عودة زمن الشك

الدار البيضاء اليوم  -

عودة زمن الشك

بقلم : عبد الحميد الجماهري

لم تكن تصريحات الأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط التي تناقلتها الصحافة خلال الأسبوع الماضي من النوع الذي يمكن أن نجْمِله في مستملحات رمضان ونمُر إلى الفقرة الموالية، بل كانت فضيحة بمقاييس لا حصر لقاعها.
فقد كشف الأمين العام أنه تعرض لمحاولة اغتيال في الطائرة التي كانت تُقِله وفريقه النيابي إلى العيون، في «اكديم ايزيك»…!!!!
وهو يُصِرّ على أن كلامه مسؤول وأن الاغتيال الجماعي كان مخططا له..
كان من الممكن أن تقف الدولة مطولا عند التصريح وأن تكشف ما يجب أن تكشفه 
كان من الممكن أن تستمع الدولة، عبر القضاء ومكتب التحقيقات المركزية إلى الأمين العام لأعرق حزب في البلاد وثاني قوة سياسية فيها في مرحلة ما بعد الربيع المغربي..
لكن لا شيء لحد الساعة تم..
وسيتداول أبناء «سيدي علال الخبر ويبنون عليه شكا كبيرا حول المرحلة….
وستزيد المخيلة الخصبة للمناضل والنصير والعاطف ما نسيته حبكة السيناريو الأصلي في الحكاية ويتعمق الشرخ…
ولا أحد يفكر في أن يسلط ضوء الحقيقة على ما وقع ..
فالدولة تغذي الشك بصمتها 
ولا تغذيه فقط بكلامها الخشبي..
قبل شباط، كان رئيس للحكومة والأمين العام لأول قوة سياسية في البلاد قد أعلن أنه مشروع شهيد!
وأنه جثة تمشي على قدمين، وأنه على استعداد للموت…
وللشهادة..
كما لو أنه أحد أفراد خلية ثورية تشتغل في أدغال «كولومبيا»..
وأنه على استعداد للسجن..
كأي جمهوري يقف في قاعة المحكمة ليصرخ عاشت الجمهورية!
وبطبيعة الحال، فإن الزعيمين لا يضعان أية إشارة تفيد بأن أقوالهما هي من قبيل الدعابة السياسية 
أو الخيال العلمي في الفضاء العام..
ولا أنهما يقدمان ما يجعل المغاربة،
ثم الأمن،
ثم القضاء 
يصلون بسهولة إلى من يتربص بهما ويريد تصفيتهما ..
ولا أحد تساءل:ماذا لو نجحت عملية «اكديم ازيك»
وتم اغتيال أمين عام حزب الاستقلال 
وفريقه النيابي
وقيادة أعرق حزب وطني في البلاد؟
ولا أحد تساءل:ماذا لو أن قناصة مجهولين
نجحوا في تصفية رئيس الحكومة؟
ولا أحد تساءل: ماذا لو أن الملك، فعل ما ينتظره بنكيران منه، لإثبات حبه له 
وأدخله السجن ليختبر عاطفته الملكية في الزمن الجديد
وأصبحنا تحت طائلة حكومة يسيرها رئيسها من سجن .. اغبيلة 
أو من «العادر..» ؟
هي أسئلة قد يطرحها كبور بناني سميرس عندما يريد أن يجتهد في الغرابة
وقد يطرحها الفنان الكبير عاجل لو فكر من جديد في مسرحية «الحي»؟
أو قد يطرحها صحافي مثل هذا الذي يكتب هذا السيناريو 
حرفا وحرفا
شكًّا وشكا..
لكن لن يطرحها القاضي
ولا النائب العام
ولا الوكيل العام
وتبقى عالقة تزيد الشك في السلامة السياسية للبلاد..
كان من المكن أن يكون الشك، نوعا من الاحتفاء بـ….الأمل!
نوعا من الطريق التي تفضي إلى اليقين بأن البلاد تسير نحو الأفضل، لأن مثل هذه المخاوف بعيدة .. لكن ما من أمل
وما من يقين سوى أن البلاد مهددة في كل لحظة بعودة الرصاص والاغتيالات والسجون، وأن الذين سيلقون هذا المصير هم أبناء المؤسسة ، أبناء العمق في الدولة ، من قادة، سياسيين ورؤساء حكومات..
من حقنا أن نسأل :من يريد أن يخوض انقلابا على السياسة كلها ورجالاتها؟
وبما أن الشك لا يكون شكا إذا هو لم يمس الانتخابات، فقد كان لا بد من أن يدعو رئيس الحكومة إلى الشك المطلق في ما مضى منها، لكي تثبت الدولة أنها بريئة من … انتصاره يوم 4 شتنبر!
وقد سحب، وعمم الشك في بقائه على قيد الحياة على الشك على الانتخابات كلها وطالب بنشر النتائج كاملة عن 4 شتنبر ..!
هل من حقه؟
نعم خاصة وأنه رئيس الحكومة، لكن لا معنى لذلك إلا إذا رأيناه من زاوية الشك في ما سيأتي وفي ما مضى…!
فالشك في ما سيأتي ، هو عدم الثقة في مستقبل الاقتراع القادم في أكتوبر ، وهو الخوف «من صافي قضيتو بيا وغادي تلوحوني..»!
وبذلك يتغذى الشك بقوة، مِنْ نشر الحقيقة الانتخابية أكثر مما يهدئه أو ينزع فتيله..
والشك أيضا فيه رد على شك يمس الذي سبق: كون انتخابات 2011، مشكوك فيها لأنها ترتيب فوق ديموقراطي تحكمت فيه مصلحة الدولة من منظار الدافع الخارجي…!
ومعنى آخر فانتخابات 25 نونبر 2011، التي قادت رئيس الحكومة إلى المشور السعيد وقتها، أصبحت موضع شك، لظروف دولية وإقليمية معروفة ، وللرد على الشك فيها، كان رئيس الحكومة مطالبا بالشك في عدم نشر نتائج 4 شتنبر ..
ونشرها يعني نوعا من الثقة في عدم القدرة على .. تغييرها في أكتوبر القادم!
دورة كاملة من الشك لحصول اليقين النهائي ….بالنصر..
الشك يتقدم عبر قناع الاغتيالات التي لم تنجح
والاغتيالات التي لم تتم…
والسجون التي لم تغلق زنازنها بعد على المعتقلين الجدد
وعبر الانتخابات التي يدور حولها كل الشك..
فهل سنمرن النفس على شتاء جديد من انعدام الثقة في كل شيء:في من سنشك غدا؟،
هل سنستيقظ على المغرب الذي نعرفه أم على مغرب إفريقي بامتياز تمر فيه الاقتراعات بين الاغتيالات والاختطافات والمؤامرات … والنتائج المغشوشة ؟..
هي ذي بداية الشك..!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة زمن الشك عودة زمن الشك



GMT 05:49 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أمين عام من وزن الريشة

GMT 02:33 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

نزار بين قدوتين

GMT 03:23 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

مؤتمر الصحون الطائرة

GMT 06:04 2017 السبت ,23 أيلول / سبتمبر

سر مكشوف

GMT 20:58 2017 الخميس ,07 أيلول / سبتمبر

بركة يقدم أوراق اعتماده…

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca