أَذِّنْ في الناس بالغضب!

الدار البيضاء اليوم  -

أَذِّنْ في الناس بالغضب

بقلم عبد الحميد الجماهري

ما الذي سيبقى من فاتح ماي ؟
خارج دموع الأستاذ عبد الإله بنكيران، ورغبته المعلنة في الموت في سبيل الله، تبقى المرارة!
ليست منصة فاتح ماي مكانا يليق بالاستشهاد،
ولا بالصلاة
و لا بالآذان.
اللهم إلا إذا كان المؤذن يؤذن في الناس بالغضب!
منصة فاتح ماي تنتظر التوضيح الواجب حول المطالب الاجتماعية.
لكن مع ذلك، تبقى الدعوة هي نقابة الأستاذ عبد الإله القادمة والدعاة هم نقابيو الله في الأرض.
أما النقابات، نقاباتنا، فلها المرارة السوداء وحرث البحر في ليلة ماطرة.
لم يعد أحد يبكي لغياب العمال والأجراء في الصفوف اليسارية الشماء، لم يعد أحد يذرف دمعا، لوقت بئيس 
ولا أحد يصيح: أين تركتني أيتها البروليتاريا؟
ألا تتذكرون ملامحي أيها العمال…؟
هل نسيتني أيتها الطبقة الشغيلة العزيزة؟
مع ذلك علينا أن نمعن النظر جيدا في هذا الجرح
علينا أن نطيل النظر في التراجع المهول للاحتجاج النقابي والاجتماعي، في الوقت الذي تذهب السياسة في اتجاه يشجع على العمل النقابي والاحتجاج.
هنا ، نحن الذين انتظرنا أن تنقذ النقابة السياسة في المغرب، نفاجأ بأن السياسة هنا في بلادنا، لا تجد نقابة تواجهها بنفس القوة التي تصر فيها على قتل المجتمع، وحقوق المجتمع.
قال صديقي:اعذروا هذا الشعب، فقد نبذ أن تكون البلاد استثمارا مثل مقاولة عائلية! 
وقال صديقي وهو يراني امتعض ،وأنا الذي سبقني الأهل إلى المقاومة والفقر، قبل أن يصبح الوطن مناسبة عاطفية
كالختان والزواج 
و حفلات العقيقة..الوطن الآن يبدو كما أراه:
في القضية الوطنية ، نعجز لأن الريع أفاد الأفراد ولا الجماعات، وعندما تكون جماعة ما مستفيدة فهي في الغالب قبيلة أو فخذة أو عائلة.
وبالرغم من انتقاد الملك، فإن الوضع لم يتغير
في الاقتصاد هناك توزيع عشائري للعائدات الكبرى..والبيولوجيا تحافظ للمخزن على ديمومته في العصر الحاضر في السياسة، في المؤسسات، انتبه معي كم من تداول فج وبدون مضمون نضالي..
اعذروا هذا الشعب يا صديقي إن هو عزف عن كل شيء، باستثناء الوطن..باستثناء المرارة والخبز والتفكير في الهجرة ولو .. كسوريين!
لم أصدق بأن صديقي الذي ينتسب إلى عائلة نضالية فائقة القامة، بين اعتقالات واستشهادات ونضال مستميت في الزمن الحار، هو الذي يحدثنا بهذه المرارة، ربما شعر مثلي بأن الموضوع خارج التجمع العائلي في السجون، كما كان يحب هو القول. 
الأمر أبعد من ذلك: عندما يشعر الناس أنهم يخدمون مشاريع فردية وشخصية محدودة ، يفضلون الانسحاب، إيمانا منهم أن السخرة لا تصنع السياسة ولا تصنع الديمقراطية ولا تصنع العز الوطني.
يحب الناس أن يعبدوا فكرة ، أو حتى حزبا، لكنهم لا يحبون أنفسهم عبيدا مع ذلك لشخص أو فكرة إذا كانت تقودهم باسم الالتزام والامتثال النضالي إلى .. إسطبل!
والذين يقتلون الوطنية ليسوا الخونة أو المرتزقة فحسب، بل الذين يخوصصونها ويجعلونها إرثا عائليا، كما نبه العروي ذات مقالة.
كما أن الذين يقتلون السياسة والالتزام النضالي ليسوا هم العدم.
كان على الأستاذ عبد الإله أن يبكي ندما أمام العمال
وأن يؤذن في الناس بالغضب منه 
وسيصبح لدموعه وقتها معنى.
كان عليه ألا يغرق في العاطفة كما لو أنه يساق إلى مشاركة سينمائية في عيد الحب..
الأستاذ عبد الإله ، قال صديقي، دموعه صادقة ولكن منظرها يشي بغير قليل من التودد إلى الغريزة الجماعية للناس الحاضرين في فاتح ماي!
أوقات صعبة تنتظر المغرب، يحتاج فيها حقا إلى دموع صادقة ولكن أيضا إلى أبنائه كلهم، لا ما تقدمه البيولوجيا… فقط!
تركت صديقي في تحليله وانغمست في قراءة الشاعر غامونيدا:»وصف الأكذوبة« ويليه »يشتعل الخسران«..
ويقول فيه
»فكري سابق على الأبدية إذ لا توجد
أبدية. أنفقتُ شبابي أمام قبر فارغ،
أنهكت ذاتي في أسئلة لا تزال تقدح فيَّ
مثل حصان يركض في الذاكرة حزيناً.

بَعْدُ، لازلتُ ألفّ داخل ذاتي نفسها وإنْ كنت
أعرف أني سوف أسقط في برد فؤادي ذاته«.
ترى أي علاقة لهذا بفاتح ماي؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أَذِّنْ في الناس بالغضب أَذِّنْ في الناس بالغضب



GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca