رحم الله “بن عرفه”… قدر نفسه!

الدار البيضاء اليوم  -

رحم الله “بن عرفه”… قدر نفسه

بقلم : جمال بودومة

في بداية القرن، شرع “الاتحاد الاشتراكي” في التخلي عن “القوات الشعبية”، كما تتخلى شاحنة صغيرة عن “رومورك” ضخم، محمل بكميات كبيرة من البيض النادر. تخلص الحزب من العربة التي كان يجرّ خلفه، ووضع البيض كله في سلة المخزن، ناسيا أن الأجداد حذّرونا من ثلاثة أشياء: البحر والعافية والمخزن…

دخل عبدالرحمان اليوسفي إلى القصر عام 1997، وبعد لقاء تاريخي مع الحسن الثاني خرج وزيرا أول، ولأنه وافق على التكليف دون استشارة الحزب، كان لا بد أن يتطاير “الاتحاد الاشتراكي” “شذر مذر ويكون عبرة لمن اعتبر” – بلغة الإخباريين القدامى- في الحقيقة لم يكن تماما “عبرة لمن اعتبر”، مادام “العدالة والتنمية” زلق اليوم على الصابونة نفسها وسقط على رأسه، ولا أحد يعرف، لحد الآن، حجم الضرر على الدماغ، ولا عواقب السقطة على صحة الحزب. رحم الله كارل ماركس. التاريخ يعيد نفسه بشكل كاريكاتوري. بعد خمسة عشر سنة على الاستقبال القصير الذي خصصه محمد السادس لعبد الرحمان اليوسفي في مراكش كي يقول له: “شكرا على المشاركة”، ها هو الموقف يتكرر مع عبدالإله بنكيران، الذي كان حظه أسوأ من اليوسفي، حيث خُصص له استقبال من “الدرجة الثانية”. مستشارون ملكيون هم من قالوا له: “شكرا على المشاركة”، وتركوا في جيبه تلك الورقة المجهولة، التي كان ينوي تسليمها إلى الملك، ولا أحد يعرف محتواها، وربما لن يعرفه أحد، مادام الرجل أكد أن ثمة أشياء لن يسر بها لأي شخص، وسيحملها معه إلى قبره. ما أشبه اليَوْمَ بالبارحة. هل يعرف أحد أسرار القسم الذي أدّاه اليوسفي أمام الحسن الثاني قبل عشرين عاما؟

في 2002 كان “الاتحاد الاشتراكي” أقوى حزب في المملكة، خرج رابحا من الانتخابات التشريعية، رغم خمس سنوات من ممارسة السلطة، لكن الملك قرر تعيين وزير تكنوقراطي مكان عبد الرحمان اليوسفي. وكي لا يدخل في مواجهة مع القصر، اكتفى “الاتحاد الاشتراكي” بإصدار بلاغ يتأسف فيه على عدم احترام “المنهجية الديمقراطية”، قبل أن يتسابق قياديوه على الحقائب في حكومة جطو، التي وضعت نقطة النهاية لما سمي بـ”الانتقال الديمقراطي”، وسلمت “شهادة الوفاة” لحزب هيمن على المشهد السياسي لما يزيد عن أربعة عقود.

“العدالة والتنمية” هو الحزب الأول في المغرب اليوم، خَرج رابحا من الانتخابات التشريعية، رغم خمس سنوات من تدبير الشأن العام، لكن المخزن سقاه من الكأس التي تجرعها “الاتحاد الاشتراكي”، وأقصى ما صدر عنه هو بيان يتأسف فيه، بطريقته الخاصة، على عدم احترام “المنهجية الديمقراطية”، من خلال تبرئة بنكيران من مسؤولية تعطيل الحكومة، والتأكيد على استمرار الحزب في نهج التفاوض الذي سار عليه رئيس الوزراء المقال، لكن مجرد موافقة الحزب على تنصيب شخص آخر، يشكل اعترافا ضمنيا بأن بنكيران مسؤول عن التعطيل، ناهيك عن قبول ورثة الخطيب بـ”شروط الخزيرات” التي وضعها عزيز أخنوش “من طاق طاق حتى لإدريس لشكر”… لكل أجل كتاب. قدر الوردة أن تذبل، ومصير “المصباح” أن يأفل!

وكم كان بنكيران بليغا عندما شبّه حكايته مع أخنوش، أثناء مفاوضات تشكيل الحكومة، بقصة الرجل الذي قصد السوق لبيع جمل فالتقاه “شنّاق” في الطريق، وشرع يفحص الجمل ويطرح جملة من الأسئلة قبل أن يقول له: “شحال نطلبو فيه؟”… لقد خطفوا الجمل من بنكيران وسلموه إلى العثماني، الذي لم يتردد في الاستسلام لمناورات “الشنّاق”، وها هو الجمل “يخرج من الخيمة مائلا”، في انتظار أن نعرف إن كان مصير “العدالة والتنمية” سيكون أفضل من مصير “الاتحاد الاشتراكي”، وإن كان مستقبل العثماني سيكون أفضل من مستقبل اليازغي، الذي قاد حزب “الوردة”… إلى مثواه الأخير، بعد انسحاب اليوسفي. المؤكد أن رئيس الحكومة الجديد قبِل بالشروط التي رفضها رئيس الحكومة المقال،  والمؤكد أن حزب “المصباح” تجرّع “الإهانة”، و”من يهن يسهل الهوان عليه، ما لجرح بميت إيلام”. العثماني ليس بنكيران، ورحم الله “بَن عرفه”… عفوا، رحم الله مَن عرف قدر نفسه!

المصدر : جريدة اليوم 24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رحم الله “بن عرفه”… قدر نفسه رحم الله “بن عرفه”… قدر نفسه



GMT 09:04 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

جمال بدومة يكتب.. هذا الميت سيعيش طويلا!

GMT 05:15 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

قبل فوات الأوان!

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 09:55 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأمكنة أيضا تموت!

GMT 09:52 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الأمكنة أيضا تموت!

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 18:19 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 18:00 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 12:52 2013 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

هل الدكتور دكتور والمهندس بالفعل مهندس؟

GMT 00:29 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

مشاحنات في جنازة سعيد بونعيلات بين عائلته ورفاقه

GMT 20:49 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 05:23 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات فساتين للمحجبات من أسبوع الموضة في نيويورك

GMT 22:09 2015 الثلاثاء ,17 شباط / فبراير

افتتاح فرع جديد من "المطعم البلدي" في مراكش

GMT 02:51 2015 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

شاب هندي يعاني من مرض الشيخوخة المبكرة

GMT 23:51 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

تفاصيل "اجتماع الأزمة" بين أبرشان ولاعبي اتحاد طنجة

GMT 20:35 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تطورات جديدة في قضية لطيفة رأفت ضد رئيس الوزراء المغربي

GMT 09:16 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بلاك شاينا أنيقة خلال توزيع جوائز "BET Hip Hop"

GMT 08:03 2018 الإثنين ,14 أيار / مايو

طرق وخطوات تطبيق "الأيلاينر الأومبري"

GMT 17:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تدريبات خاصة ليوسف القديوي لاستعادة لياقته البدنية

GMT 22:47 2016 الجمعة ,18 آذار/ مارس

حلم كأس العالم يعود يا إماراتيون

GMT 17:10 2015 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فجر السعيد تضع حدا للخلاف مع الفنانة الإماراتية أحلام

GMT 03:22 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إلهام البورقادي وصيفة لبطلة العالم في الكيك بوكسينغ

GMT 00:45 2017 الأحد ,24 أيلول / سبتمبر

ياسر المصري يوضح أن شخصية الزعيم ثرية جدا
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca