماني تلك المنطقة، غير أنه أحجم اليوم عن تحريك ملفات شهدت أقصى درجات الغبن والزور والخرق للقانون، حيث كان بعض المغاربة في المهجر يعودون إلى بلدهم لكي يجدوا أن أراضيهم قد بيعت للغير على حين غرة، وشيدت عليها بنايات مرخصة، مما أدى إلى وفاة أحدهم بسكتة قلبية، ولماذا أصيب البرلماني السابق بومشيطة اليوم بالخرس، بعدما كان من أشرس المعارضين لسياسة شباط العمرانية، وكان يطالب وزير العدل بالتحقيق في صفقة ملعب التنس المعروف بملعب هنري لوكونت التي تمتد على عدة هكتارات من أرض المرجة، والتي تستغل اليوم بواسطة شركة (SMRS)ذات السجل التجاري عدد: 43413، كمطعم وكمحل لبيع الخمور «لغير المسلمين طبعا»، ويملك أحد أبناء شباط نصف أسهمها.

أما عن مشاريع شركة الفتح الجديد (أفيج)، فحدث ولا حرج، فهذه الشركة عرفت أوجها في عهد العمدة شباط، واستطاعت أن تستحوذ على مئات الهكتارات من الأراضي الفلاحية المحيطة بفاس وتحويلها إلى غابات إسمنتية، ويكفي الرجوع إلى موقع الفيسبوك لنضال شباط أحد أبناء العمدة السابق لكي نجد الولد يعرف بنفسه كمقاول بشركة أفيج، مما يعني أن لصاحبنا نصيبا معلوما في تلك الشركة العقارية التي أهلكت الزرع والضرع، وأن التراخيص التي منحت لها كانت تنطوي على جريمة تعارض المصالح.

لذلك فعندما يأتي شباط اليوم ليقول بأنه لن يخضع للديكتاتورية التي تريد إبعاده عن الترشح، فكأننا بالرجل يحاول أن يلعب آخر أوراقه، ويمارس العنترية الجوفاء خوفا من أن تنكشف اللعبة بكاملها، وينفتح صندوق باندورا أمام العالم، لكي يظهر مصدر ثرواته، بعدما انكشف حجمها

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«بلانات شباط» و«بلانات الشينوا» 22 «بلانات شباط» و«بلانات الشينوا» 22



GMT 05:05 2017 الثلاثاء ,06 حزيران / يونيو

حتى أنت يا مصيطيفة

GMT 05:06 2017 السبت ,03 حزيران / يونيو

الدرهم العائم

GMT 06:18 2017 الخميس ,01 حزيران / يونيو

يتيم في العيد

GMT 06:30 2017 الثلاثاء ,30 أيار / مايو

عادات سيئة

GMT 05:40 2017 السبت ,27 أيار / مايو

ولاد لفشوش

GMT 11:50 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 08:12 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

أويلرز يفوز على مونتريال في دوري هوكي الجليد

GMT 05:03 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

شخص ملثم أضرم النار داخل مسجد فجر الاربعاء

GMT 17:08 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"المغرب اليوم" يكشف عن أجر "جون سينا" في" التجربة المكسيكية"

GMT 06:44 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

"كالابريا" أحد كنوز إيطاليا الخفية عن أعين السائحين

GMT 01:14 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

مرتجي يؤكد استعداد الأهلي إلى "حدث تاريخي"

GMT 06:21 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

أحلام تهتف باسم الملك وتُغني للراية الحمراء

GMT 20:38 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

"شعبي نايت لايف" حفلة ضخمة للطرب في عيد الفطر
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca