دعوة للرتق بدل الفتق: الجزائري حبيب

الدار البيضاء اليوم  -

دعوة للرتق بدل الفتق الجزائري حبيب

بقلم : نور الدين مفتاح

أحيانا تعمل السياسة على مداواة الجروح القاتلة، وأحايين أخرى تقوم السياسة بكل بساطة بالقتل غير الرحيم، والحالة الاخيرة هي التي تنطبق على العلاقات الجزائرية المغربية، فباستثناء الرسائل المتبادلة في المناسبات الوطنية، لا نجد إلا الخلاف وربما العداء، وليس هناك من عداء أكبر من أن يحتضن جارك انفصاليين، ويعطيهم أرضا ويسلحهم، ويؤسس لهم جمهورية ويجعلهم قضيته الخارجية الأولى، لتتأسس بعد ذلك واحدة من أقدم الجدارات الفاصلة بين بلدين وشعبين وهي الحدود المغلقة انطلاقا من جوج بغال.
 
فهل يعني هذا أن نيأس نهائيا من إصلاح ذات البين بين الجارين اللدودين ؟ هل تنطبق مقولة الماضي الجزائرية من أن "الماء يولي حليب والمغربي ما يولي حبيب"على المستقبل؟ وهل هناك أصلا انعكاس مباشر للعداء السياسي بين البلدين على شعور الشعبين إزاء بعضهما البعض ؟ 
 
إن اليأس بطبيعته غير منتج، ولذلك نرى على المستوى الديبلوماسي أن الجهود لردم هوة الخلاف تبقى قائمة ومنها آخر زيارة قام بها الوزير المنتدب في الخارجية  المغربي ناصر بوريطة ورئيس المخابرات الخارجية ياسين المنصوري منتصف الشهر الماضي إلى الجزائر العاصمة، وحتى عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي هي بشكل من الأشكال محاولة لوضع القيادة الجزائرية أمام واقع جديد علها ترعوي، أما على المستوى الشعبي، فباستثناء الحرب الكلامية بين جزء من نخبتنا، نجد أن هناك أواصر محبة متبادلة بين الشعبين، فنحن الأقرب لبعضنا البعض في العالم لهجة وعادات وذوقا ولا تكاد تفرق بين مغاربة الشرق وجزائريي الغرب، وهذا وللأسف لا يعكسه إعلام البلدين.

وبما أن الاعلام ليس مجرد مرآة عاكسة للواقع، بل هو أداة للتعبئة أيضا، فقد ظلت نظرة الإعلاميين المغاربة والجزائريين لبعضهم البعض مختزلة في أن أولئك مخزنيين وهؤلاء مخابراتيين عسكريين، وهذا جعل نار الخلاف التي أنتجها السياسيون وكان ضحيتها الشعبان الشقيقان، تتأجج بالنفخ الإعلامي المتواصل فيها منذ عقود.

واليوم، ها نحن نكتشف مع محنة جزء من الصحافة الجزائرية أن الصورة النمطية التي ظللنا نجترها عن بَعضُنَا البعض خاطئة، فأكبر جريدة في الجزائر وهي "الخبر" منعت من بيع أسهمها لرجل الأعمال "يسعد ربراب" كما تم إغلاق أكثر من خمسين قناة تلفزيونية خاصة، واعتقال مدير إحدى هذه القنوات، وتم تكريس تحكم وكالة (أناب) العمومية في أكثر من سبعين في المئة من الإشهار واستعماله سياسيا، فالصحافة الجزائرية إذن فيها أقلام حرة ومستقلة تماما كما في المغرب، وبالمقابل هناك صحافة مأجورة في البلدين، ولكن، المصداقية هي القوة الضاربة لأي إعلام ولو كانت عند فئة قليلة، وهذه الفئة هي التي تحمل على عاتقها ترجمة هذا الشوق الدفين عند الشعبين للوصال والعناق بدل أن تستمر في إشعال الحرائق، والتبشير بالأسوأ.

اليوم وقد فقد الصحافيون احتكار التواصل الجماهيري، وأصبح للمواطن أدوات التعبير الواسع الانتشار عن طريق شبكات التواصل الإجتماعي، فإن عليهم نفس مسؤولية الرتق بدل الفتق، والوصل بدل القطع، وحمل خراطيم المياه بدل حمل قاذفات النار، فهدف المصالحة بين البلدين المغاربيين الكبيرين المغرب والجزائريستحق ذلك وأكثر، أليس كذلك؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دعوة للرتق بدل الفتق الجزائري حبيب دعوة للرتق بدل الفتق الجزائري حبيب



GMT 04:35 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

مزوار: اذكروا أمواتكم بخير !

GMT 12:45 2019 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

المغرب المحاصر

GMT 08:59 2019 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

المغرب والخليج بين ثورتين

GMT 07:54 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

لغة تدريس العلوم والشعب المغبون

GMT 09:01 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

لغة تدريس العلوم والشعب المغبون

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca