هل نتكلم عن نفس الإصلاح؟ 1/2

الدار البيضاء اليوم  -

هل نتكلم عن نفس الإصلاح 12

عبد الحميد الجماهري

يمكن أن نعود إلى البداية ونطرح السؤال:عندما نتكلم عن نفس الاصلاح في هذه البلاد،هل نتكلم عن نفس الشي؟
هل نتكلم عن نفس الشيء ونحن نتحد ثعن اصلاح المنطومة التعليمية والمنطومة الدستورية والمنطومة الاقتصادية واللغوية؟
لا أعتقد.. المصطلح هو نفسه ومآلاته ليست تشابهة!
ففي ترتيبات الإصلاح، للأطراف التي تدعيه اليوم في الساحة العامة معاني تتناقض وتتصارع:
فالاصلاح عند الذي تربى في البحث عن العصر الذهبي للأمة يعني العودة إلى السلف الصالح ، ولن «يصلح» حاضر هذه الأمة إلا بما صلح ماضيها .. ونحن هنا أمام رؤيا تريد أن تنزع التاريخية عن التاريخ وتجعل كل ما جاء من بعد السلف الصالح فسادا وجب استئصاله.
وأول ما يجب التحرر منه هو .. العصر وعوالمه وثقافته، كَرًديفيْن للبدعة والضلالة.
لهذا فعندما يتكلم الداعية السلفي باسم الإصلاح، أو يتكلم الفقيه المبشر بهكذا إصلاح اليوم، فهو في الواقع لا يختلف عن الدعوات التي رافقت سقوط الخلافة الاسلامية، حتي وإن كان المغرب لم يكن معنيا بها في صيغتها العُثْمانية..
ومن غريب تعقده، أنه في العمق يواجه وعارض كل مسارات الجديد في الحياة العامة للناس، وهو في عمقه مناهضة للإصلاح تتقدم مقنعة بشعارات الصلاح!
فهذا التوجه المناهض للاصلاح يجد غلافه وتأطيره في حركة واسعة للمناداة بالإصلاح تعبر المغرب اليوم..في الوقت الذي تكون فيه قناعا لمناهضة الاصلاح.la contre réforme كما عرفها التاريخ الديني !
فلسنا خارج التاريخ الديني للبشرية في هذه النقطة!
فالمناهضة للاصلاح، جاءت في أوروبا على يد الكاثوليك، كرد فعل على الاصلاحات التي نادت بها وحققتها البروتيستانتية.. و من غرابة التطور، انها بذاتها اندرجت في اطار تطلع ورغبة واسعين للاصلاح والتجديد الديني عبرا القرن المسيحي الغربي خلال القرن 15 وما بعده.
كانت مناهضة الاصلاح هي الرغبة في تمكين الكنيسة كم الادوات التي تستعيد بها فضاءات وسلط اعتقدت بأنها تضيع منها…كالمدرسة، والفضاء العمومي والمجال اللغوي.. وهي محطات تبدو لنا متقاربة مع جزء مما يعتمل في السياق الوطني مع الفارق في الجوهر الديني ..
ففي هذا القرن عادت الرغبة الدينية والروحانيات عودة قوية، واصبحت فكرة الخلاص الابدي فكرة مركزية وبالتالي أصبحت الافكار الدينية حول التوبة والخلاص متداولة بكثرة وتتعرض للنقاش، كما تعرضت الممارسات الدينية وسلوك رجال الدين و مواقف الكنيسة إلى الانتقاد والنقد .. حتى أن تلك الفترة سميت «قرون الروح»..! ومن هنا يمكن أن نفهم بالمقارنة المشروطة السعي الى استعادة فضاءات تعتبر أن التطور الذي حصل في المجتمع المغربي مناهض لروحانيتها..
أولا:الهجوم الرسمي غير المسبوق على الصوفية،(دريعة الدولة عند الباحثين في التصوف المغربي والسياسة ): فقد دعا الشيخ السلفي حماد القباج الشيخ حمزة، شيخ الطريقة القادرية البودشيشية، إلى «التوبة لله تعالى من البدع في الأقوال والأفعال التي يقوم بها مريدوه، قبل أن ينتقل إلى الدار الأخرى».
وخاطب القباج الشيخ حمزة قائلا: «أنا متأكد أنك تعلم يقينا أن ما يجري هذه الأيام في زاويتك لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا صحابته، ولا الإمام مالك، وغيره من أئمة الإسلام، فإن قلت إن ما تفعلونه من الدين؛ فلماذا لم يفعلوه، وإن لم يكن من الدين؛ فلماذا تُوهِم الناس بأنه من الدين». إن الإصلاح عند السلفي الذي أعلن موقفا سياسيا في الانتخابات الأخيرة يتجاوز صلاح الدين الى صلاح الدنيا، وهو يعني عودة القوة السلفية إلى تنشيط اليومي! 
ويذلك يكون
وفي السياق ذاته تساءل امحمد الهلالي القيادي بحركة التوحيد والاصلاح:
«متى ينعم المغرب بإغلاق بويا عمر الثاني بمداغ ويفك أغلال آلاف المأسورين في الخرافات والأوهام».
فلا فرق بين قرار طبي خاص ببويا عمر، اعتبره الوزير الوردي إصلاحا وبين الزاوية القادرية في منظور المسؤول الحركي :فالاصلاح يعني العودة الى وضع «طبيعي » تختفي فيه الزاويتان..!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل نتكلم عن نفس الإصلاح 12 هل نتكلم عن نفس الإصلاح 12



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca