الجمعية الوطنية الفرنسية: محمية صحية!

الدار البيضاء اليوم  -

الجمعية الوطنية الفرنسية محمية صحية

بقلم : عبد الحميد الجماهري

هل تحولت الجمعية الوطنية الفرنسية إلى مصحة دبلوماسية لتشخيص الأحوال الصحية لرؤساء الدول؟..
مشروعية السؤال مبتداه السابقة الغريبة التي دشنها نائبان برلمانيان فرنسيان في 18 يناير الجاري.
لنقل من البداية إن الأمر لا يتعلق بمقالة صحفية،
ولا برأي خبراء يمكنهم أن يجدوا في صحة الرؤساء والملوك مادة لتحليلاتهم، بل الأمر يتعلق بمؤسسة دستورية، هي الأهم بعد الرئاسة في النظام السياسي الفرنسي..
ومن هنا خطورة ما يترتب عن تدخلها في الشأن الداخلي للدول..
فقد التقى اليميني غي تيسيي والاشتراكي جان غالفاني، في سابقة دبلوماسية مثيرة للدهشة، عندما تحدثا، أمام الجمعية الوطنية الفرنسية، البرلمان .. عن صحة عاهل البلاد، باعتبارها عنصر هشاشة في السياسة….
تحدث النائبان عن السلطة وهي «تدور حول الهشاشة الصحية لثلاثة رؤساء دول في تونس والجزائر والمغرب!
واعتبرا ذلك عنصر هشاشة قصوى..
أولا: يرى النائبان أن من حقهما أن يكشفا، عبر تحليلات تهمهما، عن الأوضاع الصحية لثلاثة رؤساء دول، بينهما ما يعادل الفرق بين جيل الاستقلال وجيل ما بعد الاستقلال..
وهما بذلك يضعان ثلاث دول في معادلة صحية واحدة..
وهو أمر مرفوض شكلا ومضمونا..
ثانيا، سبق لملك المغرب أن أعلن في بلاغ رسمي، منذ عدة سنوات أن يكشف عن وضعه الصحي كلما اقتضى الأمر ذلك..
3 - ربط النائبان، وهما يشكلان وجهين للجمهورية الخامسة الفرنسية، شطر اليمين وشطر اليسار، بين الوضع الصحي والوضع السياسي، بنبرة لا تخلو من تهديد : الملك يمثل بعد السبسي (رئيس تونس) وبوتفليقة (الرئيس الجزائري) حكما فرديا وهم يعانون من هشاشة كبيرة وتطرح عليهم العديد من علامات الاستفهام …
4 - الكلمات المطنبة في المدح (ملك شجاع، وحداثي، ومتبصر في جوانب عديدة، غير أن هذا الرجل هو ملك مريض…»!
بمعنى آخر أن الشرط الصحي يلغي كل الشروط الأخرى..
5 - إن انشغال فرنسا بعلاقاتها مع الدول المعنية، في شمال إفريقيا، لا يعطيها الحق في أن تحول هذه البلدان إلى «محميات صحية»..
فلم يسبق أن ناقش أي برلمان في أية دولة، الحالة الصحية في بلد آخر مهما كان الارتباط بين المصالح أو علاقات التبعية المتبادلة..
بالنسبة لبلادنا، لم يكن السر الطبي لكي يكون ذريعة في العودة إلى التوتر ، الذي ساد في العلاقات، كما أن المنافسات ،مهما كانت على الرقعة الإفريقية، لا تبرر هذا الخروج عن المسلكيات الدبلوماسية..
6 - الحالة الصحية شأن خاص، بالنسبة للجسد العادي للملك، كما هو شأن سيادي بالنسبة للشعوب..
7 - لقد سبق أن أثارت الحالة الصحية للرئيس الراحل فرانسوا ميتران حالة نقاش واسعة، وقد تبين بأن الرئيس أخفى مرض السرطان عن الشعب الفرنسي لما يزيد عن عشر سنوات (1981، مع وصوله إلى الحكم، إلى 1991 عندما أبلغ الفرنسيين بالمرض).
المرض المتعلق بالبروستات مرض بطيء، وقد كان عمر الرئيس فرانسوا ميتران 65 سنة! ومع ذلك لم يخبر أحد بذلك عموم الشعب، بمن فيهم الآباء ..
لقد ساد السر حول المرض حتى أصبح ميتران مرتبطا بمرض السر» أكثر من سر المرض!
la maladie du secret..
وقد ظل ينشر البيانات الصحية المغلوطة لمدة 10 سنوات!!
بل قام بتحليلات طبية، في فال دو غراس باسم.. مستعار!
يعرف النائبان أكثر من غيرهما أن هذا التطور في قضية تهم الشعب المغربي قد يسيء إلى المغرب، كما قد يؤثر في البورصة، وفي وتيرة الاستثمارات ، ويؤثر على التوازنات..
ثم ما معنى المرض في صلب الديبلوماسية إذا لم يكن عنصر إضعاف؟..
لنكن واضحين:ليست صحة أو مرض الملك طابو، أو محرما، وقد عشنا نقاشه الوطني هنا بما يجب من حرارة، لكنه محرم على الدول أن تعلن ما يسيء إلى دول أخرى ، ولا سيما بتنبؤات تصل، في الاضمار إلى حد التشكيك في قدرة الرئيس المعني على تدبير المستقبل!
وهو مستقبل، يبدو أنه مزعج، بالنسبة لمن اعتاد إفريقيا كمحمية وحديقة خلفية، …ومن اعتاد فيها التحرك البطيء والتفويض المطلق..
لقد اعتبرت النخبة الفرنسية بذاتها أن المرض »مصلحة» من مصالح الدولة..
ثم آش جاب الشامي للمغربي، والتقاء اليمين واليسار في قضية تهم وضعية الملك الصحية، في وقت يسود الخلاف فيها على كل شيء، بما فيها .. المناخ؟

المصدر : الاتحاد الإشتراكي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجمعية الوطنية الفرنسية محمية صحية الجمعية الوطنية الفرنسية محمية صحية



GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca