الإسلام السياسي، الثورة والديمقراطية، بين إيران وتركيا..1/2

الدار البيضاء اليوم  -

الإسلام السياسي، الثورة والديمقراطية، بين إيران وتركيا12

بقلم : عبد الحميد الجماهري

لما قامت الثورة الإيرانية ، صرخ الكاتب والمفكر الفرنسي الشهير ميشيل فوكو صرخة شهيرة يقول فيها»، لست استراتيجيا«، وعنى بها أنه لم يعد يومن بأن التاريخ يسير قدما نحو الأمام، وأنه ليس ذلك الكيان العاقل الذي لا يلتفت إلى الوراء، بل هو دورات حلزونية تجعل الماضي يعود أحيانا على شكل ثورة.
كان يقصد قدرة الإسلام السياسي، كما دشنته السيرة الشيعية على أن يعود في لبوس جديد، عصري، ويمكنه أن يكون قوة تحرير!
كان محور تفكير الرجل الذي زار إيران الثورة مرتين، هو التفكير في علاقة الروحي بالسياسي…، وكانت الثورة وقتها حصاد الجميع، من الليبراليين إلى الشيوعيين في حزب تودة، ومن التجار إلى الملالي وكل أحزاب المعارضة،«وقتها كتب على صفحات »"كورييري دي لاسيرا" الإيطالية«، التي كان مراسلا صحافيا لها ( يا ابتوع المدارس… تأملوا الفيلسوف مراسلا !) ما يلي:» أي معنى نعطي ، بالنسبة لساكنة إيران، لبحثهم ، ولو بالتضحية بأنفسهم، عن ذلك الشيء الذي نسينا نحن إمكانية وجوده منذ عصر النهضة و الأزمات الكبرى للمسيحية والمقصود به روحانية سياسية«.
هذه الروحانية السياسية، كانت مرادفا للثورة ومناهضة للاستبداد والحكم القاهر للشاه، كما نبذتها القوى الأكثر حداثة والأكثر عصرانية، نسفته هذه الروحانية في ثورة أعادت التاريخ بمسحته الدينية، ونقلت فضاء دينيا عتيقا إلى عمق الحاضر، وأثقلت الفكر الديمقراطي بطوباوياتها كلها.
زمان أخر يعود إلى فضاء مغاير له..
وعندما يتحقق ذلك الفعل الثوري يطرح سؤال آخر نفسه :كيف يصبح الزمن السياسي الحالي هو وعاء الروحانية وخميرتها، بدون أن يحدث ما لا يمكن تصوره؟
وكان الجواب هو أن .. العطب سرعان ما أعلن عن نفسه، وكان لا بد للإسلام السياسي الشيعي أن يمحو كل ما بشرت به الثورة، والعودة إلى انغلاق القساوسة ووحدانية اللون السياسي؟
كل الأطياف تحت عباءة واحدة، وكل التيارات لا يمكن أن توجد إلا كتنويع للتيار الملالي الحاكم؟
هل يتكرر العطب في لقاء الثورة مع الإسلام السياسي الشيعي مع الإسلام السياسي السني في علاقته مع الديمقراطية، كما نشهد بعض أطواره في تركيا اليوم؟
للسؤال شرعيته، وهي ليست تسويغا للتشكيك في المجهود الذي قامت به تركيا في توليف الإسلام السياسي مع الديمقراطية إلى حين التعرض لأول وأكبر امتحان لها.. بل هي شرعية تستمد قوتها مما يتم ويرخي بظلاله على التعايش بين الديمقراطية والإسلام السياسي السني في تركيا..
هل يمكن أن يحصل ذلك بدون أن يحصل تكرار سيناريو الملالي، أي تيوقراطية تتعايش تحت عمامتها كل العقول؟..
لقد حلم ميشيل فوكو بذلك، لكن المعطيات التي حصلت من بعد أثبتت أن حلمه سرعان ما تكسر وأن التيوقراطية نجحت..
ومن حق المتشائمين أن يتشاءموا من تعميم النموذج التركي في «قران» الديمقراطية بالإسلام السياسي..
وليس نكاية في كل التجارب، بل هو تفكير في معيقات المعادلة المطروحة بحدة منذ الربيع العربي، والتي فجرت مكنوناتها من جديد وقائع ما بعد الانقلاب في تركيا…؟
فهل ستؤبدُ هذه الوقائع تجربةَ الديمقراطية والإسلام السياسي السني ، في منطق الاستحالة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإسلام السياسي، الثورة والديمقراطية، بين إيران وتركيا12 الإسلام السياسي، الثورة والديمقراطية، بين إيران وتركيا12



GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca