إدارة بايدن تكتشف ايران... بخجل!

الدار البيضاء اليوم  -

إدارة بايدن تكتشف ايران بخجل

خيرالله خيرالله
بقلم : خيرالله خيرالله

لا تزال "الجمهوريّة الإسلاميّة" في ايران تأمل بالإستفادة من التطورات ذات الطابع الدراماتيكي التي يشهدها العالم في ضوء حرب أوكرانيا التي خلقت ازمة في مجال الطاقة. تعتقد انّ الوقت يعمل لمصلحتها. لا تزال ترفض اخذ العلم بانّ ليس في استطاعتها لعب أدوار اكبر من حجمها وأنها لا تمتلك نموذجا صالحا للتصدير في أي مجال من المجالات، حتّى في الداخل الإيراني نفسه، وذلك منذ قلب النظام الشاه في العام 1979.

في تلك السنة المفصليّة التي مرت فيها المنطقة والعالم، قام في ايران نظام جديد قائم على نظريّة "الوليّ الفقيه". تحوّل هذا النظام مع مرور الوقت إلى نظام "الحرس الثوري". هل تبدو إدارة بايدن مستعدة للتعايش مع "الحرس الثوري"؟ هل مسموح لـ"الحرس الثوري" التحكّم بالمنطقة مباشرة او عبر ميليشياته المذهبيّة المنتشرة في العراق وسوريا ولبنان واليمن؟

ما لا بدّ من ملاحظته قبل أسابيع قليلة من توجه الرئيس جو بايدن إلى المملكة العربيّة السعوديّة أنّ الإدارة الأميركية بدأت تكتشف ايران، وإن بخجل، وبدأت تدرك انّه يستحيل عليها، في ضوء ما يمرّ فيه العالم، السير في النهج الذي سارت عليه الإدارات السابقة، بما في ذلك إدارة باراك أوباما التي كان فيها بايدن نائبا للرئيس طوال ثماني سنوات.

انتقلت من مرحلة استرضاء ايران إلى ما يمكن وصفه بنقلة في اتجاه الحدّ من طموحاتها ووضعها في حجمها الطبيعي. يحصل ذلك في ضوء انتقالها من مرحلة تجاهل دول الخليج العربي... إلى مرحلة الدخول في حوار استراتيجي معها. فرضت هذا الحوار حاجة العالم إلى الطاقة. اكتشف بايدن أنّه في حال كان مهتما فعلا بعلاقة جديدة في مستوى مختلف مع حلفائه في الخليج والمنطقة، علاقة تأخذ في الإعتبار التغيّرات التي يشهدها الشرق الأوسط والخليج والعالم، يبدو مهمّا التخلّص بادئ ذي بدء من التفكير الساذج لإدارة باراك أوباما. لا مجال لوضع أسس لعلاقة جديدة مع السعوديّة ودول المنطقة من دون التخلّص من تركة أوباما.

يعني التخلص من التفكير الساذج لإدارة أوباما، الذي اختزل مشاكل المنطقة كلّها وازماتها بالملفّ النووي الإيراني، السعي إلى فهم ما هو نظام "الجمهوريّة الإسلاميّة" على حقيقته. من اجل فهم هذا النظام ومشروعه التوسّعي على حقيقته، ليس كافيا النظر اليه من زاوية الاتفاق النووي. لا بدّ من النظر إليه من زاوية أوسع تشمل سلوك هذا النظام خارج حدوده. في أساس هذا السلوك رفعه شعار "تصدير الثورة". وهو شعار جرى تطويره مع مرور الوقت لتصبح لديه أدوات خاصة به لا تقتصر على الميليشيات المذهبيّة التابعة لـ"الحرس الثوري" فحسب، بل صار أيضا من بين هذه الأدوات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة التي استخدمت في غير بلد في المنطقة... واستخدمت في ضرب منشآت نفطيّة سعودية في خريف العام 2019.

يُفترض ان تكون لدى إدارة بايدن القدرة على تطوير مقاربتها للعلاقة مع ايران وذلك منذ سقوط الشاه ايران في العام 1979 وقيام نظام "الجمهوريّة الإسلاميّة" الذي اسسه آية الله الخميني. لم تكن لدى الخميني حسابات يريد تصفيتها مع شاه ايران فقط، أي مع الإيرانيين انفسهم. أراد الخميني تصفية حساباته مع دول المنطقة العربيّة كالعراق، خصوصا، ودول الخليج. في مقدم هذه الدول الخليجية تأتي المملكة العربيّة السعوديّة التي سعت منذ البداية إلى إقامة علاقات تعاون طبيعية مع "الجمهوريّة الإسلاميّة" ولكن من دون نتائج ايجابيّة تذكر. هل يستطيع الرئيس الأميركي في المرحلة الراهنة بالذات استيعاب خطورة تحوّل جزء من اليمن قاعدة للصواريخ والمسيرات الإيرانيّة؟

توجد حاجة إلى نقطة انطلاق مختلفة للسياسة الأميركية تجاه المنطقة كلّها في عالم غيّرته الحرب الروسيّة على أوكرانيا تغييرا كلّيا. لا يمكن لنقطة الإنطلاق هذه أن تكون أسيرة عقدة اسمها إدارة دونالد ترامب التي مزقت الاتفاق النووي مع ايران في العام 2018. ليس كلّ ما فعلته إدارة ترامب سيئا. لم تقدم تلك الإدارة على تمزيق الاتفاق النووي إلّا بعد اكتشافها انّ ايران استغلت الاتفاق بهدف محدّد. يتمثّل هذا الهدف في التوسع اكثر في المنطقة عبر تمويل ميليشياتها. يكفي ان تتعلّم إدارة بايدن من درس مسارعتها إلى رفع الحوثيين في اليمن عن قائمة الإرهاب للتأكّد من غياب أي جدوى من استرضاء ايران والرضوخ لشروطها كما فعل باراك أوباما. تجاهل أوباما وجود "خط احمر" وضعه امام النظام السوري عندما استخدم الأخير السلاح الكيميائي في الحرب التي يشنها على الشعب السوري في آب – أغسطس من العام 2013. نسي "الخط الأحمر" الذي تحدث عنه بنفسه كي لا يزعج "الجمهوريّة الإسلاميّة". صار، وقتذاك، يرى كلّ الألوان باستثناء الأحمر!

مقاربة جديدة ام لا، ذلك هو السؤال الذي لا مفرّ من طرحه قبل مجيء بايدن إلى السعودية بحثا عن تفاهم جديد مع المملكة ولد من الحاجة إلى النفط. مثلما أعاد الرئيس الأميركي اكتشاف اهمّية السعوديّة ومنطقة الخليج، يبدو أنّ عليه اكتشاف ايران وما تفعله في المنطقة، منذ 1979 بدل الإتكال على خبرة شخص معجب بايران مثل روب مالي المسؤول عن ملفّ "الجمهوريّة الإسلاميّة" في الإدارة!

أي جو بايدن ستستقبله السعوديّة التي تمرّ حاليا في تحوّلات كبيرة لم تشهد مثيلا لها منذ أيام الملك عبدالعزيز؟ أي جو بايدن سيتعاطى مع قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربيّة ومع الملك عبدالله الثاني والرئيس عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي... هذا اذا تمكن الكاظمي من حضور اللقاء المقرر مع بايدن في السعوديّة؟

ستكون زيارة الرئيس الأميركي للسعودية في غاية الأهمّية، لا لشيء سوى لأنها دليل على تحول أميركي مبني على اكتشاف واشنطن أخيرا ان استرضاء ايران هو الطريق الأقرب إلى حال من اللاستقرار في الخليج والشرق الأوسط.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إدارة بايدن تكتشف ايران بخجل إدارة بايدن تكتشف ايران بخجل



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 11:50 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 08:12 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

أويلرز يفوز على مونتريال في دوري هوكي الجليد

GMT 05:03 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

شخص ملثم أضرم النار داخل مسجد فجر الاربعاء

GMT 17:08 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"المغرب اليوم" يكشف عن أجر "جون سينا" في" التجربة المكسيكية"

GMT 06:44 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

"كالابريا" أحد كنوز إيطاليا الخفية عن أعين السائحين

GMT 01:14 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

مرتجي يؤكد استعداد الأهلي إلى "حدث تاريخي"

GMT 06:21 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

أحلام تهتف باسم الملك وتُغني للراية الحمراء

GMT 20:38 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

"شعبي نايت لايف" حفلة ضخمة للطرب في عيد الفطر
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca