الإسـلام السـيـاسـي، الثـورة والديمقراطية، بيـن إيران وتركـيا.. 2/2

الدار البيضاء اليوم  -

الإسـلام السـيـاسـي، الثـورة والديمقراطية، بيـن إيران وتركـيا 22

بقلم : عبد الحميد الجماهري

كان من المفروض أن تفضي نهاية الحكم الدكتاتوري الاستبدادي لشاه إيران على أيادي الثوار، إلى ديمقراطية تعددية تفتح المجال لكل الذين ساهموا فيها، كل حسب عمله وقدرته. 
لكن الذي حصل فعليا هو انزياح كلي نحو الفراغ الديمقراطي، وتعددية الواحد لا غيرية فيها..
وكان المآل الذي نعرفه، كله بشاعة بالنسبة لحزب« تودة» الشيوعي ومناضليه، بل حتى الذين لم يسلموا بولاية الفقيه، وإن كانوا قادة كبارا في الصورة، تم تهميشهم وتغييبهم واغتيالهم سياسيا أو رمزيا..
واتضح أن الإسلام الذي كان ثورة كبرى في تاريخ البشرية لم تسعفه الثورة عندما ارتبط بالسياسة….
يكاد السيناريو اليوم يفرض نفسه مع الإسلام السياسي السني، لأن أردوغان في النهاية فكك منطق الدين القابل للولوجية الديمقراطية..
ما يعلمه اردوغان في العمق هو احتمال تاريخي كبير بإمكانية التعايش بين الإسلام السياسي والديمقراطية، ولعل الذين عليهم أن ينتفضوا هم أصحابه، أقصد بذلك الإسلام السياسي والحزبي..
ولحد الساعة يبدو أن الأمر يتعلق بتيار ديني آخر، كان هو الذراع الدعوي(قد يكون هو حركة التوحيد والإصلاح بالنسبة للعدالة والتنمية في تركيا، كما قد يكون هو المقابل التركي للعدل والإحسان، إذا شئنا الخيال السياسي!)، ولكن هل سيقبل المجتمع التركي التعددي بهذه التصفية التي تجري بدون أي غطاء حقوقي أو قانوني؟
وإذا ما رفض ذلك ونهض محتجا، ألن يجد اردوغان الفرصة تاريخية لتصفية من تبقى من معارضيه، حتى ولو لم ينقلبوا عليه؟
أية مكانة نعطيها في الحسابات السياسية لما يجري الآن؟
انقلاب داخل الانقلاب ولا شك، إذا سلمنا أن المؤسسة العسكرية التي ستتعايش مع اردوغان من بعد، ستظل وفية للشرعية ولمشروعها الكمالي، هل يمكن أن نتصور نهاية الانقلابية التركية؟
وكيف سيتعامل المشروع السياسي الديني مع تحول من هذا القبيل؟
شتاء طويل ولا شك ينتظر تركيا!
وسيكون على أردوغان أن يعيش السياسة كانقلاب مستمر..
ولعل هذا هو المقصود مما قاله صنوه «يلدرم» عندما صرح «بأن انقلابا آخر وارد»، أي لا بد منه لكي يستمر المشروع إلى نهايته!
والرد التركي حاليا يتطلب العديد من الوسائل- بما فيها الإعدام- كما يتطلب «حقل عمل» مفتوح، مجاليا وزمانيا..وهو المقصود بالانقلاب المستمر.
لكي تنجح عملية التلقيح الضرورية بين الحل السياسي الديني وبين الحق السياسي الديني الذي لا يحتاج إلى ديمقراطية، كان على أردوغان أن يتغير حسب بقول ميشيل فوكو نفسه «لا بد من تغيير الفاسدين، ولا بد من تغيير كل شيء في البلاد، لكن لا بد أساسا من تغيير أنفسنا».
ولكن لا يبدو أن أردوغان يشتغل على نفسه..
والذين فرحوا بالتجربة التركية في قيام الدولة بدون الحاجة إلى الدين كمصدر تشريع، لا بد من أنهم سيتجللون بالشك الآن، وهم يرون أن الصعوبة كامنة في استحالة التغيير الذاتي للإسلام السياسي السني عندما يملك السلطة!
لقد استطاعت الثورة الإيرانية أو فوز الإسلام السياسي الشيعي بعد الحرب الباردة في أن تعطي معنى لحياة الذين قاتلوا من أجلها، لكنها سرعان ما قتلت الدولة الحديثة في البلاد، واليوم مع حالة ما بعد العولمة يجرب الإسلام السني حظه في الدولة الحديثة، من خلال تجربة يتابعها العالم قبل العالم الإسلامي السني..
لنعد إلى الفيلسوف فوكو:«أن مشكلة الإسلام كقوة سياسية، مشكلة أساسية لزمننا وللسنوات القادمة. والشرط الأول لمقاربته بغير قليل من الذكاء هو ألا نشرع في وضع الحقد فيه»..
الحقد الذي يمزجه أردوغان بالرد السياسي، ويرفع راية الانتقام!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإسـلام السـيـاسـي، الثـورة والديمقراطية، بيـن إيران وتركـيا 22 الإسـلام السـيـاسـي، الثـورة والديمقراطية، بيـن إيران وتركـيا 22



GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca