أخر الأخبار

الأغلبية الممنوحة

الدار البيضاء اليوم  -

الأغلبية الممنوحة

بقلم : حسن طارق

في ترتيب مرحلة ما بعد إنهاء “البلوكاج”، كان هناك إصرار قوي على فك الارتباط بين نتائج 7 أكتوبر 2016 وحكومة أبريل 2017 .

يتضح ذلك بالقضاء شبه النهائي، على كل ما من شأنه تذكير المغاربة بروح ومعنى الاقتراع التشريعي الأخير. إذ إن هاجس صناع الحكومة الجديدة كان في العمق هو محو الإرادة الشعبية والالتفاف على رسائل الناخبين، وهو هاجس تم تدبيره بالكثير من الحرص والدقة والرمزية، إن على مستوى بناء الأغلبية أو على مستوى الأسماء التي اقتضى الترتيب السياسي إبعادها أو اقتضت الحاجة دفعها إلى الواجهة، في إجهاز واضح ومشهدي على فكرة الحكومة المنتخبة؛ أو المنبثقة من صناديق الاقتراع.

ذلك أن هذه الفكرة ذات الدلالة البرلمانية، قد عوضت عمليا بممارسة أفضت إلى ما يشبه حكومة معلقة على أغلبية ممنوحة، بشكل لا علاقة له بما فكر فيه المغاربة الذين ذهبوا إلى الانتخابات السابقة.

هل يعني كل هذا أن وعود دستور 2011، بإعادة تسييس الحياة العامة، عبر ربط مسار تشكيل الحكومة بنتائج الانتخابات، وترجيح منافذ التأويل البرلماني، وتعزيز مخرجات الشرعية الشعبية، قد تحولت إلى ما يشبه الحمل الكاذب؟

نعم، بالتأكيد. ذلك أن يوميات الخمسة أشهر الأخيرة تلخص في النهاية عجزا كبيرا في تكيف النظام السياسي مع روح الإطار الدستوري، الذي بدا واضحا أنه استنفد وظيفته التكتيكية في تدبير لحظة اضطراب إقليمي “عابر”.

يفترض دستور 2011 صيغة للتعايش بين التأويل البرلماني والتأويل الرئاسي، وهو ما يعني تعايشا مفترضا بين “السياسة” و”الإدارة”، لكن الذي وقع هو أن دينامية 20 فبراير وأثر حكومة بنكيران سرعتا من وتيرة عودة السياسة إلى الحقل الانتخابي، وهو ما خلق أزمة حادة في استراتيجية وهندسة النظام الانتخابي، لذلك كان الرد المباشر هو عودة قوية إلى الدولة لترتيب مرحلة ما بعد الاقتراع، عبر استثمار أقصى لهشاشة الحقل الحزبي، في رسم أغلبية “لا سياسية” للحكومة الثانية في عمر دستور 2011.

في التحليل لا بد من الوقوف على أن محنة “السياسة” كما ستجسدها هذه الحكومة، لن تعني بالضرورة أننا أمام مرحلة بمؤشرات تقترب من لوحة سوداء، ذلك أن موجات التسييس قد طالت مساحات جديدة يصعب تصور تراجعها، من ذلك تنامي سلطة الرأي العام، وتصاعد وتيرة أداء ديمقراطية الرأي، لذلك لن يجد رئيس الحكومة الجديد صعوبة في الحصول على تنصيب برلماني بناءً على “الأغلبية الممنوحة” إلى حين، لكنه بالتأكيد سينطلق – مع الأسف- بإعاقة تأسيسية اسمها: عجز معلن في ثقة الرأي العام .

وهو ما يعني أن خفوت منسوب السياسة داخل حلبة المؤسسات، لن يوازيه في المقابل سوى إعادة انتشار للسياسة داخل فضاءات الرأي والتعبيرات الجديدة للمواطنة، خاصة مع تزايد الطلب الاجتماعي والضربة القوية التي تعرضت لها آليات التعبئة الحزبية .

لكي نصل في الأخير إلى مؤسسات بدون روح سياسية، وتنظيمات حزبية – في الغالب ــ بلا استقلالية ورهن إشارة الإدارة في المواقف والمواقع، ما يعد تعبيرا عن عطب مزمن ومزدوج في آليات التمثيل والوساطة، وهو ما يعني بالتعريف، في نهاية التحليل، صناعة متقنة لحالة من الفراغ حول المؤسسة الملكية، والدفع بها إلى مواجهة مباشرة مع دينامية المجتمع .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأغلبية الممنوحة الأغلبية الممنوحة



GMT 09:40 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

فعول، فاعلاتن، مستفعلن.. و»تفعيل» !

GMT 06:51 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

من يسار ويمين إلى قوميين وشعبويين

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 06:13 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

خطة حقوق الإنسان: السياق ضد النص

GMT 07:07 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

المهنة: مكتب دراسات

GMT 21:12 2014 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

ماسك العسل وزيت الزيتون لليدين

GMT 01:34 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الأردنية رحمة الخطيب تُصمم "خفات" الشتاء عصرية من الكروشيه

GMT 19:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 02:19 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

مجالات جديدة وأرباح مادية تنتظرك

GMT 01:07 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

منى أحمد تؤكّد أن رجل الميزان يكون محط أنظار النساء

GMT 19:30 2018 الإثنين ,27 آب / أغسطس

العثور على جثة ملقاة في الشارع في مراكش

GMT 07:15 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

اكتشفي فنادق تعدكِ بإجازات لا تُنسى في الامارات

GMT 05:01 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

وجبات تحبس الأنفاس بمطعم في السماء

GMT 22:53 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

معلول يعترف بالتحايل على لاعبي تونس من أجل الإفطار
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca