قالتها المنظمة، رفع القلم!

الدار البيضاء اليوم  -

قالتها المنظمة، رفع القلم

عبد الحميد الجماهري

ربما لم يعد من المستحسن أن يظهر أي أحد بِجُبّة السياسي أو في صحبة السياسة، بعدما اطلع المغاربة على خلاصات دراسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان"»الأومضياش«".
ولن يستطيع أحد أن يتهم هذه المنظمة بمعاداة الأحزاب الوطنية أو استسهال العمل الحزبي، لما نشرته من أرقام رهيبة عن صورة السياسة في بلادنا .
فالحقيقة المرة هي أن صورتنا كسياسيين، المسؤولين المنتخبين منهم وغير المنتخبين، في الحضيض. 
أكثر من ثلثي -72%- المغاربة المستجوبين من طرف واحدة من المنظمات الأكثر مصداقية في مجال عقلنة العمل الحقوقي ، يعتبرون بأن الانتهارية والانتفاعية هي المتحكم في الترشيح للانتخابات..
وهو ما يدل على أن دائرة الشك زحفت كثيرا لتقضم جزءا من دوائر الثقة، وهو ما ينبئ بحرب طويلة الأمد مع اليأس والحيطة من كل ما هو سياسي حزبي..لا سيما أن 60 % من المواطنين ، أي قرابة الثلثين، يعتبرون أن أدوار الأحزاب سلبية..
هناك علاقة يأس…
وعلاقة شك…
وعلاقة توجس بين المواطنين والسياسيين!
هل يعني ذلك أن الالتزام السياسي يتأثر بذلك؟.
يقتضي الجواب أن تنكب النخبة على إعادة التفكير في ثلاثة أمور أساسية: 
1 - - أنها لا تحظى بالثقة وأنها عنصر تشويش على المواطنة في الفعل السياسي، وبالتالي فهي في موقع المتهم لا في موقع الطرف الذي يطلق التهم، كما اعتدنا على فعل ذلك..
لم يعد من السهل الآن أن نصرح، كحزبيين أو سياسيين، بأن الاستطلاعات مخدومة أو مفبركة أو ترمي إلى تكييف الرأي العام، عندما تكون منظمة من هذا العيار هي التي تزكي نتائج الاستطلاع وتقدمه في ندوة صحافية مسؤولة. 
وللذين ربما نسوا ، فالمنظمة التي جاءت في فترة الثمانينيات بعد مخاض كثير التفاصيل، هي التي انتبهت إلى ضرورة تحرير النضال الحقوقي من الشرنقة الايديولوجية المحضة التي تختزله في شعارات رغم مصداقيتها ، تظل مجمدة. كما كانت تعبيرا عن تصاعد رأي عام، بعيدا عن الأحزاب الوطنية المناضلة المكافحة، يعمل باسم حقوق الإنسان بدون المرور حتما بالبوابة الحزبية، إصلاحية كانت أو ثورية!
وبهذا المعنى فهي عادة ما تكون رجع الصدى للرأي العام الذي رافقها منذ البداية وترافقه بدورها….
-المعطى الثاني هو أن الحكم الصادر ليس تقنيا ولا تنظيميا (من قبيل عدم التغلغل ، القصور في التواصل المؤسساتي أو غير المؤسساتي) ، كنا اعتدنا أن نجد له الرد قبل أن يصدر، بل هو حكم أخلاقي ، الشيء الذي يطرح شرط عودة البند الأخلاقي إلى السياسة لكي يستعيد المواطن ثقته.
التفكير الذي ساد وحاول «تفضية» النقاش أي جعله نقاشا مجاليا، إما جمعويا أو تواصليا أو قطاعيا إلى آخره، لن يجدي وحده في تفسير النفور والاشمئزاز، ليس فقط النفور… الذي اعتدنا الحديث عنه..
2 - العنصر الثاني: التفكير في الالتزام السياسي الذي لم يعد يعني الالتزام الانتخابي. حيث أن الانخراط في الحركات الاحتجاجية وفي العمل المجتمعي وفي الميادين الحقوقية وفي العمل التطوعي وفي النقاشات السياسية تجاوز ما اعتقدنا أنه لن يكون خارج الالتزام الانتخابي..
وبمعنى آخر لم يعد الالتزام السياسي يعني الالتزام الانتخابي، وبالتالي المصالحة مع الحياة الحزبية..
3 - لا يمكن لمن كان جديا ومخلصا أن يغيب عن نفسه السؤال الثالث:لماذا يثق الشباب والفاعلون في دعوات افتراضية تقودها أصوات افتراضية من داخل شبكات التواصل الاجتماعي، ويحترزون كثيرا كلما كانت الأصوات واقعية، ملموسة ومرئية بالعين المجردة.
لماذا تواصلت الحركة قوية، عند قضية الاسباني مغتصب الأطفال وفي الزواج الوزاري إياه، وفي الكراطة إياها الخ، في حين تجد أشكال التعبير المعروفة والمتعارف عليها عالميا، حزبية أو نقابية تدور في المجال الحزبي، عاجزة عن تحقيق الوفرة والقوة اللازمتين؟
بل ألا نرى بأن هذه الحركية الأخيرة صارت جزءا من الحركية السابقة عليها!
إن التحول الذي يحصل اليوم والذي أبان عنه تفاعل القرار المركزي في البلاد مع العديد من القضايا، هو أن الشبكات هاته، بعيدا عن الأشكال المكرسة، صارت تقدم »عروضا سياسية« تلقى تفاعلا من الجهات العليا.. وهو تحول لم ينل حظه الكافي من التحليل ومن المتابعة..
هناك من سيقرأ جيدا الأرقام التي قدمتها منظمة بوبكر لاركو، وهناك من سينظر إليها بالاستخفاف المخصب.. والذي عادة ما يميز الذاهبين إلى الهاوية!
والهاوية هنا هي أن يكون الإنسان جزءا من الذين تحتقرهم شعوبهم..
أما الأوطان فتلك قصة أخرى!
وأملنا، في يوم المرأة هذا، هو أن تنقذنا المرأة المغربية، في الميادين التي تضخ فيها الكثير من القيم ومن التجرد ومن النضالية، من دونية الفعل السياسي!
وما خاب قوم ولَّوْا أملهم امرأة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قالتها المنظمة، رفع القلم قالتها المنظمة، رفع القلم



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca