هل ينقذ بنكيران ما تبقى من الحركة الوطنية؟

الدار البيضاء اليوم  -

هل ينقذ بنكيران ما تبقى من الحركة الوطنية

بقلم : حسن طارق

في هذه اللحظة من تاريخ القوى الوطنية الديمقراطية ليست المسألة مجرد مسألة موقف سياسي تكتيكي حول المشاركة من عدمها، في حكومة بنكيران الجديدة، بل هي في العمق جواب عن تقدير سياسي عام لطبيعة المرحلة، وهو ما يعني اختيار الانحياز إلى صف دعم الإرادة الشعبية، أو الاستمرار في خدمة أجندة الارتدادات السلطوية، بنفس التبعية المهينة، أو مواصلة التردد الطويل وغير المفهوم بين الضفتين.
يمكن لهذه القوى، أن تختار المشاركة أو لا تفعل ذلك، لكنها بغض النظر عن هذا الموقف – إن هي استطاعت تحصين ما تبقى من قرار مستقل لقياداتها – مطالبة بالضرورة بالقيام بنقد ذاتي حول تدبيرها لمرحلة ما بعد 2011، عندما تحولت في أدائها السياسي تجاه قضية الديمقراطية، إلى أدوات طيّعة في خدمة مشروع محاصرة الهامش الديمقراطي.
لم يكن المطلوب قطعا، بعد 2011، أن تتموقع كل القوى الوطنية والديمقراطية إلى جانب العدالة والتنمية في حكومة ما بعد الربيع العربي. فكرة المعارضة كانت تملك الكثير من الحجج: احترام قرار صناديق الاقتراع، التجاوب مع طلب متزايد من الرأي العام على توضيح تمايز المرجعيات داخل المشهد الحزبي وإعادة بناء الذات.
في الأصل، كان يمكن لمعارضة وطنية ديمقراطية، بالطريقة التي فعلها الراحل السي أحمد الزيدي، أن تكون داعمة لنجاح التناوب الثاني، وأن تكون شريكا جديا في تحول ديمقراطي كان عنوانه المشترك هو تفعيل الدستور ومحاربة الفساد.
الذي كان مخيبا للآمال، هو”قتل” هذه المعارضة الوطنية الديمقراطية، وتحويلها إلى معارضة للإرادة الشعبية باسم قوى الارتداد السلطوي، أو في أحسن الحالات إلى مجرد مقاومة أوتوماتيكية للإصلاح.
التلاميذ السحرة، للمرحلة، قرصنوا الأحزاب الوطنية، ونصبوا قيادات موالية للتحكم، تحت شعار ومبرر المعارضة الصدامية، ذات النبرة الشعبوية القادرة لوحدها على مواجهة العدالة والتنمية.
باقي الحكاية تعرفونها: انطلق موسم معارضة الصراخ، وتم استقدام “الحداثة” و”الأخونة”و”الإيديولوجيا” إلى خطابها الطارئ، تماما كما تم استقدام “الحمير” إلى شارع محمد الخامس، للاحتجاج على الحكومة، وهنا بالضبط أطلق بنكيران رجليه، وأخذته غفوة لم يستيقظ منها إلا وصناديق اقتراع 2015 تمنحه مفاتيح كل مدن المملكة .
اليوم، وجود هذه الأحزاب إلى جانب بنكيران في حكومة ما بعد 7 أكتوبر، لا يحمل أي قدرة سحرية على تدارك عجزها الفادح في المصداقية، ذلك أنها يمكن أن تشارك معه كامتداد للتحكم، كما سبق لها أن عارضته باسم “التحكم”.
في المقابل يمكنها أن تسانده نقديا على أرضية تقديرها للوضع السياسي العام، أو تعارضه بمسؤولية ووطنية على أرضية اختلاف في السياسات الاجتماعية ومنظومة القيم، أو تشاركه سياسيا في تحالف الأغلبية على أرضية أولوية معركة تعميق الهامش الديمقراطي، لكن قبل أن تُفعّل واحدا من الخيارات الثلاثة الممكنة، عليها أن تعلن قطيعتها الواضحة مع مغامرات الارتداد السلطوي، وأن تعمل على طي صفحة “قيادات” مرحلة الصراخ والمعارضة الصدامية والحسم مع رموز فقدان الاستقلالية.
دون ذلك، فالمعارضة أو المشاركة سيان، وكلاهما مجرد طريق قصير نحو الاندثار.
أما بنكيران فهو يدرك في النهاية، أن أحزاب “الإدارة” قد تكون أكثر مدعاة للثقة من أحزاب “التحكم”!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل ينقذ بنكيران ما تبقى من الحركة الوطنية هل ينقذ بنكيران ما تبقى من الحركة الوطنية



GMT 09:40 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

فعول، فاعلاتن، مستفعلن.. و»تفعيل» !

GMT 06:51 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

من يسار ويمين إلى قوميين وشعبويين

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 06:13 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

خطة حقوق الإنسان: السياق ضد النص

GMT 07:07 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

المهنة: مكتب دراسات

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca