التعددية و«الانتخاب الطبيعي» على الطريقة الداروينية!

الدار البيضاء اليوم  -

التعددية و«الانتخاب الطبيعي» على الطريقة الداروينية

بقلم : عبد الحميد الجماهري

1 -كانت التعددية إحدى أدوات الإدارة في …قتل التعددية!
وكان الرهان، منذ منتصف الستينيات، مع الفريق الأول من الإدارة المخزنية وعبر العقود، هو تعميم ظواهر حزبية، تولد من رحم التفكير الإداري وبالوسائل الإدارية لكي تتعدد الأحزاب بالرغم من فقدان هياكلها لأي مشروع سياسي، غير منافسة أحزاب الحركة الوطنية ومن دون أفق سياسي آخر سوى ترويض المجتمع لخدمة المشروع الإداري …وخلط الأوراق، وتعليق البناء الديموقراطي.
وكان التعبير الشائع هو «تمييع» الحياة السياسية، بما يعني ذلك خلق التشابه من أجل الوصول إلى خلط يثني الناس عن المشاركة، وبالموازاة مع ذلك خلق الرعب لدى الأنصار والمناضلين من داخل الحركات الحاملة للمشروع حتى لا تكون قدوة ..
2 - كانت القوة الانتخابية للأحزاب الوطنية الديموقراطية قوة نعرفها بالأثر ولا نعرفها بالأرقام!.
الأحزاب التي نقصدها كانت موضوع تزوير منهجي، والأرقام التي كانت «تبتلعها» على مضاضة وعلى حساب تصدعاتها الداخلية، لم تكن تعطي حقيقة الأشياء لأنها ببساطة كانت مزورة.
والفرصة الوحيدة التي سنحت للأحزاب أن تعرف وزنها، بعد مسار طويل من الاستنزاف بل ومحاولات الإبادة، كانت في سياق مشروع كبير اسمه التناوب، فالاتحاد لم يعرف أرقاما قريبة من حقيقة قوته السياسية في المجتمع إلا في …2002 عندما أشرفت الحكومة بقيادة المجاهد عبد الرحمان اليوسفي، شافاه الله، على أول انتخابات غير مطعون فيها!
لهذا لم تفسد التعددية المخدومة حقيقة التعددية، بل لم تسعف في الحصول على معطيات وأرقام وبيانات حقيقية يمكن أن نقيس بها عطب التعددية أو عطب الأحزاب التي عانت من محاربة الإدارة لها..
3 - يجب ألا تنسى الإدارة ذكرياتها في تخريب التعددية الحقيقية كما أفرزتها معركة التحرير ثم معركة بناء الدولة الوطنية الديموقراطية….
لا بأس من أية قطبية شريطة أن تكون فعلية، لا بإرادة مسبقة للدولة في تنظيم العمل الحزبي… بل في صناعة مآلاته!
ولن تكون بهذا المعنى طريقة أخرى، مجرد طريقة جديدة في قتل التعددية الديموقراطية، المنتجة.. بل ستكون طريقة في قتل المجتمع نفسه بما هو كيان مهيكل وتخترقه مشاريع متعددة تريد التعبير عن نفسها ، بحقيقة الوجود لا بوجود الافتعال!
4 - الدفاع عن التعددية هي الطريقة الوحيدة في الابتعاد عن الاستبداد، بكل طبقاته: الثقافي والسياسي والإداري … إلخ. والخروج من الآفاق المسدودة التي يقودنا إليها بؤس السياسات!.
علما بأن جزءا من مشروع وأد التعددية، يقتضي الاستفراد بالناخبين، عبر حرمانهم من اختيارات قريبة من واقعهم.
لايمكن بطبيعة الحال أن نلغي دور الهياكل السياسية نفسها في قتل التعددية بما يشبه قطع الأغصان التي تقف فوقها وتغرد بالديمقراطية.
هناك عنصر ذاتي أيضا في قتل التعددية عبر تقزيم السياسة في تدبير الاستراتيجيات الفردية، أو تقزيمها إلى الحد الأدنى من الوجود القانوني بدون وجود سوسيو ثقافي هو جوهر صراع وتنافس المشاريع.
غير أن الشرط الموضوعي عندما يتعادل مع الشرط الذاتي، يستدعي التفكير الجماعي وليس تفكير كل كيان لوحده، حتى لا تذوب التحاليل في الخطاطات العامة، لا تجد امتدادها في الشروط الذاتية لكل كيان سياسي. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التعددية و«الانتخاب الطبيعي» على الطريقة الداروينية التعددية و«الانتخاب الطبيعي» على الطريقة الداروينية



GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca