إيران النووية... أي نموذج؟!

الدار البيضاء اليوم  -

إيران النووية أي نموذج

مصطفى فحص
بقلم : مصطفى فحص

منذ 11 مارس (آذار) الماضي تراوح مفاوضات فيينا النووية بين الدول الخمس الكبرى إضافة إلى ألمانيا، وإيران، مكانها، في انتظار إيجاد مخرج يبدو أنه شبه مستحيل لمعضلة «الحرس الثوري»، وإمكانية رفعه من قائمة العقوبات الأميركية ومن قائمة الإرهاب، وهذا ما يتطلب قراراً سياسياً شجاعاً في واشنطن لا تستطيع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الضعيفة اتخاذه قبل أشهر من انتخابات الكونغرس النصفية، ومن جهة أخرى لا يمكن للنظام الإيراني المساومة على عموده الفقري، فبالنسبة إلى طهران في هذه المرحلة تتقدم الأولويات السياسية للاتفاق النووي على التقنية رغم الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها إيران.
حتى الآن؛ يبدو أن فِرق التفاوض السرية قد فشلت في إيجاد مخرج يناسب الطرفين (الأميركي والإيراني) لذلك تزداد احتمالات عودة المفاوضات إلى نقطة الصفر، فيما تلوح أطراف في واشنطن وطهران باقتراب إعلان فشلها، وفي كلتا الحالتين (التصفير أو الفشل) هناك تداعيات كبرى على المنطقة والعالم في التعامل مع إيران غير المقيدة نووياً، وهذا فعلياً ما يتردد صداه داخل مراكز صنع القرار الإيراني، التي تقارن بين مكاسب الاتفاق النووي، وامتلاك القدرات النووية، فهي ترى أن الأول مكاسبه غير مستدامة وتجربتها مع إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خير دليل، فيما الخروج من الاتفاق والتركيز على تطوير القدرات النووية إلى امتلاك القنبلة، يعدّ ورقة إيران الرابحة مستقبلاً والتي ستشكل ضمانة لحماية النظام.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، وقد طرحه الزميل نديم قطيش في مقاله في «الشرق الأوسط» بتاريخ 26 أبريل (نيسان) الحالي... جاء تحت عنوان: «هل فعلاً تريد إيران العودة إلى الاتفاق النووي؟»، حيث يقول: «تزداد القناعة في إيران بنموذج كوريا الشمالية؛ لا نموذج معمر القذافي، أي إن القنبلة النووية تحمي النظام؛ لا تسليم مقدرات سلاح التدمير الشامل»، من هنا يمكن افتراض الإجابة بأن حصول إيران على سلاح تدمير شامل يعني أنها حصلت على قدرات حماية شاملة كما فعل الرئيس الكوري الشمالي الثاني كيم جونغ إيل عندما واجه مرحلة انتقالية داخلية ارتبطت بمتغيرات عالمية بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، حيث كان النظام الذي ورثه عن والده مهدداً بالسقوط، مما دفع به إلى العمل سريعاً على إنتاج قنبلة نووية مكنته من تثبيت حكمه ومن إعادة تعويم النظام وحمايته من أي ضغوط خارجية تحاول زعزعة استقراره أو إسقاطه، وهذا فعلياً بالنسبة إلى إيران لم يحققه النموذج النووي الليبي.
عملياً؛ لا تختلف الوقائع السياسية الإيرانية الداخلية عن كوريا الشمالية، لكن الفوارق في الجغرافيا السياسية تُقلص عامل المناورة عند الإيراني، الأمر الذي يدفع إلى مزيد من الارتياب وخيار الارتداد إلى الداخل، خصوصاً أن النظام الإيراني يمر بمرحلتين؛ إعادة تأسيس وانتقالية تمهد لـ«إيران ما بعد المرشد الحالي»، لذلك كان خيار الدولة المُسيرة للنظام؛ أي «الحرس الثوري» بوصفه جهازاً سياسياً وعسكرياً وأمنياً و«بيت المرشد» غطاءً عقائدياً، بالعودة إلى نظام الطبيعة الواحدة، وذلك حماية لبقائه وسط مرحلة من التحولات الكبرى الإقليمية والدولية، حيث تُعيد طهران إنتاج تحالفاتها وتعزز تموضعاتها الجيو - استراتيجية، خصوصاً بعد الحرب الأوكرانية - الروسية.
من هنا؛ فإن هلال المتحولات الذي يحيط بإيران يضعها بين خيارين؛ إما الاستعداد للتأقلم مع هذه المتغيرات الخارجية، التي تتطلب تحولات داخلية ستؤثر على شكل النظام، وإما خيار التموضع الكامل الذي يتطلب الاندماج الكامل مع من تعدّهم حلفاءها التقليديين (روسيا والصين)، وهذا يتطلب عملية عزل للدولة والمجتمع كما يجري مع كوريا الشمالية التي يخدمها موقعها الجغرافي وطبيعة شعبها، فيما تحاذي إيران سبع دول، ولا تستطيع عزل شعبها عن جواره اجتماعياً ولا عقائدياً ولا اقتصادياً، وهي متنوعة ثقافياً وعرقياً، لذلك يصبح نموذج كوريا الشمالية مكلفاً، مما يتطلب البحث عن نماذج أخرى... يتبع.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران النووية أي نموذج إيران النووية أي نموذج



GMT 20:42 2025 الخميس ,07 آب / أغسطس

شاعر الأندلس لم يكن حزيناً

GMT 20:40 2025 الخميس ,07 آب / أغسطس

كي لا تسقط جريمة المرفأ بالتحايل

GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 18:19 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 18:00 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 12:52 2013 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

هل الدكتور دكتور والمهندس بالفعل مهندس؟

GMT 00:29 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

مشاحنات في جنازة سعيد بونعيلات بين عائلته ورفاقه

GMT 20:49 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 05:23 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات فساتين للمحجبات من أسبوع الموضة في نيويورك

GMT 22:09 2015 الثلاثاء ,17 شباط / فبراير

افتتاح فرع جديد من "المطعم البلدي" في مراكش

GMT 02:51 2015 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

شاب هندي يعاني من مرض الشيخوخة المبكرة

GMT 23:51 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

تفاصيل "اجتماع الأزمة" بين أبرشان ولاعبي اتحاد طنجة

GMT 20:35 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تطورات جديدة في قضية لطيفة رأفت ضد رئيس الوزراء المغربي

GMT 09:16 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بلاك شاينا أنيقة خلال توزيع جوائز "BET Hip Hop"

GMT 08:03 2018 الإثنين ,14 أيار / مايو

طرق وخطوات تطبيق "الأيلاينر الأومبري"

GMT 17:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تدريبات خاصة ليوسف القديوي لاستعادة لياقته البدنية

GMT 22:47 2016 الجمعة ,18 آذار/ مارس

حلم كأس العالم يعود يا إماراتيون

GMT 17:10 2015 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فجر السعيد تضع حدا للخلاف مع الفنانة الإماراتية أحلام

GMT 03:22 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إلهام البورقادي وصيفة لبطلة العالم في الكيك بوكسينغ

GMT 00:45 2017 الأحد ,24 أيلول / سبتمبر

ياسر المصري يوضح أن شخصية الزعيم ثرية جدا
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca