تقريب الإرهاب من الشعوب…

الدار البيضاء اليوم  -

تقريب الإرهاب من الشعوب…

عبد الحميد الجماهري

أصبح الخروج الإعلامي لمدير المكتب المركزي للبحث القضائي حدثا أمنيا وإعلاميا بامتياز،يظبط الرأي العام على إيقاعه الحالة الذهنية للبلاد، ولأجهزتها ولآلتها الأمنية.
ولا يخرج الحوار الأخير ، الذي أجرته معه »لوفيغارو» الفرنسية عن هذه القاعدة، إذ يقدم معطيات تهم طريقة تفكير الجهاز المركزي اليوم في محاربة الارهاب، وقراءته للوقائع كما تتوالى في راهن العالم اليوم، ويموقع المغرب ضمن محيطه الاقليمي والدولي.
وهو أمر مهم ، ورسالة طمأنة للرأي العام في وجه الدعوات المتتالية الصادرة عن مراكز الارهاب، القريبة - في ليبيا والداخل - أو البعيدة - سوريا والعراق.
وهذا لا يعني أن الوضع سليم وعادي وأنه كله تحت السيطرة المطلقة.
هناك شعور بأن رائحة البارود منتشرة، بطريقة مواربة في الهواء، وأننا نسير ونحن ننتظر الضربات الارهابية من جهة ما، ومما يؤكد هذا الشعور - الذي لا يرقى إلى توجس مرضي- وجود عناصر تغذيه.
فمن المثير أن الرقم الذي قدمه عبد الحق الخيام، في هذا الحوار عن عدد المغاربة المنضوين تحت ألوية داعش السوداء وصل 1500 مغربي، وهو رقم يفوق ذلك الذي قدمه محمد حصاد في يوليوز 2015، اذ قدره وزير الداخلية وقتها بـ 1122 شخص، أي بزيادة تقارب 400 عنصر جديد .
كما أن المركز الذي يشرف عليه الخيام فكك قرابة 23 خلية منذ تاسيسه في مارس 2015.. واعتقال العديد من عناصر داعش، كانوا قد وصلوا نقطة متقدمة في الفعل الاجرامي، وهيأوا الجنازه واسعة..
نحن أمام تدفق لا ينضب ، بالرغم من المنظومة الاستباقية ، الامنية والمجهودات التي تعتمد محددات ميدانية وأخرى استخباراتية وقانونية وغيره، ومن المفيد أن نشير الى تركيز مدير البسيج على ليبيا.
فقد اصبحت دولة احتضان، وهي الاقرب الينا من كل البؤر السابقة.
لنلاحظ أن المركز- الأم بدأ بعيدا في قلب آسيا،أي في افغانستان، مع بداية القاعدة وارتفاع طاقتها الايوائية والتدريبية والميدانية، وقد كنا نسبيا في مأمن من جندها، بالرغم من الحجم الكبير للمغاربة هناك - والذي تم الاشراف عليهم جزئيا بغطاء شبه رسمي -.
التحرك الاطلسي الذي رافق دخول الولايات المتحدة الى العراق، وبروز أبو مصعب الزرقاوي، وتركز الأجنحة الميدانية للقاعدة في قلب الشرق الاوسط، جعلنا في مرمى أقرب لضرباتها وقد حصل ذلك في 2003، في الـ16 ما ي الأسود. اليوم، اصبح للارهاب بنية دولة، بتراتبيتها وتفاعلاتها وأجهزتها .. الخ وقد استقرت في ليبيا، مستفيدة من الحدود المخرومة ومن ارتفاع عناصر النزاعات وبانتشار محيط مناسب، في تونس الفتية وفي جنوب الصحراء.
هنا تقريب الإهاب من المغاربة ، عن طريق ليبيا، وهو ما عبر عنه الخيام بحديث عن« متدربين في ليبيا يتحينون الفرصة لغزو المغرب«.
والغزو لا يكون بنفر قليل ولا سرية قليلة العدد.
لقد تمدد حدود المغرب الأمنية الي ليبيا، وقبلها سوريا والعراق، كما أن حدود أوروبا أصبحت جزء من رطية الأمنية، وهو ما يعبر عنه الخبراء بتقديم معلومات للشركاء الاستراتيجيين سواء عبر تفكيك الخلايا أو تقديم معلومات لضرب مواقع الارهاب، كما حدث في قصف معسكر خالدين في 2011.
وهو ما يعني كلفة أكثر وفعالية أكثر ومجهودا زكبر، ولسنا في حاجة الي الاستخلاص من هذا أن الصعوبة في التتبع والاستباق تكون تزداد ب دورها أكثر.
ومن عناصر القلق ، أن التنافس الحاد بين التنظيم- الأم (القاعدة بقيادة المصري أيمن الظواهري) وبين التنظيم الجديد ، ممثلا في تنظيم دولة الخلافة داعش(بقيادة ابو بكر البغدادي) يجر دوما دماء كثيرة..وغالبا ما يعتبر كل طرف أن الرفع من الضربات ودمويتها يعطيه شرعية أكبر وسط المتطرفين وهيمنة أكبر على الخريطة البشرية للارهاب.
وقد بدأ هذا التنافس في الآونة الأخيرة، ويريد كل تنظيم أن يثبت أنه قادر على ضرب أي بقعة من البقاع يريدها.. وزادت من حالة الانغلاق الذي أصاب تنظيم الدولة في مسقط رأسها، بالعراق وسوريا، والانشطار الذي أعقبه والذي سيتولد منه بؤر متحركة، بشكل »ذري«..وهو ما أدى، بالاافة الي ما سبق ذكره عن ليبيا وتفكك حدودها ، الى تقريب الارهاب من الشعوب.
ومن عناصر الجدة في الملف الارهابي، في المغرب هو أن الاعتقالات الأخيرة كشفت محاولة اللجوء إليه بعد تنفيد العمليات (قضية جلال العطار)، مما يعني أن القادمين يأملون في الاستقرار للانطلاق الى ضربات أخرى يقودها التنظيم.
لقد كان لإعطاء المنظومة الاستباقية إطار علانيا وواضحا (وناطقا ، بالاساس) دور التهديئة والطمأنه، كما جعل المغاربة على إطلاع على المعلومة، سواء بخصوص هذه النظومة أو بخصوص التعاون الدولي من مصدرها المباشر والرسمي ، وهو إشراك تكون من محاسنه أن الرأي العام ينتج الأمن، بانخراطه ومساندته للمجهود المبذول.
وما من شك أن استكمال الترسانة الدستورية للأمن سيكون له وقع أكبر ويبث معنويات وطنية أكثر في المغاربة.
وهذا أمر آخر..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تقريب الإرهاب من الشعوب… تقريب الإرهاب من الشعوب…



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca