وثبت أن الديمقراطية تستطيع قتل الدناصير 2/1

الدار البيضاء اليوم  -

وثبت أن الديمقراطية تستطيع قتل الدناصير 21

بقلم : عبد الحميد الجماهري

كل الذين استمعوا بإمعان وتجرد ديمقراطي لخطوات العسكر في الشوارع التركية تذكروا ولاشك وقع الخطوات الغريبة للديناصورات في فيلم "جوراسيك بارك الكبير" لستيفن سبيلبرغ.
كان واضحا أن محاولة الانقلاب كما كتب العبد الضعيف لربه بمجرد اطلاعه على الخبر، تماثل محاولة عودة ديناصورات منقرضة إلى زمن غير زمنها، لهذا كان الذهول الموالي لعدم التصديق تعبيرا عن غرابة المحاولة. لقد صار واضحا أن الديمقراطية عندما تكون بيد شعب موحد حولها، تستطيع قتل الدناصير.
لقد كانت ليلة واحدة كافية لكي يلوح المجهول في شوارع إسطنبول، ثم كافية لكي يظهر شعب قوي بخياره الديمقراطي ويهزمه. لقد ترسخ في الاعتقاد أن الجيش التركي يمكنه أن ينجح في كل محاولة انقلابية بفعل العادة فقط، لهذا كان الذهول وكان الخوف كبيرين بحجم الرفض .
أولا: لقد تعود الجيش فعلا على الانقلابات منذ ،1960 ولقد قام الجنود بمحاولات دموية الى حدود 1980 عندما أطاحوا بالأب الروحي لـ"الإخوان" التركيين نجم الدين أربكان وظَل ظِلُّ الجزمة في عشرية سابقة هو ظل صندوق الاقتراع إلى حد تهديد رئيس الجمهورية عبد الله غول بالفشل، ولم ينتبه جزء من نخبة الجيش أن عادة الانقلاب شكلت عقدة الشعب من الجيش الدموي، بل لقد تعود الأتراك على موسيقى أخرى غير "المارش العسكري".
لقد تعودوا على النشيد الديمقراطي بدلا من ذلك، وتعودوا على الخروج الى الشارع العام! ولم يتعودوا على حنين المجازر والمعتقلات والأقبية. لقد قتلت الديمقراطية. … حنين الدناصير!
واعتبار أن الجيش لم يكن موحدا في محاولته (هو) نوع من الأسف المبطن على فشل المحاولة، وتسويغ لا يعلن عن قصوره، في القبول بالمحاولة أصلا!
لنتفق أن الملاحظة الاساسية هي اتهام جناح سياسي ديني بأنه كان وراء المحاولة، والخلاصة أن المؤسسة لم تعد رهن العلمانية المفترى بها ولا عليها، بل جزءا من صراع مغاير. لم يتعوده الجيش ولم تتعوده شعوب الأناضول!
ثانيا: من السهل جدا أن ننتقل، عندما نكون على خطأ تاريخي فادح، من التهليل لانقلاب ما باسم العلمانية (كما لو أنها غير قادرة على حماية نفسها بالناس المؤمنين. بها الى البحث عن »مؤامرة« يقودها أردوغان نفسه، ضد نفسه ليستغلها في النهاية ضد الآخرين، أي الأعداء والخصوم!!
هذا منطق فظيع، منطق مُتّهم بالحبور لإراقة الدماء، لا يشرف الديمقراطية ولا يشرف العلمانية، ولا يشرف العقل!
من المؤكد أن عناصر متشابكة تفاعلت في المحاولة، لكن من الصعب أن نخفي تعقد الموضوع وراء استسهال ما حصل، بمعنى أن نبحث في نظرية المؤامرة السمجة عن بديل لخطورة ما وقع ضد الديمقراطية.
الجيش أيضا، يواجه، مثل كل الاتراك، ضربات الانفصال الكردي والإرهاب الاسلامي، وهو يفكر بعقل الضحية الأولى لهذين الهجومين، لكنه يفكر بعقل تركيا كلها أيضا.
ثالثا: يختل العالم عندما تحاول كائنات، مهما كانت قوتها، العودة للعيش في لحاضر. هكذا يحصل عندما نؤمن بتطور الشعوب نحو الديمقراطية. والديمقراطية، قد لا تكون ضمانة مطلقة ضد الاخطاء، لكنها بالضرورة أفضل تأمين أنتجته البشرية ضد الرعب!
ولا يستثنى من ذلك شعب يقود أردوغان الى الخطأ -
ربما- باسم الديمقراطية في فهم الدولة، أو مهامها ما بعد الكمالية.
لهذا، لا يمكن أن تصبح تركيا ساحة للإجابة عن أسئلة الشعوب الاخرى إلا في حدود فهم علاقة النخبة، المجتمع والمسار الديمقراطي.
وكل التهويمات السريعة التي رأت ربما في محاولة الجيش التركي، "هزم" أردوغان، تعويضا، أو "مقابلا موضوعيا" لهزيمة ذاتية في المجتمع المغربي ، تبقى تهويمات محكومة بالعطب.
لأنه لا يمكن أن تجيب أوضاع سياسية في بلد ما، عن أسئلة معلقة في بلاد كالمغرب، لا سيما بالنسبة لليسار!
ليس من حق الديمقراطيين التردد في رفض الانقلاب، وليس من حقهم البحث عن معادلة لاهوتية في مصانع المخابرات التركية لتفسير صواب الجيش في نسف الديمقراطية! 
رابعا: يمكن أن يجعل أردوغان مما وقع "أم المعارك" وينهي كل الخصوم، لكن الدرس الفاقع هو أن الديمقراطية تحمل بعض بذور هشاشتها فيها، وعليه أن يعي ذلك. فتركيا بعد هذه المحاولة، لن تظل هي نفسها، إيجابا وسلبا، ومن صالحها رسملة الالتفاف حول المؤسسات وتحويله الى خط سياسي وطني مشترك ضد النزعات الانفرادية..
إن البعض اعتبر أن الدرس الأول لأردوغان هو تصفية الانقلابيين المغاربة !!! باستعمال أانصاره المغاربة ضدهم... والحق أن هذا ليس طموح الرئيس التركي، ولا برنامجه المعلن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وثبت أن الديمقراطية تستطيع قتل الدناصير 21 وثبت أن الديمقراطية تستطيع قتل الدناصير 21



GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca