فحولة رئيس الحكومة

الدار البيضاء اليوم  -

فحولة رئيس الحكومة

احمد عصيد


يحلو لرئيس الحكومة أن ينفخ أوداجه وينفش ريشه كلما تحدث عن النساء، فتأتي لغته قطعية ماحقة، في صراخ أشبه بتصياح "الشناقا" والسماسرة في سوق الأبقار، وهو مثل غيره من المحافظين الماضويين لا يترك الفرصة تمرّ دون أن يُذكر الناس بفحولته خوفا من أن يعتقد الناس في خلاف ذلك، إنه أمر يشترك فيه جميع المحافظين من تيار رئيس الحكومة والتيارات الشبيهة،  ما يفسر شعورهم أمام المرأة العصرية المتفوقة بنوع من الإهانة لرجولتهم، فيكون الردّ كالمعتاد بالعنف اللفظي وهو أضعف الإيمان، أو المادي عندما يتاح لهم ذلك.

يفسر هذا كذلك لماذا يتسابق أعضاء هذا التيار على الزواج بعدة نساء ، فالمرأة لا تصلح إلا لشيء واحد هو أن تبرهن على فحولة الرجال، وعندما تعلن عن وجودها في غير ذلك الموقع، بكفاءة وقوة شخصية ، يشعر الرجال من أمثال رئيس الحكومة بالتحدّي، ويكون لزاما عليهم الردّ بقوة لكي يلقنوا المرأة درسا ويذكروها بمكانها الطبيعي، أن تكون تحت الرجل، إنه الفهم البهيمي المرتبط بطفولة العقل البشري، وبغرائز الإنسان الحيوانية التي تعود في كل مرة لتطلّ من كواليس الحضارة فتذكر الناس بوجودها.

يتحدى رئيس الحكمة النساء بالاحتكام إلى "استفتاء"، ليؤكد للناس أن المجتمع لا يريد مطالب النساء، لا يريد المساواة ولا يريد إيقاف العنف ضد النساء ولا يريد التوقف عن اغتصاب القاصرات باسم "الزواج"، ولا يريد إيقاف الميز ضدّ المرأة في العمل وفي مختلف مرافق الدولة، ويريد أن تعود النساء إلى البيوت لتلعبن دور "الثريات" المضيئات للرجال العائدين من العمل، والمحتاجين إلى عش هادئ وحضن دافئ، الشعب المغربي هكذا، لماذا نريد منه أن يكون مخالفا لطبيعته ؟ وهذا الشعب يحظى بثقة رئيس الحكومة لأنه متمسك بأسباب تخلفه، ثوابت الميز واللامساواة والعنف، يقول رئيس الحكومة ذلك بفخر وهو لا يدري أنه يفخر بنسبة الأمية المرتفعة في بلده، وبالجهالة المنتشرة، وبالعنف الحيواني، وبالذهنية الذكورية الهوجاء.

يسقط القناع مرة أخرى عن الإسلام السياسي وأهدافه، إنه لا يعتمد إلا على مظاهر التأخر والجمود، قوته في تخلف المجتمع، وهزيمته في وعي الناس وصحوتهم، ولهذا يكافح لكي يظل الناس في غفوتهم ولو إلى حين، طالما أن مفعول أي مخدّر مهما بلغت قوته ينتهي إلى زوال.

لا ينتبه رئيس الحكومة إلى أنه يخرق الدستور بكل كلامه، فاتهام النساء بأن مطالبهن غريبة عن المجتمع يعني أن تلك المطالب ليست دستورية، ولا تعرّي واقعا مترديا، ويعني كذلك أن التصريح الحكومي الذي وعدهن بتفعيل مضامين الدستور لصالحهن مجرد كلام عبثي، أو تعليمات مملاة عليه من جهة أخرى.

من المؤكد أن المناصب لا تدوم، وأن رئيس الحكومة سيصبح في ذمة التاريخ في يوم ما، لكن مما لا شك فيه كذلك أنه سيكون رمزا لمرحلة ميزتها الرداءة والسطحية والشعوذة اللفظية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فحولة رئيس الحكومة فحولة رئيس الحكومة



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 11:50 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 08:12 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

أويلرز يفوز على مونتريال في دوري هوكي الجليد

GMT 05:03 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

شخص ملثم أضرم النار داخل مسجد فجر الاربعاء

GMT 17:08 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"المغرب اليوم" يكشف عن أجر "جون سينا" في" التجربة المكسيكية"

GMT 06:44 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

"كالابريا" أحد كنوز إيطاليا الخفية عن أعين السائحين

GMT 01:14 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

مرتجي يؤكد استعداد الأهلي إلى "حدث تاريخي"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca