مجرد مصالح صغيرة !

الدار البيضاء اليوم  -

مجرد مصالح صغيرة

بقلم : المختار الغزيوي

عادي أن يمثل عديدون دور الغاضبين من سرعة تشكيل سعد الدين العثماني لحكومته، في الوقت الذي ظل ابن كيران يحاول دون جدوى القيام بذلك لمدة خمسة أشهر، إلى أن كان ماكان من إعفاء له ومن تعيين للعثماني في منصب رئيس الحكومة.

الحكاية كلها قدرة تفاوضية، هي معنى السياسة الأول والأخير في العالم بأسره. والحالمون الذين ما زالوا ينظرون إلى أمنياتهم والرغبات باعتبارها أشياء يجب أن تتحقق وإلا فإنهم سيكفرون بكل شيء دفعة واحدة، إنما يكررون أخطاء سبقتنا إليها الإنسانية منذ عقود…

لنعد الأشياء إلى بديهيتها الأولى، ولنتسلح ببعض من التنسيب لكي نفهم الذي وقع بعيدا عن التموقع مع هذا الطرف أو ذاك.

عندما كان ابن كيران يمخر عباب الحملة الانتخابية بكثير الأساليب والوسائل والكلام، قال القائل إن الرجل يقطع شعرة معاوية مع من يفترض أنه سيلجأ إليهم يوما لتكوين حكومته، طالما أن الاقتناع حاضر وموجود في المغرب ألا حزب يمكنه لوحده أن يحصل على الأغلبية اللازمة لتكوين حكومة لوحده.

حينها قال القائل المساير لرئيس الحكومة السابق مدافعا عنه «إنها طريقة الرجل في الحديث وسيجد الوسيلة لكي يقنع حلفاءه بعد الانتخابات، أن كلام الحملة يمحوه مابعدها والسلام».

عدد قليل ممن تتبعوا المشهد السياسي المغربي بعين رصينة، لا عين الانتماءات والتموقع والعواطف قالوا «لا، سيكون لكل هذا الكلام مابعده والأيام بيننا».

عندما ألقت الحملة الانتخابية أوزارها شرع الجميع في فهم المقلب الذي وضع ابن كيران نفسه فيه. شخصن الرجل الموضوع كثيرا، وعندما فهم أنه لن يحل الإشكال صعد إلى أعلى الجبل وجلس منتظرا.

ممكن أن ينتظر ابن كيران، لكن البلد بالمقابل لا يمكنها أن تنتظر. أو للتدقيق أكثر البلد لا يمكنها أن تنتظر أكثر من خمسة أشهر. لذلك كان الإعفاء، وكان التعيين، وكان الاتفاق على التشكيل أسبوعا ويوما واحدا فقط بعد التعيين…

الآن لنمر إلى أثر الصدمة لدى عدد ممن باعونا كلاما كثيرا منذ شتنبر الماضي، أي منذ ماقبل الانتخابات بشهر..

عادي للغاية أن يحسوا أن كل مازرعوه من كلام ومن تحليلات المنام واليقظة، ومن استيهامات بقي في هذا الطور ولم يبارحه..

المغرب بلد توافق بامتياز، وهو يعرف متى يجد الشخص المناسب لقيادة عملية التوافق هاته كلما دعت إليها الضرورة. ومن ينظرون أبعد من أرنبة أنوفهم يفهمون أن الضرورة قائمة في هاته اللحظة المغربية بالتحديد لتوافق قوي وحقيقي ولاشتغال بعيدا عن منطق الضغط والمزايدات لأجل مواجهة التحديات الراهنة والقادمة، وما أصعبها بالفعل!

حتى ابن كيران فهم المسألة وسبق مصلحة وطنه على الاستمرار في شخصنة الموضوع، وقرر مساندة العثماني ومساعدته في مساره المقبل.

فما الذي يضير الغاضبين إذن؟

يضيرهم أن مصالحهم الصغيرة لم تتحقق، ولن تتحقق ودائما نقولها ونعيدها : مع جزء من «النخبة» لا يرى مصلحة البلد، ويرى فقط امتيازاته الصغيرة العابرة والمارة، لن نتقدم كثيرا في النقاش.

سنظل حبيسي شعارات كبيرة جدا حد فقدان المعنى يرددها في الغالب أناس لا يؤمنون بها، أو يؤمنون بها فقط متى كانت مسايرة لهواهم.

حين لا تروقهم نتائج تلك الشعارات نفسها يلجؤون إلى نقيضها، وتجدهم يستعملون وسائل جد مسكينة للنيل من خصومهم الذين قطعوا عليهم الطريق نحو تلك المصالح.

ذلك هو الفرق دائما بين الشعار وبين تطبيق ذلك الشعار، بين قول الكلام وبين الإيمان به فعلا وتطبيقه، وتلك حكاية قديمة في البلد بل وفي الدنيا كلها لن تزول إلى أن يرث رب السياسة وغير السياسة الأرض ومن عليها…

المصدر : جريدة أحداث أنفو

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجرد مصالح صغيرة مجرد مصالح صغيرة



GMT 04:18 2017 الجمعة ,04 آب / أغسطس

الملك والشعب…والآخرون !

GMT 04:27 2017 الجمعة ,28 تموز / يوليو

أطلقوا سراح العقل واعتقلوا كل الأغبياء !

GMT 06:11 2017 الخميس ,01 حزيران / يونيو

ولكنه ضحك كالبكا…

GMT 05:21 2017 الإثنين ,01 أيار / مايو

سبحان الذي جعلك وزيرا ياهذا!

GMT 11:50 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 08:12 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

أويلرز يفوز على مونتريال في دوري هوكي الجليد

GMT 05:03 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

شخص ملثم أضرم النار داخل مسجد فجر الاربعاء

GMT 17:08 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"المغرب اليوم" يكشف عن أجر "جون سينا" في" التجربة المكسيكية"

GMT 06:44 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

"كالابريا" أحد كنوز إيطاليا الخفية عن أعين السائحين

GMT 01:14 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

مرتجي يؤكد استعداد الأهلي إلى "حدث تاريخي"

GMT 06:21 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

أحلام تهتف باسم الملك وتُغني للراية الحمراء

GMT 20:38 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

"شعبي نايت لايف" حفلة ضخمة للطرب في عيد الفطر
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca