هوامش لغوية على دفتر الأزمة!

الدار البيضاء اليوم  -

هوامش لغوية على دفتر الأزمة

عبد الحميد الجماهري

من فرط ما التبس علينا الأمر وضاعت الحدود بين مضمون السياسة واللغة ، صرنا ندفع، كما في مرافعة المحامي بضم الشكل إلى الجوهر..
نريد أن نزيل الالتباس بينهما ببداهة ما ندافع عنه من سلامة اللغة، كلما كان الوطن هو الموضوع!
نقول:لا صوت يعلو على صوت المعركة، لأننا تعودنا على أن نرفع -هكذا- عاليا نفيرنا الوطني، ولا ننسى ونحن نشحذ حناجرنا ونمد حبالنا الصوتية بعيدة في المدى كي ننشر هوانا على أطول حبل في التاريخ من العاصمة إلى محفل الأمم…. 
وهكذا تعودنا، ونحن مؤمنون بأن صوت الوطن العالي يجب أن يكون صوتا نقيا صادقا 
عميقا ….. 
وأخلاقيا.
لهذا ربما عندما صمتت مدافع الداخل البلاغية بين أطراف الطبقة السياسية شعرنا بالفرح، بالراحة!
ومنا من تساءل بغير قليل منها: من أين يأتينا هذا الهدوء الفاتن قبل المعركة؟
كان السبب هو أن اللغة الوطنية والقاموس الوطني ، ارتفعا وتعاليا ، ووفر علينا السياسيون لغتهم الضحلة وشتائمهم.
كانت لحظة جميلة أن نتنزه في حب بلادنا بدون أن تزعجنا أصوات مزعجة لأواني اللغة وهي تتساقط فوق أرضية سفلى!
والخلاصة طبعا، حتى لا نقول العبرة، أن اللحظة الوطنية تستوجب ارتقاء في السياسة وارتقاء لغتها وقاموسها وممارستها.
يصعب حقا أن نتمرن على الوطنية في لحظات الأزمة ونحسن الخطاب ثم نعود إلى رماد النيران الباردة في المصالح الضيقة، بدون أن نقلل من شأن حظوظنا وحقوقنا.
فالسياسة عندما تتحكم فيها رهانات الوطن الكبرى، يجب أن تظل كبيرة!
باسطا!.
وحب الوطن ككل حب ،يحتاج إلى لغة سليمة تترجمه، وليس الشعراء وحدهم من يكتبون قاموسها..إنهم كل المواطنين وكل السياسيين وكل القياديين وكل المسؤولين!
لغة الوطن هي روحه في أناقته الأبدية!
ومن هشاشة البلاد أن نكون في حاجة إلى أن نحميها من لغة سافرة،
لغة تتغذى من الدرجة الصفر في السياسة، وأن نذكره في عز الحماس والحرارة بما قد يقع له مع لغة طاعنة في الثلج وأحيانا السفالة!
لقد خفت أيضا صوت الطبول الحربية بين الهيئات، وربما اعتبرت أن من حسن التدبير عدم إثارة شعب يصر على وحدته العليا، وأنه لا بد لها أن تدفن سيوف الحرب حتى تعود الأمور إلى نصابها….. ويعود نصابوها!
والحال أن سمو اللغة السياسية واللحظة الوطنية ليسا طارئين أو لحظة ضمير عابرة، لسبب من الأسباب!
فمن يحترمنا - كشعب وكقضية -عليه أن يحترمنا دوما وليس عندما يكون الوطن في مأزق صعب، فقط!
من يحترمنا عليه أن يثبت بأن الوطن هواؤه ولسانه ولغته في كل لحظة وحين، ليس في لحظة تصفيق جماعية، تعقبها عودة إلى النصب والاحتيال واللغة المنحطة والحسابات الضيقة!
للذين يهجرون اللغة البئيسة في لحظات الوطن العالية، عليهم أن يهجروها دوما حبا له!
وفي هذا نشير : إن انتقاد »بان كي مون« ، ليس هو انتقاد خصم سياسي طبعا:الفرق شاسع بين الاثنين ، وبين الذي يعنيه كل واحد منهما، لكن اللغة واحدة في أي انتقاد نريده:احترام إنسانية الإنسان وعدم تشبيهه بالهامش الذي لا نرضاه لنا!
هناك من سيعتبرون أننا جيل قديم:نحن الذين تلقينا تربية عتيقة في حب البلاد، ما زلنا نعتبره الأب الذي عمر منذ أربعين قرنا، ونعتبر قاموس السفاهة -كلام العيب - في حضرته أمرا مرفوضا لا تقبله الأخلاق الحميدة.
نحن الذين لم نر الذين يلعنون، الذين يطعنوننا في كل يوم ويصلون النوافل ليدخلوا الجنة، بأصوات جامحة نسأل:أين هم أولئك الذين يعرفون كل شيء عن خارطة الجنة ولا يتحدثون عن حدود البلاد؟
إلى أين يذهبون بالوطن؟ ليذهبوا إلى الجنة …وليجيبوا في صمتهم.!!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هوامش لغوية على دفتر الأزمة هوامش لغوية على دفتر الأزمة



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca